تفيض مجموعة الشاعر اللبناني باسكال عساف بالحب الذي يبدو عنده أشبه بالقتل حبا. وتبدو المجموعة أقرب إلى قصيدة واحدة طويلة من حيث المناخ الواحد الذي يطغى عليها وهو مناخ الحب ومعه المسدس كرمز فصيح.
وتتسم قصائد المجموعة أيضا بنوع من المراوحة بين الرمزي والواقعي الذي ربما وصل في أحيان قليلة في واقعيته إلى ما يشبه التقريري.
والمجموعة كلها في قصائدها المتعددة غير المعنونة والمترابطة أحيانا إلى ما يشبه التكرار -وإن بقدر من التغيير- تقع في مجال قصيدة النثر الحديثة.
اسم المجموعة هو (وأكره كل النساء) ويقول الشاعر "هذا الكتاب هو الجزء الثاني من ديوان (أحب امرأة واحدة وأكره كل النساء)" وهي تقع في 135 صفحة متوسطة القطع.
وباسكال عساف شاعر وكاتب لبناني مثل لبنان في المهرجان الشعري (أصوات حوض المتوسط) 2013 في لوديف في فرنسا. صدر له شعر بعنوان (أوبرا الوجع) وقصص قصيرة بعنوان (وجوه وأقنعة) وقصائد بعنوان (أحب امرأة واحدة).
وقد صدرت مجموعة عساف الشعرية عن دار نلسن في بيروت والسويد.
كثرة الحديث عن الحب في المجموعة كما الحديث عن القتل والموت يجعلنا نتذكر الأغنية الفرنسية (الموت حبا) كما نتذكر بعض ما قيل عما سمي (القتل حبا) في إشارة إلى الشاعر العباسي (ديك الجن الحمصي) الذي ولد في حمص سنة 777 وتوفي سنة 849 ميلادية وكانت اللذة المادية في مختلف أشكالها وألوانها هي المكون الأساسي الذي سارت عليه حياته. لكنه أحب (ورد) حبا روحيا وتزوجها قبل أن يقتلها غيرة عليها. ذبحها ومضى يبكي عليها.
وتحت عنوان (إلى امرأة واحدة) يكتب باسكال عساف قصائد متتابعة لا تميز بينها عناوين.
يقول في البداية معيدا القارىء إلى عصور الفرسان والمبارزات "وإن كان لا بد من مبارزة، أخيرة تجمعنا، فلتكن على طريقة الفرسان، تعبنا من أساليب الأوغاد، أحدنا يختار المكان، والآخر نوع السلاح، أنتظر جوابك، على أحر من الشعر، أنا لي خطتي المحكمة، أي مكان تختارينه، مهما يكن سيكون جوابي القبلة، وأي سلاح تنتقينه، سيكون المكان، صدرك".
ويقول في مقطع تال "حاولنا كثيرا أن ننهي، حالة الحب الغريب هذه، التي تربطنا، ولكننا في النهاية كنا نجد أنفسنا، وقد أمسك أحدنا بيد الآخر، نركض في حقول الخطايا أقطف لك الأزهار، وأنت تتلهين بأوراقها لعبة، سيقتلني لن يقتلني... أجلس أنا في شجرة، أتحسس مسدسي، اتفقد زر الامان. المعه بكل حنان/ وأقول لك :لا مفر يا حبيبتي ستموتي، تضحكي، وأنت متأكدة أنني، رام فاشل".
ويتابع "أنا أكره كل النساء، ولا أعني إلا أنت...، ما لا تعرفينه أنني، لا أطيق الحياة من دونك، لذلك أنتظرك لتموتي، وأحمل على خصري انتحاري".
ويضيف "الحب أنت، ومخالبه أيضا، الحياة أنت، حتى لو كان مزاجها الصباحي، الموت العشوائي، كل الحنان أنت، وأصابعك زجاج مرايا مكسور، ذكريني بالطريقة، التي تقولين لي فيها، أحبك، فأسقط صريعا، كطير فوق صدرك...، وامرأة خطيرة أنت، كل ما بك، يدعو إلى الفوضى والدمار...، حذروني، من مغبة العبث بقلبك، وتفكيكه لأنه قنبلة".
ويقول في مكان آخر "أتنفسك، وأنت سم، أمسكك من خصرك، وسرا أموت بسببك، تقولين: كل هذه العصافير، من يعتني بها؟ أحني رأسي، وأعتذر نيابة عن الرصاص والبارود".
"تعالي نشبك أيادينا، نؤرجح ذراعينا في الهواء، ونعد، واحد أنا، اثنان أنت، وعندما نصل إلى الرقم ثلاثة، نقفز عن شفة هذا العالم السفلي، نسقط في هوة المستحيل، بسرعة الرصاص، عندما يطلقه النسيان بغضب، على الذاكرة المنهوبة...، لا تخافي، من الموت، الموت وهم، ككل النهايات، وحده الخيال حقيقة".