في إحدى الجامعات في كولومبيا حضر أحد الطلاب محاضرة مادة الرياضيات، وجلس في آخر القاعة ثم نام بهدوء، وفي نهاية المحاضرة استيقظ على أصوات الطلاب ونظر إلى السبورة فوجد أن الدكتور كتب عليها مسألتين، فنقلهما بسرعة وخرج من القاعة وعندما رجع البيت بدأ يفكر في حل هاتين المسألتين، وكم كانتا صعبتين، فذهب إلى مكتبة الجامعة وأخذ المراجع اللازمة.

بعد أربعة أيام استطاع أن يحل المسألة الأولى، وهو ناقم على الدكتور الذي أعطاهم هذا الواجب الصعب!

وفي محاضرة الرياضيات اللاحقة استغرب أن الدكتور لم يطلب منهم الواجب، فذهب إليه وقال له: يا دكتور لقد استغرقت في حل المسألة الأولى أربعة أيام وحللتها في أربع أوراق.

تعجب الدكتور وقال للطالب: لكني لم أعطكم أي واجب!

والمسألتان كتبتهما على السبورة لإعطاء أمثلة على المسائل التي عجز العلم عن حلها!

إن هذه القناعة السلبية جعلت الكثير من العلماء لا يفكرون حتى في محاولة حل هذه المسألة، ولو كان هذا الطالب مستيقظاً وسمع شرح الدكتور لما فكر في حلها.

الحوادث المشابهة في حياتنا كثيرة؛ فكم من بابٍ لم نطرقه؛ لأن من سبقنا أخبرنا أنه لا يفتح، أو أن مقبضه مكسور من غير أن نتأكد بأنفسنا من ذلك، فخسرنا علماً، ورزقاً، ومحبةً، وسلاماً وكثيراً من الفرص التي كنا نحن السبب الرئيس في خسرانها بتخاذلنا وتصديقنا ما يضعه غيرنا من حواجز وحجج واهية.

في الحياة بعض فرص تطرق الباب مرة واحدة في العمر، وإن لم يُفْتَح لها ويُرَحَّب بها فإنها تغادر من غير رجعة.

تغادر؛ لأن هناك من ينتظرها ويفتح لها كل أبوابه ونوافذه ويتربص بها كي لا تفر من بين يديه، وهي لا تحب المترددين ممن لا يكلفون أنفسهم عناء التجربة والبحث والعمل.

لو سلّم كل فردٍ من مجتمعنا بكل المستحيلات التي يسمعها من حوله، لما استطاع أحدٌ أن يكتشف جديداً، ولما تمكن رواد الفضاء من سبر أغواره التي مازالت عصية على الإلمام، ولما اكتُشِفَ كل ما اكتُشِف من حولنا وبعيداً عنا، ولما اخترع عالم اختراعاً تدعو له كل البشرية بالخير لأنه فعل.

لو سلمنا جميعاً لطريقة تعليم واحدة، وطريقة تفكير واحدة، وطريقة حياة واحدة، لما تنعمنا بما نحن عليه من حياة زاخرة بسبل الراحة، ولما ألف كاتبٌ كتاباً أو اخترع عالمٌ نظريةً أو اكتشف علماً جديداً، ولما استطعنا أن نتلقَّى كل تلك الفنون أو العلوم المختلفة في مجالاتها ومدارسها، والتي لولاها لباتت أيامنا وليالينا كأيام وليالي من سبقنا من أجداد وأجيال.