كانت الحفاوة البريطانية ملفتة لزيارة الرئيس الصيني شي جين بنج هذا الشهر، وهذه الحفاوة تأتي ضمن سياسة بريطانيّة تسعى لإعادة «التجارة» في صدارة العلاقات الدبلوماسية. التقارب بين البلدين يصُبُّ أكثر في صالح الصين التي تسعى إلى كسر السياسة الأميركية الساعية إلى إقامة اتفاق تجارة حُرَّة عبر المحيط الهادي TPP، وتستثني منها الصين.

ولذا، فإنّ الصين تطرح حالياً مبادرة أخرى تسميها «حزام واحد وطريق واحد» OBOR، وهي اختصار One Belt One Road. هذه المبادرة تهدف إلى إعادة تنشيط «طريق الحرير»، والذي كان يتشكل من مجموعة من الطرق والممرات المترابطة والتي كانت تسلكها القوافل والسفن، وحالياً تسعى الصين إلى إعادة الحياة إلى منطقة تجارية تربط 65 بلداً، يبلغ عدد سكانها 4.4 مليارات نسمة.

هذا الربط التجاري، الذي ستحتلُّ الصين مركز القلب فيه، سيحتاج إلى إنشاء بنية تحتيّة ضخمة على مدى العقد المقبل، بما في ذلك الطرق ذات الجودة العالية، والسكك الحديد والموانئ وغيرها. وقد قامت الصين بتأسيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتيّة (AIIB)، وهو الذي سارعت بريطانيا للاشتراك فيه على رغم أن أميركا كانت لا ترغب في ذلك.

ومع اختتام الرئيس الصيني زيارته لبريطانيا تم التوقيع على 36 اتفاقية بقيمة 34 مليار جنيه إسترليني، إلى جانب 6 مليارات جنيه إسترليني للاستثمار في مشروع إنشاء محطة الطاقة النووية؛ ما يعني أن الاتفاقيات تصل قيمتها إلى أكثر من 60 مليار دولار.

هذه الاتفاقيات تصُبُّ في استراتيجية الصين الساعية إلى خلق منطقة تجارية؛ لأنّ إدخال بريطانيا في حزامها سيساعدها على منافسة أميركا.

الولايات المتحدة تعمل حالياً على إعادة توازن تواجدها حول العالم؛ ما يعني أن استراتيجيتها تتوجَّه أكثر ناحية شرق آسيا، وهناك دول، مثل بريطانيا، ستنحاز نحو تنمية مصالحها بصورة غير تقليديّة.