أكد نائب وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن، دعم بلاده لمن يرفض العنف، وخص بالذكر عدداً من الدول من بينها، البحرين، اليمن، ليبيا، ومصر، مجدداً الدعوة للمشاركة في العملية السياسية، وضمان التقدم المستدام من خلال بناء أنظمة سياسية متسامحة مع جميع الفئات.
وقال، في كلمته أمس السبت (31 أكتوبر/ تشرين الأول 2015)، خلال مشاركته في مؤتمر حوار المنامة: «علينا استخلاص العبر، وأن نكون متفائلين، فمهما اختلفت اعتقاداتنا، علينا الدعوة للحرية والاستقرار، ولحظة أن نبدأ في ذلك، فإن البناء سيشمل الجميع، سنة وشيعة، محافظين وليبراليين، والجميع، شريطة العمل بسلام، أما عدم تحقق ذلك، فسيعني استغلالاً من قبل الارهابيين الذي يعملون بقاعدة فرّق تسُد».
وتقدم نائب وزير الخارجية الأميركي بالشكر إلى»حكومة البحرين وسمو ولي العهد على عقد مؤتمر حوار المنامة في الوقت السانح، كما يسرنا التواجد في البحرين التي طالما كانت صديقة وحليفة لنا».
وبدأ نائب وزير الخارجية الأميركي حديثه عن جملة التحديات التي تهدد أمن المنطقة، بالقول: إن «الأمور تتجه إلى التعقيد أكثر من أي وقت مضى، فنحن أمام قوى تتداخل في حدود الدول، وهنالك ترابط اقتصادي يتطلب من الحكومة المساءلة عن الفاعلين الحكوميين وغيرهم»، لافتاً إلى أن هذا الترابط أدى إلى أن يصبح الوضع أكثر هشاشة، من بين ذلك ظهور التطرف الديني، ما أدى إلى التأثير على الدول، وهذا بدوره أدى إلى التأثير على المواطنين من الرجال والنساء والأطفال، عبر تشريدهم، حتى باتت المشكلة أكبر من قدرة المساعدات الإنسانية، وهو الأمر الذي يتجلى في منطقة الشرق الأوسط.
إزاء ذلك، دعا نائب وزير الخارجية الأميركي إلى إعادة التقييم وإعادة العمل على صقل المستقبل في منطقة الشرق الأوسط، وذلك لضمان مشاركة الجميع واحترام حقوق المواطن.
وأضاف «مؤخراً، يقال إن أميركا سحبت تدخلها في منطقة الشرق الاوسط، وهذه ادعاءات خاطئة، فنحن نشارك على عدة مستويات، دبلوماسية وثقافية وغيرها أكثر مما كان عليه الامر في السابق، لذلك فإن الحديث يجب أن يطول طبيعة تدخلنا، فنحن لدينا تعريف أوسع للتدخل ممثلاً في استخدام جميع الموارد الأميركية الاقتصادية والدبلوماسية والتعليمية وغيرها من أجل بناء قدرات الأشخاص وبما يعزز من القوة والثقة».
وتابع «قد يشمل ذلك التدخل لفرض النظام، لكن علينا اعتماد مقاربة استراتيجية، فللتدخل العسكري عواقب وخيمة، لتبقى الإشارة إلى أفضلية الحلول المستدامة والتي تأتي من الشعوب والحكومات، لا أن تكون مفروضة من الخارج، وصولاً إلى مواجهة التهديدات المشتركة عبر تمكين الأطراف لبناء مستقبل أفضل».
وأردف «ملتزمون بالدفاع عن أصدقائنا، وذلك يأتي في إطار المصالح السياسية للمنطقة، فعلى رغم أننا في أميركا لدينا كفاية من الطاقة، فإننا لانزال نعتمد على منطقة الشرق الأوسط، وفي حال لم نعمل على ضمان مستقبل أفضل فلا اقتصاد من دون سلام، وانطلاقاً من ذلك جاءت المساعي الخاصة بالاتفاق النووي مع إيران».
