قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن جماعات سورية مسلحة تعرّض المدنيين للخطر، من ضمنهم نساء، وتحتجز أسرى من الجنود في أقفاص معدنية في كامل أنحاء الغوطة الشرقية. وتقول المجموعات المسلحة إنها تقوم بذلك لردع الهجمات الحكومية العشوائية على المنطقة.
كما قالت هيومن رايتس ووتش إن استخدام الجنود الأسرى والمدنيين بهذه الطريقة غير القانونية يجعلهم عرضة إلى الخطر. وتُعدتبر هذه الممارسات اختطاف رهائن واعتداء صارخ على كرامتهم الشخصية، وهما جريمتا حرب.
قال ، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش نديم حوري: "لاشيء يبرر وضع الناس في أقفاص وجعلهم عرضة إلى الأذى، حتى لو كان الغرض من ذلك إيقاف الهجمات العشوائية الحكومية. يتطلب إنهاء دوامة العنف في سوريا من داعمي الجماعات المسلحة الدوليين وكذلك الحكومة جعل حماية المدنيين أولوية قصوى."
يُظهر شريط فيديو نُشرته شبكة شام الإخبارية، إحدى القنوات المعارضة، في 1 نوفمبر/تشرين الأول 2015، شاحنات تنقل أقفاصا، يحتوي كل واحد منها على أشخاص يتراوح عددهم بين 4 و8 رجال أو نساء.
يقول النص المرافق: "قام الثوار في الغوطة منذ الأمس بنشر 100 قفص، في كل قفص حوالي 7 أشخاص، والخطة ماضية لتصنيع 1000 قفص ونشرها في الغوطة الشرقية وفق ما أشارت إليه مصادر ميدانية. تحوي الأقفاص التي تم نشرها على بعض الأسرى من الضباط العلويين وزوجاتهم. وُزعت على عدة مناطق في مدينة دوما وخصوصا في الأماكن العامة والأسواق التي دأب النظام والطيران الروسي على قصفها في السابق". تضمن الفيديو أيضا لقطات لمقابلات مع عقيد ركن وامرأتين علَويتين محتجزين في الأقفاص المعدنية.
يُعتبر جيش الإسلام، بزعامة زهران علوش، أكبر مجموعة مسلحة في الغوطة الشرقية. ورغم أنه نفى مسؤوليته عن هذا الأمر، إلا أن المرصد السوري لحقوق الإنسان اتهمه بالقيام بذلك.
وفقا للجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في سوريا، قامت جبهة النصرة وجيش الإسلام باختطاف مئات المدنيين، معظمهم من العلويين، أثناء المعارك التي دارت بين الجماعات المسلحة والقوات الحكومية قرب منطقة عدرا العمالية في ديسمبر/كانون الأول 2013. ويُحتجز هؤلاء الرهائن، وأغلبهم من النساء والأطفال، في أماكن مجهولة في الغوطة الشرقية، وثمة مخاوف من أن يكونوا من بين المحتجزين في الأقفاص.
نفذت قوات الحكومة السورية هجمات متكررة على المناطق السكنية والأسواق الشعبية في الغوطة الشرقية والتي لا يزال يعيش فيها 150 ألف مدني بحسب تقديرات. وفي 30 أكتوبر/تشرين الأول، تسببت هجمات حكومية على سوق في دوما، وهي أكبر بلدة في الغوطة الشرقية، في مقتل 70 شخصا على الأقل وإصابة 550 آخرين بجروح ، وفقا لمنظمة أطباء بلا حدود. وفي 16 أغسطس/أب، قتلت هجمات جوية حكومية على الأسواق الشعبية في دوما والمناطق السكنية 112 شخصا، قال شهود عيان ومسعفون إن غالبيتهم من المدنيين. زادت هذه الهجمات من سوء الوضع الناتج عن الحصار المفروض من قبل القوات الحكومية على الغوطة الشرقية، وهو ما يحد من فرص الحصول على الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الطبية.
يتضمن مقطع فيديو شبكة شام الإخبارية مقابلات مع سكان محليين يبررون فيه استخدام الأقفاص بالقول إنها ستردع الهجمات. ويظهر في نفس المقطع مراهق يقف إلى جانب أحد الأقفاص ويقول: "نساؤكم هن نساؤنا. إن كنتم تريدون قتل والدتي، ستقتلونهم أيضا."
وفي 30 أكتوبر/تشرين الأول، يوم الهجمات الحكومية على دوما التي قُتل فيها 70 شخصا وفقا لتقارير، اجتمعت الجهات الفاعلة الرئيسية على الصعيدين الإقليمي والدولي حول سورية في فيينا لمناقشة الصراع، وأصدرت بيانا من تسع نقاط اتفقت فيه على بعض القضايا، ولكنها فشلت في الاتفاق على إجراءات فورية لوقف الهجمات العشوائية.
في حالات النزاع المسلح التي ينطبق عليها القانون الإنساني الدولي، يعتبر احتجاز الرهائن جريمة حرب. يُعرف هذا على أنه احتجاز أشخاص ومن ثم التهديد بهم لإجبار طرف ثالث على القيام بأفعال محددة أو الامتناع عن القيام بها كشرط صريح أو ضمني لإطلاق سراح الرهائن أو المحافظة على سلامتهم.
يحظر القانون الدولي الإنساني أيضا الاعتداء على الكرامة الشخصية، والتي تم تعريفها في أركان الجرائم في المحكمة الجنائية الدولية على أنها الأفعال التي تذل أو تحط أو تنتهك كرامة الشخص إلى درجة يُنظر إليها على أنها تعدٍ على الكرامة الشخصية.
كما يحظر القانون الدولي "استخدام الدروع البشرية"، حيث تحظر اتفاقيات جنيف والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية استخدام الدروع البشرية في سياق استخدام تواجد المدنيين أو غيرهم من الفئات المحمية، مثلا لمقاتلين محتجزين، لتحصين نقاط عسكرية أو مناطق أو قوات من العمليات العسكرية. ترسخ ممارسات الدول هذا المبدأ على أنه عُرف من القانون الدولي المطبق في النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية.
هذه ثاني حادثة يُعلن عنها في سورية تتعلق بوضع معتقلين في أقفاص لاستخدامهم في محاولة لردع هجمات. ففي 13 سبتمبر/أيلول، نشرت صفحة فيسبوك محلية تنشر أخبار الفوعا وكفريا، البلدتان الشيعيتان المحاصرتان في إدلب من قبل جيش الفتح (وهو ائتلاف مكون من جماعات معارضة مسلحة بما في ذلك أحرار الشام وجبهة النصرة)، صورا لقفص ادعت أنه يحوي معتقلين من مقاتلي جيش الفتح. وضع المدافعون عن البلدتين القفص على سطح مبنى في المناطق المحاصرة حيث كان الهدف المعلن منه، بحسب تقارير، هو ردع القصف العشوائي من قبل جيش الفتح.
يقول نديم حوري: "لا يحصل السوريون على حماية عبر مجرد تصريحات في المؤتمرات الدولية. يجب أن يتضمن مسار اللاعبين الدوليين والإقليميين للحل تدابير ملموسة لإجبار الأطراف المتحاربة على إطلاق سراح الآلاف من الأشخاص المحتجزين بصورة غير مشروعة مع وقف الهجمات العشوائية".