العدد 2471 - الخميس 11 يونيو 2009م الموافق 17 جمادى الآخرة 1430هـ

موسوي أم نجاد؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

اختتمت إيران أمس حملة انتخابية صاخبة دامت ثلاثة أسابيع، من التجمعات الشعبية الحاشدة، والمناظرات التلفزيونية التي تابعها الإيرانيون بذهول واستغراب.

لن تمرَّ ست ساعات على طباعة هذا العدد، حتى ينزل الإيرانيون في الثامنة صباحا ليختاروا رئيسهم المقبل، من بين أربعة مترشحين، ستنحصر المنافسة بين اثنين من «الأفندية»، بعد استبعاد محسن رضائي (القادم من رئاسة الحرس الثوري) ومهدي كروبي (المعمّم القادم من رئاسة البرلمان).

هذه الانتخابات أظهرت الانقسامات السياسية العميقة بين الإصلاحيين والمحافظين، والاصطفافات الاجتماعية الكبرى، وخصوصا بين سكان الريف المؤيدين لنجاد (52 عاما)، والمدن المؤيدين لموسوي (67 عاما)، وإن لم يكن ذلك دقيقا جدّا.

اللافت في هذه الانتخابات فتح باب المساجلات التلفزيونية، التي انتهت باعتزال المترشحين الثلاثة بحجة عدم منحهم وقتا مساويا من البث. ومع ذلك شهدت هذه المناظرات تبادل الاتهامات الحادة والقاسية، وفي قمتها الاتهام بالكذب، سواء على لسان رفسنجاني (حليف كروبي) أو نجاد الذي اتهم منافسيه باستهدافه شخصيا على طريقة هتلر!

الانتخابات تثبت أن كلّ هؤلاء بشرٌ لهم أخطاء ونواقص وكبوات، رغم خروجهم من رحم نظام الجمهورية الإسلامية، الذي يمكن أن يواجه مأزقا أخلاقيا كبيرا لو نجح معمَّمٌ يعترف جهارا بأنه تلقى أموالا أو عقارا من شخصٍ ما، دون أن يَسأل عنها لمجرد أنه من رجال الدين! والجمهور هو الذي سيحكم عليهم على ضوء مواقفهم وسياساتهم، دون تزكيةٍ مسبقةٍ بالإيمان، أو حكمٍ مطلقٍ بالاستقامة التي ترفض النقد والمراجعة والتصحيح، أو ادعاء الأسبقية والتميّز على الناس.

موسوي وعد الناس بمزيدٍ من الانفتاح في الداخل والخارج، وخصوصا مع رحيل إدارة بوش وسياساتها العدوانية، وتبشير خلفه أوباما بفتح صفحة جديدة قائمة على الحوار والاحترام المتبادل، وهو أمرٌ يلقى هوى وتأييدا كبيرا لدى الشباب الذي يشكّل أكثر من نصف سكان إيران.

أما نجاد، فيعتمد على ما تحقّق من حضورٍ لبلاده في المشهد العالمي في عهده؛ وإنجازاتٍ في المجال العلمي والعسكري، مع انه لم يبدأها من الصفر، وإنما بنى على ما أسّسه رفسنجاني وخاتمي. بل ان اليونيسيف تذكر إحصاءات تشير إلى تحسّن الوضع الصحي وارتفاع متوسط العمر خلال العقدين الماضيين.

إيران - بحسب اليونيسيف أيضا - تمر بمرحلةٍ انتقاليةٍ من مجتمع ريفي تقليدي إلى بلد نصف صناعي، وتعاني من ارتفاع نسبة البطالة (24 في المئة) واختلال توزيع الدخل ومستوى الفقر (18 في المئة). ومثل هذا البلد لا يحتاج إلى فيلسوفٍ أو مثقّفٍ معجبٍ بنفسه كثيرا، تكاد تذبحه النرجسية كالطاووس، يحتقر الجماهير وتحتقره. بلدٌ يحتاج إلى حاكمٍ متواضع، يفهم نفسية الجمهور، يصلّي على الرصيف، وينام على الأرض دون لحاف، ليواسي فقراء الناس وضعفاءهم، «لئلا يتبيّغ بالفقيرِ فقرُه» كما في فلسفة علي بن أبي طالب الواقعية جدا. ولا يخجل حين يعلّق أحد المشاهدين على هيئته البسيطة التي لا تصلح لمنصب الرئيس، فالمناصب تعتمد على قصة الشعر المرجّل بالجل! فيردّ بكل أريحية: «نعم... أنا لم أرشّح نفسي لمنصب الرئيس، وإنّما لأكون خادما لهذا الشعب، ألا يدل وجهي على ذلك؟».

اليوم سيقرّر الإيرانيون الرئيس الذي سيقود بلادهم لأربع سنوات مقبلة، وعلى العالم الخارجي الانتظار، لمن تُعطى الراية غدا... موسوي أم أحمدي نجاد!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2471 - الخميس 11 يونيو 2009م الموافق 17 جمادى الآخرة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً