تلقى الصينيون بفتور الجمعة الإعلان عن السياسة الجديدة التي تسمح بإنجاب "طفلين" لكل الأزواج مشيرين إلى غلاء المعيشة وضرورات الحياة المهنية في مجتمع أصبح مدينيا، ما يبعد احتمال حدوث "طفرة كبيرة" في الولادات.
وكان الحزب الشيوعي الصيني أعلن في بيان الخميس مبادرته التاريخية بإنهاء سياسة الطفل الواحد والسماح لكل زوجين بإنجاب طفلين.
ووصفت وسائل الإعلام الرسمية هذه الخطوة بأنها انتصار للاقتصاد والسكان الذين كانوا يقبلون بالقانون العائلي الملزم رغما عنهم مع ما سببه من فواجع ومآس فردية.
وكتبت صحيفة "غلوبال تايمز" في افتتاحية أن "الخطة الخمسية الجديدة يجب أن تعتبر انتصارا للإرادة الشعبية لان الكثير من السياسات القائمة تلبي نداءات تطلق منذ فترة طويلة" من قبل المجتمع المدني.
وتقررت السياسة السكانية الجديدة خلال مؤتمر عام للحزب الشيوعي الصيني الذي حدد الخطة الخمسية الثالثة عشرة للأعوام 2016-2020 التي لم تتسرب تفاصيل كثيرة بشأنها.
ولم تدل صحيفة الشعب الناطقة باسم الحزب الشيوعي الصيني بأي تعليق محدد على التخلي عن سياسة الابن الواحد.
وكان رافق تطبيق هذه السياسية انتهاكات عديدة وأعمال عنف حيال النساء خصوصا عبر الإجبار على الإجهاض والعقم.
رسميا، تجنب قرار المنع الصين ولادة 400 مليون شخص إضافي وسمح بالسيطرة على زيادة عدد السكان الذي تضاعف بين وصول ماو تسي تونغ إلى السلطة في 1949 ووفاته في 1976 عندما كان عدد السكان يبلغ نحو 950 مليون نسمة مقابل 1,37 مليار حاليا.
قرار متأخر
لكن كثيرين يرون أن إلغاء القرار جاء متأخرا ولن يسمح بعكس اتجاه السكان إلى الشيخوخة الذي يثير قلقا من إمكانية نقص اليد العاملة لاقتصاد الصين الذي يشهد تباطؤا.
وقال لو جيهوا الأستاذ في جامعة بكين لصحيفة بكين تايمز انه "بالنسبة للنساء الذين ولدوا في سبعينات القرن الماضي، سيكون ذلك فرصتهن الأخيرة على الأرجح" لإنجاب طفل ثان.
وقالت جون كوفمان الخبيرة في تخطيط الأسرة الصينية ومديرة مركز كولومبيا غلوبال في بكين ان تخفيف هذه السياسة في نهاية 2013 بالسماح بإنجاب طفل ثان اذا كان احد الزوجين ابنا وحيدا "لم يلق حماسا كبيرا".
وأضافت "كانوا يتوقعون نموا كبيرا في الولادات وذهب الناس ليتسجلوا من أجل إنجاب أبن ثان. هناك مزيد من المسجلين لكن بلا تتمة، لم يولد عدد اكبر من الأطفال ولا حتى أقل مما كان متوقعا".
وعلى شبكات التواصل الاجتماعي الصينية قوبل النبأ ببعض اللامبالاة الخميس. وقد احتل المرتبة الثامنة على سينا ويبو اكثر هذه المواقع شعبية وجاء بعد مواضيع خفيفة مثل الممثلة انجيلا بيبي.
وأشار تحقيق شمل أكثر من 150 ألف شخص ونشرت نتائجه صباح الجمعة على موقع سينا الالكتروني الى ان اقل من ثلاثين بالمئة من الأشخاص الذي شملهم لاستطلاع يرغبون في إنجاب طفل ثان.
لا دعم ماليا
وكان إنجاب عدد كبير من الأطفال هدفا كبيرا في الماضي لكن مع انتشار حياة المدن والاغتناء في الصين أصبح الأزواج يميلون أكثر فأكثر إلى إرجاء ولادة الابن الأول ليكرسوا أنفسهم لحياتهم المهنية.
وأكد كثيرون الجمعة أنهم يرغبون في طفل ثان لكنهم لا يملكون الوسائل المادية لتحقيق ذلك.
وحتى الآن كان إنجاب طفل ثان أو أكثر خيارا للأزواج القادرين على دفع غرامات كبيرة تفرض على المخالفين للقانون.
فالمخرج الشهير جانغ ييمو اضطر العام الماضي لدفع نحو مليون يورو عن أبنائه الثلاثة الذين "لم يخطط لإنجابهم".
ومثل كثيرين غيره، عبر احد مستخدمي الانترنت عن استيائه من الكلفة المتوقعة لطفل ثان. وقال أن "البلاد لا تقدم اي دعم مالي".
وأضاف آخر متسائلا "الشقق باهظة جدا. من يمكن أن يسمح لنفسه بإنجاب طفل؟".
وتابع ثالث انه لتسوية المشاكل الاقتصادية للصين "ربما يجب العمل بجد" بدلا من إنجاب أولاد.