بعد ثلاث سنوات من الآن ستمر الذكرى الثلاثون على نيل الروائي المصري العربي الكبير نجيب محفوظ جائزة نوبل للآداب والتي استحقها عن جدارة، بيدَ أن محفوظاً لم يكن مجرد إحدى قمم الإبداع العالمي في الرواية فحسب، بل كان أيضاً مثقفاً موسوعيّاً متبحراً في المعرفة بكل روافدها، وما يهمنا في هذا المقام، أنه إلى جانب ابداعه الروائي يُعدُّ مثقفاً سياسيّاً يقترب من مصافّ المفكرين في تحليله لقضايا عصره والتي تكاد لاتراوح مكانها في عصرنا.
وأنت لوأخذت على سبيل المثال تحليله للظاهرة الطائفية سيدهشك عمق هذا التحليل، ففي مقال له قبل ربع قرن في «الأهرام» (3 مايو/ أيار 1990) يؤكد أن الطائفية لا تصبح نزاعاً أهليّاً إلا إذا تعذر الوفاق، وأن مسببات الطائفية يمكن ارجاعها إلى عوامل اجتماعية أو سياسية أواقتصادية، تفسُد الأمور بفسادها وتصلح بصلاحها. وهو يغمز إلى أن السلطة في زمانه حينما تتظاهر بمحاباة وتدليل المسلمين على حساب المسيحيين فإن المسلمين يتوهمون إن صدقوا تلك المحاباة؛ لأن السلطة ذاتها تمارس التمييز بين المسلمين لصالح النخبة الحاكمة، فيقول حرفيّاً:
«قد يجيء التوتر من الدولة نفسها إذا مارست التفرقة بين أبنائها في الوظائف والمعاملات، وليس التعصب هو الدافع، بدليل أن التفرقة تمارس بين المسلمين لحساب أهل القمة، إذن، فالعيب يكمن أساساً في سوء الادارة والفساد والاستغلال، والصلاح يجيء بالنزاهة والاستقامة والعدل، فيتحقق الاستقرار والطمأنينة للمسلمين والأقباط معاً». ويخلص محفوظ إلى أن التوتر الطائفي في بلاده مصطنع ولا علاج للتوترات والمشاكل الطائفية إلا بالديمقراطية وحقوق الانسان.
وإذا ما أدركنا أن هذه المشكلات الطائفية التي تطرق إليها أديبنا محفوظ ما برحت معظم مجتمعاتنا العربية تعاني منها لأيقنا القيمة الموضوعية في هذا الصدد لتحليله الظاهرة الطائفية وما أفرزته بدورها من ظواهر ارهابية، وبالتالي فكم نحن بحاجة إلى أدباء ومثقفين موسوعيين من نوع الراحل محفوظ لا يقتصرون في كتاباتهم على الممارسة الإبداعية في أجناس الأدب المختلفة بل ويسهمون بأقلامهم في معركتنا الكبرى الراهنة لدحر الطائفية والإرهاب.
إقرأ أيضا لـ "رضي السماك"العدد 4798 - الإثنين 26 أكتوبر 2015م الموافق 12 محرم 1437هـ
الاخ المبدع مقالاتك رائعة اخي العزيز المثقف رضي السماك، نحن بحاجة لقلمك الشريف المبدع ،وأقلام الكثيرين من شرفاء الوطن ، انا اعتقد انك واقلام الشرفاء في البحرين انتم احفاد الراحل محفوظ ، واتمنى ان لا اكون غلطانه، وفقكم الله انتم لدحر الطائفية والارهاب في البحرين ، شكراً وآلف شكر اخي الكريم ، والله يكرمك دائماً وأبداً ، ويظل قلمك يخط لنا أروع من في داخلك من معاني المحبة والنقاء
رواية أولاد حارتنا لنجيب محفوظ هي التي دفعتني للادينية .. قرأتها عندما كنت في الجامعة
كانت صدمة حقا بالنسبة لي عندما قرأت رواية أولاد حارتنا قبل أكثر من 10 سنوات ... رواية في قمة العبقرية!