وفق الطوالع الموسمية الشعبية في الخليج، فإن الفترة الحالية هي طالع «الوسم» الذي يبدأ تقديريًا في منتصف شهر أكتوبر/ تشرين الأول ويستمر حتى الأسبوع الأول من شهر ديسمبر/ كانون الأول، فيما اعتاد الفلكيون والمهتمون بالطوالع الشعبية على ترقب «علائل الريح» وأمطار «الثروي» و«الولي» و«قلائد الوسم».

وقد تصيب تنبؤات الفلكيين ومراكز الأرصاد الجوية في الخليج التي تستخدم أنظمة حديثة بالأقمار الصناعية لمتابعة أحوال الطقس وقد لا تصيب. لكن المواسم الشعبية ثابتة الترتيب زمنيًا حتى لو لم تتطابق مع سماتها المعتادة، فحسب الباحث الفلكي السعودي خالد صالح الزعاق، فإن هذه الفترة هي فترة علائل الريح (ذات النسمات المدهونة بالبرودة) وهي من ضمن طالع (الوسم) ذات الأجواء المناخية الألطف، والوسم هو موسم وليس نجمًا، كما يشير أستاذ الفيزياء بجامعة البحرين ونائب رئيس الجمعية الفلكية البحرينية وهيب عيسى الناصر، حيث يعقبه طالع (السماك) في أواخر شهر أكتوبر تشرين الأول، يليه طالع (الغفر) في نوفمبر تشرين الثاني. ويتفق الفلكيون على أن موسم (الوسم) ينتهي في السادس من شهر ديسمبر كانون الأول.

الوسم... الأثر بعد الكي

وفي اللغة، وفق العديد من الفلكيين والمهتمين بالطوالع الشعبية، فإن الوسم هو الأثر الذي يظهر بعد الكي، وكذلك الحال مع (الوسمة) التي تميز الحيوان من ضروب النقش والرسوم وما شابهها، حيث كان العرب قديمًا يسمون الجمال والماشية لتعريفها، والوسم لدى أهل الفلك والأجواء (الأنواء) هي الفترة التي تعقب موسم (سهيل) الذي يمهد لموسم هطول الأمطار في منطقة الخليج العربي.

ومن الطوالع الشهيرة في هذه الفترة من السنة هي طالع (الزبانا)، وفي الغالب يستمر لمدة أسبوعين، ولعل هذا الطالع يحمل مظاهر الشتاء لكنه ضمن (الوسم) حتى أوائل شهر ديسمبر، ويرى البعض أن طالع الزبانا هو الأخير في الوسمي، تبدأ بعده (مربعانية) الشتاء، وعرفه العرب منذ القدم بأنه يحبس الماء عن أشجار الفاكهة وتتساقط أوراق أشجار التين والرمان والعنب، لكن يُعتقد أن جميع أمطار الوسم، التي قد تأتي وقد لا تأتي بمشيئة الله، مفيدة للأرض والبحر، حتى قيل عنها: «حص في البحر وفقع في البر»، أي ينمو اللؤلؤ وينبت الفقع، وعلى العموم، فإن الأمطار السابقة على دخوله تسمى (قلايد الوسم)، والأمطار التي تهطل في أوله تسمى الثروي، نسبة إلى الثريا، والأمطار التي تهطل في آخره تسمى الولي.

إذا طلعت العواء طاب الهواء

وبحسب تقديرات الفلكيين، فإن مدة موسم (الوسم) تصل إلى 52 يومًا، فيما يمكن اعتبار مدة 20 يومًا منها للمربعانية، وقد تشهد أيام (الوسم) طقسًا رطبًا وتكون الرياح فيه خفيفة السرعة متقلبة الاتجاه، ولبعض الوقت، قد تهب رياح شمالية غربية لا تمتد طويلًا من الوقت، وأول نجوم الوسم -كما يرى الفلكي خالد الزعاق- يقال له العواء، ومطره محمود، حيث تنمو بعض النباتات البرية، بالإضافة إلى الكمأة (الفقع)، وتقول العرب في هذا النجم: «إذا طلعت العواء طاب الهواء، وضرب الخباء، وكره العراء، وشنن السقاء»، وشنن السقاء تعني سال الماء قطرة قطرة.

ومن أشهر الطوالع الشعبية في الخليج -التي يصل عددها إلى 28 طالعًا تقريبًا- هي «المربعانية والإكليل والشولة»، وهناك مواسم كثيرة أخرى منها «الشبط، العقارب، الحميم، الذرعان، الكعنة، التويبع، الجوزاء، المرزم، الكليبين»، ويأتي دخول المربعانية بعد خروج الوسم، ويختلف وقت دخول المربعانية من حساب إلى آخر، ففي حين نجد أن تقويم أم القرى يجعل دخولها في 7 ديسمبر، تجعلها حسابات أخرى في الأول من ديسمبر، وقد لاحظ العرب منذ القدم أن دخول المربعانية يتزامن مع مشاهدة نجم النسر الواقع قبل طلوع الشمس، وهو نجم نير يشرق جهة الشمال الشرقي، وتنتهي المربعانية في 14 يناير فيكون عدد أيامها 39 يوماً، وسميت المربعانية بهذا الاسم لأن عدد أيامها 40 يوماً، وعندما تكون السنة كبيسة (366 يوماً) فيكون نوء القلب 14 يوماً بدلا من 13 يوماً، والمربعانية ليست منزلة أو نجماً في السماء، وإنما هو مصطلح يضم 3 منازل قمرية وهي: الإكليل ودخوله في 7 ديسمبر، ثم القلب ودخوله في 20 ديسمبر، وأخيراً الشولة ودخولها في 2 يناير.

أول نجوم فصل الشتاء

وطالع (الإكليل) هو أول نجوم فصل الشتاء وفقاً لحساب الأنواء، وفيه يبدأ اشتداد البرد وقد قالت العرب: «إذا طلع الإكليل هاجت الفحول وشمرت الذيول وتخوفت السيول»، والإكليل 3 نجوم نيرة مصطفة رأسياً تقريباً وتمثل رأس العقرب، يليه دخول طالع (القلب)، وهو نجم نير أحمر اللون يقع بين نجمين صغيرين يقال لهما (النياط)، ويعتبر القلب ألمع نجوم برج العقرب، وهو ثاني نجوم المربعانية وفيه قالت العرب «إذا طلع القلب جاء الشتاء كالكلب وصار أهل البوادي في كرب»، يليه طالع (الشولة) وهو ثالث نجوم المربعانية وهما نجمان متقاربان يمثلان مئبر العقرب (أي مؤخرة العقرب التي تحوي الإبرة)، وفيه قالت العرب: «إذا طلعت الشولة طال الليل طوله» ووفقاً للاستقراءات المناخية فإن طالع الشولة يعد أبرد الطوالع.