ما الذي يجعل الإنسان أحياناً أطهر وأكثر إيثاراً من الملائكة، وما الذي يجعله أحيانا أخرى أشد بأسا وغرورا وأنانية من الشيطان نفسه؟
سؤال من الصعب الإجابة عليه، ومع ذلك نرى من يقدم نفسه أضحية من أجل الآخرين، ويقبل بكل أنواع الذل والتعذيب والسجن من أجل بني جلدته، ويعيف جميع مباهج الدنيا من أجل الإنسانية. في حين هنالك إنسان آخر يقبل بأن تقتل عشرات الألوف من البشر من أجل أن يخلد ذكره فقط كما فعل ملوك الفراعنة عند بنائهم لقبورهم «الأهرامات»، ولا يخجل الكثير منهم في وقتنا الحاضر وهو يشاهد مئات الآلاف من أطفال إفريقيا والدول الفقيرة وهم يموتون جوعا وعطشا وهو يكنز المليارات.
أتتني هذه الفكرة وأنا أقرأ تقريرا صحافيا عن أفقر رئيس دولة عرفه العالم وأكثرهم كرما وإنسانية، رئيس الأوروغواي السابق خوسيه موخيكا، وكيف اشترط عندما تم توجيه دعوة له من قبل حزب الشعب الجمهوري في تركيا «أكبر الأحزاب المعارضة في تركيا»، على أن يلبي الدعوة بشرط أن يسكن في أرخص الفنادق وأن يتنقل في سيارة فولكسفاجن كالتي كان يقتنيها عندما كان رئيساً، حيث لم تتجاوز تكلفة سكنه لتركيا ولمدة عشرة أيام 900 دولار شاملة الفطور!
موخيكا الذي يبلغ من العمر الآن 80 عاماً، أصبح رئيساً للأوروغواي منذ 2010، وكان مقاتلاً سابقاً في منظمة توباماروس الثورية اليسارية. وعمل وزيراً للثروة الحيوانية والزراعة والثروة السمكية من سنة 2005 حتى 2008، كما عمل بعدها بمجلس الشيوخ، ثم فاز بالانتخابات الرئاسية لسنة 2009 وتولى الرئاسة في الفترة من (1 مارس/ آذار 2010) الى (1 مارس 2015). وتم وصفه بـ «أفقر رئيس في العالم» بسبب أسلوب حياته التقشفي وتبرعه بقرابة تسعين في المئة من راتبه الشهري الذي يساوي 12 ألف دولار أميركي للجمعيات الخيرية. واكتفى بمجرد 1250 دولاراً في حين أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي للمواطن في الأوروغواي يبلغ 12 ألفاً و600 دولار، إذ إن الأوروغواي واحدة من أكثر بلدان أميركا الجنوبية نموًّا من الناحية الاقتصادية، حيث الناتج المحلي الإجمالي للفرد مرتفع ونوعية الحياة في المرتبة 48 عالميًّا. كما فتح أبواب قصره الرئاسي، الذي رفض العيش فيه، للأشخاص المشردين في حال عدم اكتفاء مراكز إيواء المشردين.
صورة أخرى من الإيثار يمثلها الزعيم العربي الخالد جمال عبدالناصر، الذي كان في حساباته البنكية عند وفاته مبلغاً لا يتجاوز 3700 جنيه مصري وبعض السندات والأسهم التي لم تكن تتجاوز قيمتها أكثر من ذلك.
وبنظرة حول الثروات التي يمتلكها زعماء العالم في عصرنا هذا والتي تفوق ما كان يمتلكه قارون في زمانه، يمكن أن نكتشف أن روح الفراعنة مازالت حاضرة حتى الآن بعد مرور أكثر من 4000 سنة من تاريخ الإنسانية ومازال السواد الأعظم من المتحكمين في رؤوس الأموال يجنون ثرواتهم من فقر وجوع الإنسان «المتخلف» حتى وصلنا إلى عصر الرأسمالية المتوحشة إذ يظهر «الكبار» أبشع صور الاستغلال والبطش والقتل في سبيل زيادة ثرواتهم بالمليارات.
إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"العدد 4805 - الإثنين 02 نوفمبر 2015م الموافق 19 محرم 1437هـ
ماذا تتوقع اذا
البشر اكثرهم جشعين الا القليل القله من زمن الفراعنه الى هالزمن
كل شئ له حل إلا الطائفية
إذا لم يحكم العراق وطني لايفرق بين العراقيين مذهبين ويبدأ بحزب ويكون خليط وليس على أساس أي عنصرية
احسنت
بارك الله فيك
زعماء يملكون عشرات المليارات وبلادهم بلا بنية تحتية
في الغرب حيث تظهر حقائق الزعماء ... والعوائل ا.... هناك حيث تتكدّس المليارات في البنوك وتغض الشوارع بالسيارات الفارهة تجوب شوارع العواصم الغربية .
بينما الشعوب تئن تحت وطأة الديون والفقر المتقع
عبد علي البصري
اخونا جميل المحاري هذا الشخص لو اودونه العراق , اويبنون ليه بيت بين مقام الامام علي عليه السلام وبيت السيد علي السستاني , لكان اشرف من بيوت بعض الوزراء و البرلمانيين و البلديين في هذا البلد الذي اتعبته ايادي الارهاب والتفجيرات و أيادي الفساد و الانانييه والطائفيه .
العراق مايتركع اذا الأحزاب الطائفية ظلت تحكمه
استبدلوها باحزاب وطنية عراقية لا تفرق بين الشعب