الطريق التي نعتمدها لإدارة شئون حياتنا تعتمد على وجهات نظرنا للواقع، ووجهات النظر تتأسس بناءً على المعتقدات والمواقف والقيم والتوقعات المغروسة في عقولنا. بمعنى آخر، هذه هي «العقلية» المبرمجة في داخلنا، والتي تؤثر على سلوكنا، وهذه العقلية انغرست منذ كنا أطفالاً، ربما من سن العاشرة إلى الثانية عشرة، وهي متأثرة بما اكتسبناه من العائلة والمعلمين وكبار السن، وأولئك الذين انطبعت في أذهاننا تصرفاتهم وأقوالهم منذ الصغر.

وفي دراسة أجريت على أطفال، علقت على أجسامهم أجهزة تسجيل للكشف عن ما يسمعونه من الكبار المحيطين بهم. وبعد تحليل محتويات التسجيلات لعدة أيام، اكتشف الباحثون أن أكثر من 90 في المئة من كلام الأباء والمعلمين وغيرهم من كبار السن كانت تتحدث مع الأطفال عن أمور «لا يستطيعون» القيام بها، أو أنهم أدوها بشكل غير صحيح.

هذه الدراسة - التي نشرها جون آدامز في 1987 - توضح أن البيئة الخارجية تخلق عقلية يسميها «تشغيلية على أساس ردود الأفعال» Operational-Reactive Mindest، وخصائص هذه العقلية هي أنها:

- تتوجه نحو تثبيت وصيانة الوضع الراهن

- هدفها الاستقرار والاتساق

- تقبل بالتغيير البطيئ والتدريجي

- تركز على الحلول الطارئة وقصيرة المدى

- تنظر إلى البيئة المحيطة كحدود ثابتة لمجال عملها.

وخلصت الدراسة أن أكثرية الناس يتعرضون لهذه التنشأة، ولذا فإن الكثير من المسئولين والمدراء يتحركون على أساس هذه العقلية التشغيلية والتي تعتمد على ردود الأفعال، وبالتالي فإنهم يرون دورهم في كيفية الحصول على أفضل ما توفره البيئة المحيطة والمتحكمة بمجال العمل.

الدراسة ترى أن هناك «عقلية» أفضل، وهي تلك الاي تعتمد نمط التفكير «الاستراتيجي الخلّاق» Strategic - Creative Mindset وهي عقلية تنطلق من اعتبار أن بالإمكان تحقيق ما ينشده المرء بغض النظر عن البيئة المحيطة الحالية. ومن خصائص هذه العقلية، انها:

- تركز على ما يريد المرء تحقيقه

- تعتمد على التمكين ومحاذاة مسارات التغيير

- لا تخشى من التغييرات المفاجئة

- تركز على الحلول بعيدة المدى وتتحلى بالصبر

- تركز باستمرار على النتائج المرجوة

ترى ان التحكمفي المسيرة يعتمد على الإرادة الذاتية

هذه العقلية الخلّاقة تؤمن بتحقيق الأحلام وتركز على النتائج المرجوة، وترى ان الشخص بامكانه امتلاك المبادرة باستمرار

ما يطرحه «جون آدامز» حول العقلية الخلّاقة يشبه ما تحدث به «إدوارد دي بونو» حول التفكير الجانبي/ الإبداعي. فالتفكير الإبداعي - بحسب دي بونو - مهارة يمكن تعلمها، إذ «إن الذكاء هو شيء يولد معنا، ولكن التفكير هو المهارة التي يجب أن نتعلمها».

أن التفكير الإبداعي (الجانبي)، يعني القدرة على التفكير بشكل خلاق، أو «خارج الصندوق»، وذلك عبر استخدام الإلهام والخيال في حل المشكلات. التفكير الإبداعي يتطلب النظر إلى المشكلات من زوايا غير متوقعة، ويشمل ذلك ترك أساليب التفكير التقليدية وعدم الركون إلى الأفكار المسبقة.