وحول ذلك، قال نائب وزير الخارجية الأميركي: «لدينا وعي لآثار الاتفاق النووي، كما أن لدينا تركيزاً على أهداف إيران التي نعرف عنها زعزعتها للأمن ودعمها للإرهاب، لذلك نعمل على تعزيز تعاوننا من أجل مواجهة الخطر الإيراني، وهو أمر يؤدي إلى نتائج ملموسة ترتبط بمسائل تعزيز أنظمة الدفاع الصاروخية وتمويل الإرهاب، إلى جانب عملية البيع العسكري لكل من السعودية، البحرين، الإمارات والكويت».
وأضاف «إلى جانب ذلك، فقد انضممنا للتحالف ضد «داعش» ولدينا جهود شاملة لمكافحة الخطاب السياسي لـ»داعش، وهزيمته، بموازاة الضربات الجوية البالغ عددها 7 آلاف ضربة والتي قلصت الرقعة الجغرافية التي احتلها «داعش»، وأملنا كبير في تحرير البقية من أجل عودة ملايين المشردين».
كما بيَّن أن الضربات العسكرية في العراق استهدفت مناطق شهدت مجازر دامية، واليوم تعيش مدن من بينها بغداد وأربيل، وهي خالية من الخطر، بل إن ذلك تمخض عن تغير حلفائنا في العراق وخصوصاً في الأنبار، كما أن الحكومة العراقية دعمت كذلك العمل العسكري.
وتابع «في شمال سورية، المعارضة سيطرت على 85 في المئة من المنطقة، ونأمل إخراج «داعش» منها، كما اننا نساعد محاربي المعارضة على ممارسة الضغوط على منطقة الرقة،عاصمة «داعش»، غير أنه عاد ليشدد على ضرورة ان تكون الحلول داخلية من خلال حكومات تخضع للمساءلة، وهذا بدوره يطرح أهمية الحل السياسي.
وردّاً على سؤال بشأن الحدود السورية التركية، قال: «في الشهر الماضي، تم سحب 85 في المئة من المناطق الحدودية من سيطرة «داعش»، وجنوباً نعمل مع الأردن، أما شرقاً وشمالاً وجنوباً، فنحن ساعون بكل حزم لسحب البساط من تحت أقدام «داعش»، نافياً في الوقت ذاته وجود أي تواصل مع تنظيم «داعش»، فـ»لا وجود لمشروع مشترك، ولهم موقفهم ولنا موقفنا».
وتوافق حديث نائب وزير الخارجية الأميركي مع ما ذكره وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، بشأن اعتبار الأزمة السورية، أكبر تحدٍّ تواجهه المنطقة، وقال: «يجب ان نوجد حلاًّ قريباً لذلك، وهذا ما يسعى للتوصل إليه وزير الخارجية الأميركي جون كيري، حيث التقت الدول المعنية مؤخراً للاتفاق على جملة عناوين شملت وقف اطلاق النار، العملية السياسية، وايقاف النزاع».
وبشأن التدخل الروسي العسكري في سورية، قال «سيؤدي ذلك إلى سيطرة روسيا على الرئيس السوري بشار الأسد، لكن ذلك سيعزز من نزاعات المنطقة، وهذا الأمر يحث روسيا على دعم عملية انتقالية لا الوقوف ضدها، ففي نهاية المطاف قد يمنع التدخل الروسي هزيمة الأسدـ لكنه لن يؤدي إلى انتصاره، كما أن ذلك سيربط روسيا بإيران وحزب الله، الأمر الذي سيثير الغضب ضدها».
ونوه إلى ان الضربات الروسية لم تحقق اي انجازات على الأرض، واستدرك «على رغم ذلك، نقول ان لدينا مصالح مشتركة من بينها محاربة «داعش» ودعم الدولة العلمانية في سورية، وعليه فلابد من عملية سياسية تخرج الأسد من الحكم».
