ينتهج العائدون من رحلة الأمراض الطارئة أو المستعصية والمزمنة أسلوب حياة مختلفاً عما اعتادوه، يستبدلون قوائم طعامهم وطريقة حياتهم ومشيهم وجلوسهم وتنفسهم ونومهم ورياضتهم ونمط تفكيرهم، يقلعون عن عادات ويُجبرون على اكتساب عادات أخرى مغايرة، يتدربون من الصفر على حياة جديدة، ويفتتحون صفحة بيضاء كأنهم مواليد جدد.
يمعنون النظر والمراجعة في الأشياء التي اعتادوها لكن بعيون وأذان وحواس مختلفة، يرمون خلف ظهورهم أكواماً من «الكراكيب» في الطعام وفي الشراب وفي حشوات الدماغ وفي التعاطي مع المسلمات والبديهيات الغذائية والفكرية السابقة، يتخلصون من كتل الشحم المتراكم على أجسادهم بغفلة أو دون غفلة حين يستيقظون على رُكبٍ وظهور وأرجل لم تعد تقوى على أحمال جسدهم المتزايدة، هل هي مصادفة أن يكتشف المرء خطأ كل ممارساته عندما نسقط في المرض؟ وأن رحلة الصحة تبدأ أولا بالتغيير الفوري والشامل في طريقة الحياة جسدياًّ ونفسياًّ ومعنوياًّ والعودة إلى الأسس الصحيحة والمبادئ السليمة التي أزاحتها أنماط الطعام الجديد المعولم الاستهلاكي «السريع»، والوافد الينا من كل مكان، والذي يعزى اليه السبب في أغلب أنواع الأمراض، كيف تلاشت من برامجنا اليومية تلك الحكمة الغذائية الذهبية «المعدة بيت الداء وأصل البلاء»، لماذا لم نتعلم قبل الاصابة بالديسك وأمراض الرقبة والفقرات تلك الطريقة الصحيحة لرفع الأثقال والانحناء الصحيح، وكيف استمرأنا القيام والقعود والجلوس اعتمادا على ظهورنا وليس على ارجلنا؟، كم منا من يمارس التنفس الصحيح والمضغ الصحيح والتحرك الصحيح؟ لا تستدعي الصحة معدة غير متخمة ولا رأسا خاليا من الهموم فحسب، لكن غذاء مهضوماً، وهموماً معالجة بفن ومهارة، كم منا من يقوم بتمارين الحمية قبل الرياضة؟ وكم مِنَّا يتمغَّط كما تفعل القطط والحيوانات للمحافظة على عمودها الفقري وجهازها العظمي؟ لماذا لا نتعلم كل ذلك في بيوتنا وضمن مناهج التعليم وفي صفوف المدرسة الابتدائية؟ ولماذا لا تتوافر مكاتب العمل في الشركات والمؤسسات على زوايا ومساحات للرياضة بدلا من غرف التدخين؛ كي لا نتيبس ساعات طويلة على مقاعد خشبية تورثنا الأمراض في بواكير العمر؟
كم مرة انهار الجسد وخر صريعا على إثر الخيبات العاطفية أو المهنية والتجارب الفاشلة والحسد والغيرة والتنافس المرَضي الذي يتجلى مرضا وخرقا بالية تجرى مراكمتها في تلك الصناديق (الجوانية) السوداء وتعجز النفس الأمارة على الانعتاق أو التحرر منها.
ان خطوات العلاج الصحيح يسبقها دوماً استعراض شامل وحقيقي ومفصل وشفيف لكل مسار الحياة ولكل نقاط التعثر والخلل والاخفاقات وهنات الجسد وضائقات النفس التي تقرع اجراس الخطر والتنبيه والتحذير دوماً.
إن عقولنا تضم برمجة قديمة، وقد تكون خاطئة ومتأتية من التربية الخاطئة والعادات الخاطئة، بيد أنها عملت على توجيهنا وتدمير أجسادنا لاحقاً، وتقول أغلب الدراسات إن الشيخوخة هي ما نزرعه في أدمغتنا، والعلاج يقتضي التعرف عليها وتفكيكها.
ذهب رجل الأعمال الثري الى مصحة سويسرية تعد الأغلى في العالم، تسلمه المدرب الغذائي والرياضي وقال له، الدرس الأول: انس كل ما تعرف وما تعلمت في السابق وما سرت عليه طوال عمرك.
نعم هذه هي المصحات التي ينفق أصحابها الملايين فقط لتمكينهم من العودة إلى صراط الصحة البدائي البسيط والرخيص وغير المكلف او المعقد، والى اعادة السيطرة والتحكم في مسار حياتهم المسروقة منهم بفعل استمراء كل ما هو ضار ومؤذ ومختل، والى تعلم فن الاسترخاء والتنفس والتأمل.
إقرأ أيضا لـ "عصمت الموسوي"العدد 4798 - الإثنين 26 أكتوبر 2015م الموافق 12 محرم 1437هـ
يا ليت الشباب يعود يوما
الله يسعد ايامك ويعطيك العافية على هالمواضيع التي لا يعرف القارئ مغزاها وكل اناءبما فيه ينضح
عند البطون تعمه العيون
العاضته الحية يخاف جرة الحبل
الموبايل السبب الرئيسي
يبدو أن الموبايل بما فيه من برامج التواصل الاجتماعية، وخصوصا الواتساب، يعمل عمله في الانقضاض على ما تعافه الوجبات السريعة والمعلبة في التأثير على صحتنا،،، المستعان بالله