العدد 4800 - الأربعاء 28 أكتوبر 2015م الموافق 14 محرم 1437هـ

وطننا على ما يرام

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

في المسرحية الشهيرة «كأسك يا وطن»، يتم انتداب مسئول حزبي لتقصي الحقائق والنظر في شكاوى الناس، لكنه بدلاً من الإصغاء لمطالبهم والبحث عن الحلول المناسبة للمشكلات التي يواجهونها راح ينهال عليهم بكلام فضفاض منمق مكتوب بلغة مدروسة، لكن لا صلة له أبداً بالواقع ولا بالمشكلات التي يعاني منها الشعب، فصار أشبه بالمذياع، وحين سأله غوَّار الطوشي قائلاً: «سيدي حلَّفتك بالله. هلاَّ إنتَ مقتنع بها الكلام اللي عَمْ بتقوله»؟ استيقظ ضمير المسئول الحزبي من نومه العميق وأجهش بالبكاء قائلا: «خلّيها لربّك يا مواطن». وعندما سئل لماذا يبكي؟ قال: إنه يبكي على القيم والمبادئ التي فقدها.

هذا المسئول استطاع أن يوقظ ضميره في الوقت المناسب ليشعر بما يقوله «مواطن» ويندب الحظ الذي جعله في هذا المكان وهذا الموضع، لكن لدينا في أوطاننا الحقيقية التي تسكننا قبل أن نسكنها مسئولون كثيرون لا يرف لهم جفن ولا يستيقظ لهم ضمير وهم يمجدون الخطأ ويبتسمون ابتسامة الذئب كلما سمعوا عن مشكلة يتداولها الرأي العام، أو كلما أثارت صحيفة أو وسيلة اعلامية موضوعاً يهم الشعب أو تصريحاً يؤرق المواطنين بما يحمله من كوارث ادمنت عليهم.

يبتسم هؤلاء المسئولون نصف ابتسامة ويشرعون في إعطاء الأوامر إلى أجهزة العلاقات العامة التي تحت أيديهم؛ كي يكتبوا لهم التصريحات والتطمينات التي لا تمت إلى الواقع بصلة ولا تغني عن أي قلق بل أحيانا تكذّب الواقع المؤلم وتصوّره حلماً جميلاً قادماً من المدن الفاضلة.

الإسكان بخير ولا توجد لدينا مشكلة إسكانية أبداً، إذ تحصل الأرملة على وحدتها السكنية بعد عام من وفاة زوجها، ويحصل الزوج على بيت الأحلام بعد خمسة أعوام على أكثر تقدير من زواجه، ويحصل ذوو الإعاقة على مكان يؤويه وأهله بمجرد أن يتقدم بطلبه للإسكان، ولا صحة لوجود أكثر من 54 ألف طلب إسكاني مؤجل أو مدن أصبحت كجزر الواقواق التي نسمع بها ولا نراها، أو قانون مناطقية يحرم مواطنين لربع قرن من حقهم بينما يحصل آخرون بسببه على وحداتهم خلال عامين أو خمسة أعوام.

أما التعليم فهو بصحة جيدة جدا، نُضجٌ وتخرٌّجٌ من أرقى الجامعات، حتى أن الأرقام التي تذاع في الإعلام حول المعلمين العاطلين مجرد شائعة وتلك الأعداد من المعلمين الوافدين ما هي إلا خزعبلات، وصفوفنا في المدارس الحكومية لا تمتلئ أبدا بالطلاب الذين يزيد عددهم على 30 طالبا في الفصل، والمناهج الدراسية تحدّث كل خمسة أعوام على أكثر تقدير، فأين الخلل؟

الجهاز الصحي في بلادنا بحسب تصريحات هؤلاء المسئولين بخير بل وأكثر من ممتاز وهو لا يحتاج أبداً إلى إنعاش أو مضادات حيوية تعالج التأخر في المواعيد التي تصل إلى سنة أو سنتين وفي عيادات الأسنان لخمس سنوات أو يزيد كما تدعي الصحف التي نشرت أخباراً عن مواطنين ينتظرون أدوارهم منذ المرحلة الابتدائية وهم اليوم في المراحل الجامعية، ولا يوجد تزاحم أبداً وجميع المراكز الصحية تستوعب الأعداد الهائلة كما يفعل المستشفى الحكومي الوحيد في البحرين!

كم نحن بحاجة إلى مسئول يسمع صوت المواطن.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4800 - الأربعاء 28 أكتوبر 2015م الموافق 14 محرم 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 8:22 ص

      اين المسئول ؟

      طلبي الاسكاني قسيمة ارض خالية منذ 1993م الى اليوم 2015م 23 ستة انتظر قسيمة وصل عمري 51سنة وابنائي من سن سنة الى 22سنة وانا في شقة للايجار ب 200دينار وراتبي الشهري 650 د يتبقى لنا 450د وزعها على عددنا 8 اقراد 60 د لكل فرد ةاكثرنا مصابين بالسكلر فما حالنا يا مسئول؟؟؟

    • زائر 4 زائر 3 | 3:42 م

      الله يساعدك.. انا من 1994.. كل سنه اسمع هالسنة..

    • زائر 2 | 12:55 ص

      بر الأمان

      لا اي بصيص أمل في تغير الأحوال في الوطن العربي ككل ، لكني ارى الغرب رغم مساوءه أفضل بكثير من ان يكون وطن للإقامة والعيش والظفر بفرص وتحقيق لأحلام لا يمكن ان تتحقق في بلداننا العربية

اقرأ ايضاً