العدد 4802 - الجمعة 30 أكتوبر 2015م الموافق 16 محرم 1437هـ

شعراء البحرين الكبار... وواقعة الطف

المنامة - منصور محمد سرحان 

تحديث: 12 مايو 2017

تجسد واقعة كربلاء قيم التضحية والعزة والكرامة والإباء، فقد استشهد الإمام الحسين عليه السلام من أجل المحافظة على الدين الإسلامي وتعاليمه السمحة بعيداً كل البعد عن العصبية المقيتة التي هي من سمات الجاهلية. وقد أدى استشهاده في اليوم العاشر من محرم الحرام سنة 61هـ (680 م) دفاعاً عن الدين وعن مبادئ الإنسانية حيث كان يطالب بالإصلاح والعيش بكرامة لجميع أفراد الأمة الإسلامية، أدى ذلك إلى تخلد ذكراه حيث وثق المؤرخون والأدباء والشعراء والكتاب واقعة كربلاء على مر العصور، فصدرت الدواوين، والموسوعات، والكتب، والبحوث والدراسات التي أصبح عددها بالآلاف تحي ذكرى استشهاده عليه السلام.

لم تكن البحرين بعيدة عن هذا الحدث فقد تناول الأدباء والكتاب والشعراء في البحرين وعبر عقود مختلفة من الزمن واقعة كربلاء. وكان لشعراء البحرين الكبار نشاطهم الفاعل في نظم القصائد المتعلقة بواقعة الطف. ويعد الشيخ حسن الدمستاني المتوفي عام 1281هـ (1864) من بين كبار الشعراء الذين نظموا قصائدهم في استشهاد الحسين عليه السلام... بل أنه نظم قصيدة مشهورة أطلق عليها (ملحمة الطف) وهي بالفعل ملحمة جسد فيها أحداث معركة كربلاء حيث يقول في بداية القصيدة:

أحرم الحجاج عن لذاتهم بعض الشهـور

وأن المحرم عن لذاتــه كل الدهــــور

كيف لا أحرم دأباً ناحـراً هدي السرور

وأنا في مشعر الحزن على رزء الحسين

ويقول في جانب آخر:

لست أنساه طريداً عن جوار المصطفــى

لائـذاً بالقبــة النـوراء يشكـو أسفـا

قائـلاً يا جـد رسم الصبـر من قلـبي عفـا

ببلاء أنقض الظهر وأوهى المنكبين

وفي جانب من القصيدة صور الشاعر منظراً تراجيدياً حيث زار الحسين قبر جده ليودعه ودار حديثاً بينهما كما تخيل ذلك الشاعر. فقد بيّن الحسين الوضع الذي وصل إليه وأنه يتمنى لو أن قبر جده ينفتح ويضمه... فيرد عليه جده رسول الله (ص) بقوله أن الدنيا أعدت لاختبار النبلاء فعليك الصبر بما ستلاقيه من مصائب:

ضمني عندك يا جداه في هذا الضريــــح

علني يا جد من بلوى زماني أستريح

ضاق بي يا جد من فرط الأسى كل فسيح

فعسى طود الأسى يندك بين الدكتين

جد صفو العيش من بعدك بالأكدار شيب

وأشـاب الهم رأسي قبل إبـــان المـشيــــب

فعلا من داخل القبر بكاء ونحيـــــب

ونــداء بافتــجاع يا حبيبي يــا حسيــن

أنت يا ريحانة القلب حقيـــق بالـبلاء

إنما الدنيــا أعـــدت لبـــلاء النـبــلاء

لكن الماضي قليل في الذي قد أقبـــل

فاتخذ درعين من صبر وحزم سابغيـن

برز في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي شاعر موهوب ركز جل شعره على مدح آل البيت ورثاء سيد الشهداء... هو الأديب الشاعر سلمان التاجر الذي ولد عام 1875م وتوفي 1925م. تميز شعره بسلاسة اللغة وعذوبة الموسيقى التي تعتريها نبرة الحزن، كما تمتاز قصائده الرثائية بأنها قصائد طويلة والتي منها هذه القصيدة التي بدأها:

مذ غدا القلب للغرام أسيــرا

أطلقت أدمعي ففاضت بحورا

وأناخـت عليّ أي جيــــوش

من هموم غزون مني الســرورا

لم أزل أظهر التجلد للنــاس

وأخفي جوىَ يشيب الغريــرا

ثم يعرج الشاعر على مصارع أنصار الحسين، مشيراً إلى أن تلك الفتية عافت الدنيا وتوجهت إلى الآخرة حيث نالت الثواب:

إن يوم الحسـين يـــــوم عبــــــوس

كان في الأرض والسما قمطريرا

يا سقى الله بالطفـوف قبــــــــــوراً

عانقوا العين أهلها والحورا

وغشاها من التحية والتسـليــــــــم

ما يشرح الصدور حبــــــــــــورا

فتية شاركت حسيناً على الكرب

وعافت مقاصـــــــــــــراً وقصورا

كتـــبت آيـة الثــــــناء عليــــهم

أنه كان سعيــــــهم مشكورا

ومن بين الشعراء الكبار الذين عرفتهم البحرين الشاعر عبدالرحمن المعاودة الذي ولد عام 1911م وتوفي عام 1997م وهو الشاعر والأديب، وقد أنخرط في صفوف الحركة