وخاطب الجانب الروسي بالقول: «على الجميع أن يفهموا بنحو متزايد، أن لا حل عسكريًّا حاسماً في سورية، وعليه فلا يمكن للأسد تحقيق الانتصار واستعادة ما فقده حيث يسيطر حاليّاً على 20 إلى 30 في المئة من بلاده، كما أن الضغوط ستزداد عليه بلا هوادة، فنحن ندعم المعارضة هناك ولن نناقش نظريّاً ما إذا كانت جهودنا ستؤثر، فلدينا خطط طارئة لكل ذلك.
كما بين ان بامكان روسيا الاستمرار لبعض الوقت، لكن مع مرور الأيام فان الكلفة سترتفع، وخاصة مع الحفاظ على التواجد في أوكرانيا وعلى الحدود، مشيراً إلى أن الرئيس الروسي فلا ديمير بوتين قادر على اتخاذ قرارات صارمة تكتيكية، لكنه في نهاية المطاف يرتكب أخطاء، وفي سورية الحرب لا يمكن الفوز بها عسكريّاً، وعلى روسيا النظر بعقلانية والتعاون معنا لمرحلة انتقالية.
وكشف نائب وزير الخارجية الأميركي عن أن أميركا ستقدم مساعدات بقيمة 100 مليون دولار للمعارضة السورية، ليقفز بذلك مجموع ما قدمته إلى 500 مليون دولار، وتطرق إلى إسهام بلاده بصندوق تعافي سورية لتوفير الخدمات الاجتماعية والصحية.
وقال «عند التوصل إلى حل سياسي، تنتهي الحرب، لكن ذلك سيعني بداية الدولة التي تحتاج إلى الدعم في ظل الوضع الهش الذي تعاني منه».
كذلك، تطرق نائب وزير الخارجية الأميركي إلى الوضع الليبي، موجهاً الدعوة إلى الحكومة الليبية من أجل العمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية للقضاء على الإرهاب، ومؤكداً استعداد أميركا للعمل كشريك معها من أجل ذلك.
في الشأن اليمني، قال نائب وزير الخارجية الأميركي: «نتشارك مع موقف دول الخليج، فلا مجال لفرض الأمور بالقوة، كما أننا نسعى لإعادة جميع الأطراف إلى المحادثات والعمل على حل الأزمة»، موضحاً حاجة اليمنيين إلى إدخال المساعدات ووضع حد لأعمال العنف.
أما فلسطين، فكان شأنها حاضراً في كلمة نائب وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن، عبر تأكيده أن أميركا ستدافع عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وتنويهه في الوقت ذاته إلى أهمية العمل على إعادة الأمل لتعايش دولتي فلسطين - إسرائيل، بسلام.
وفي إطار تعقيبه على أسئلة الحضور المطالبة بموقف أميركي أكثر وضوحاً في فلسطين، قال نائب وزير الخارجية الأميركي «في الواقع لا يمكننا أن ندفع بالسلام أكثر من دفع طرفي النزاع، وحين يظهر ذلك، سنبقى داعمين لمسار السلام والتعايش».
كما نوه إلى خطأ ارجاع مشاكل المنطقة وأزماتها للأزمة الفلسطينية. كذلك، تناول نائب وزير الخارجية الأميركي في كلمته في حوار المنامة، العلاقات الأميركية مع آسيا، وخاصةً الصين التي قال إن الرئيس الأميركي باراك أوباما انخرط في مباحثات مع الرئيس الصيني للتعامل مع مجموعة ملفات من بينها انتهاكات حقوق الانسان، وبالنسبة إلى بحر الصين، فقد كنا واضحين في الدعوة إلى حل النزاعات بطريقة سلمية، مضيفاً «سنحلق ونبحر في أي مكان يسمح لنا به القانون الدولي».
العدد 4803 - السبت 31 أكتوبر 2015م الموافق 17 محرم 1437هـ