الوطنية في خمسينات القرن العشرين ضد الاستعمار. واعتادت البحرين في خمسينات القرن العشرين وبخاصة أثناء الحركة الوطنية إقامة حفل تأبين الإمام الحسين (ع) في العشرين من صفر كل عام في مسجد (المؤمن) بالمنامة. وكان الشاعر عبدالرحمن المعاودة يشارك بشعره في تلك المناسبة التي كانت تجمع جميع مكونات المجتمع البحريني.

ففي عام 1374هـ (1954) وقف الشاعر عبدالرحمن المعاودة أمام حفل حاشد وألقى قصيدته المشهورة بمناسبة ذكرى الأربعين ليوم استشهاد الإمام الحسين بعنوان (يا ابن فاطمة الزهراء) جسد فيها القيم النبيلة والأهداف العظيمة التي من أجلها استشهد الإمام الحسين قائلاً:

ضربت للحق فينا أروع المثل

ولم تبال بما لاقيت يا ابن علي

عليك منا سلام الله ما هتفت

ورقاء أو غرد الحادي على الإبل

قد قمت في نصرة الإسلام متخذاً

من هدي جدك طه أقوم السبل

فيا ابن فاطمة الزهراء حسبك من

مجد بأنك من أبطالنا الأول

تطرق في جانب من قصيدته إلى تضحيات الإمام الحسين ومقاومته عدوان الطغاة دون خوف أو كلل وقاوم حتى غدى رمزاً مؤثراً يحتذى به فقال:

إن الإمام الحسين السبط وهو كما

في علمكم نسل خير الخلق والرسل

ضحى وقاوم عدوان الطغاة ولم

يلحقه في الله من وهن ومن كلل

حتى غدا علماً في كل مكرمة

وكان في زمرة الأبرار في الأول

تناول شاعر البحرين وأديبها الكبير الأستاذ إبراهيم العريض واقعة الطف وبطولة سيد الشهداء في تلك الواقعة التي اعتبرها أفجع صفحات التاريخ التي كتبت بالدم. فقد نظم الشاعر الكبير إبراهيم العريض في العاشر من محرم سنة 1356هـ (1937م) قصيدة عنوانها «شهداء الطف» يقول فيها:

يا سيد البطحاء ما شأنها

حتى ثوى في الطف ريحانها

معتصماً بالله في صفوة

قضى لها بالفوز إيمانها

هل عابها شيء سوى أنه

أسبقها للموت شبانها

وتنكص الريات إلا التي

تدرأ عنها البغي إيمانها

مؤثرة كأس الردى علقماً

على الذي يمليه عبدانها

فيالها في الملك من فتنة

عمياء قد جاوز طغيانها

في أمة بدد من شملها

ما كان قد ألف قرآنها

حتى تجلى الحق في عرصة

قاحلة تؤويه أخدانها

هادئة بين يدي ربها

والخيل لا يهدأ عدوانها

ما أفجع التاريخ في صفحة

خط بذاك الدم عنوانها

في 28 يوليو 1974 نظم الشاعر رضي الموسوي (1916 - 1977) قصيدة طويلة عنوانها «في ذكرى أبي الشهداء» لخص فيها أحداث موقعة الطف، مبيناً أن نهج الحسين هو نهج العزة والكرامة، وأن اقتفاء آثار الحسين هو السبيل الوحيد لنجاح الأمة وبخاصة أمة العرب، مطالباً الأمة العربية بالاقتداء بتضحيات الحسين عليه السلام للمحافظة على كرامتها، حيث يقول:

أنت علمتنا العقيدة في الدين

فنلنا مكانة الأمجاد

أنت علمتنا البطولات والصدق

فكنا خلاصة الأسياد

لو وعينا لنهجك القيم السامي

حصلنا على بلوغ المراد

ووعينا القرآن حقاً وطبقناه

تطبيق مؤمن بالمعاد

يا غيوراً على بنيه تعال اليوم

وانظر عدونا المتمادي

رابضاً في الحدود كال إلينا

الصاع صاعين وهو بالمرصاد

وطالب العرب بالاتحاد وبالجهاد لاسترداد الحق المغصوب من المعتدين ويقصد بذلك استرجاع فلسطين اقتداء بثورة الحسين:

أيها العرب أوجدوا لكم حلاً

فخير الحلول في الاتحاد

واستعدوا للحرب إن رمتم العيـش

أعزاء أيما استعداد

أتموتون كل يوم مراراً

فاضغطوا بالبنان فوق الزناد

وأقيموا عليهم هذه الدنيا

جحيماً تحيلهم للرماد





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:29 م

      السلام

      الله يرحمكم ما عليكم إقصور جزاكم الله خير عن أبا عبدالله.

اقرأ ايضاً