العدد 4795 - الجمعة 23 أكتوبر 2015م الموافق 09 محرم 1437هـ

إدوارد سعيد... المحنة في الحياة والموت

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

مرَّت الذكرى الثانية عشرة على رحيل البروفيسور إدوارد سعيد (ولد في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 1935، وتوفي في 25 سبتمبر/أيلول 2003). مرَّت ذكرى رحيله دون اهتمام أو ضجيج في الجغرافية التي ينتمي لها امتداداً وثقافة وتكويناً. وهو الصوت الأهم والأعلى باقتداره في الأوساط الأكاديمية العالمية، وتأثيره الكبير بتفكيكه لمنظومة الاستشراق، والاشتغال على ما بدا التباساً في الفهم، وهو ليس كذلك؛ بقدر ما هو تعمية وتعتيم، وفي كثير من الأحيان «تلفيق» يتم البناء عليه في النظر إلى هذا الجزء من العالم، بثقافته ومكوناته ووجوده. هل هي مناسبة رحيله؛ أم الاهتمام الذي حظي به حياً وميتاً في تلك الدوائر وغيرها من مراكز الإشعاع المعرفي الغربي، وبعض من دوائر الشرق البعيدة عن هذا الاستقطاب المريض الذي انشغل به أبناؤه؟

تقرير ممتع، كتبته أليسون فلود، في صحيفة «الغارديان»، يوم الأربعاء الماضي (14 أكتوبر/تشرين الأول 2014)، تناول قائمة تضمَّنت 20 كتاباً أحدثت تأثيراً وتغييراً في العالم، اصطفاها أكاديميون، وباعة كتب، ومسئولو مكتبات، وناشرون، في المملكة المتحدة، من بين 200 كتاب، ودُعي الجمهور للتصويت ابتداء من شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، ليعلن الكتاب الأكثر تأثيراً من بين القائمة. التقرير بقدر ما يكشف عن حراك لم تفقده القراءة؛ على رغم كل هذه القفزات المعرفية في مجال التكنولوجيا، ووسائل التواصل، يكشف في الوقت نفسه عن حال من التعالي والغطرسة تجاه الإنتاج الفكري والثقافي للآخر، الذي حُدِّدت له دائرة تخلُّف مغلقة، وعليه أن يظل حبيسها.

القائمة ضمَّت: «تاريخ مُوجز للزمن»، لستيفن هوكينج، «الدفاع عن حقوق المرأة»، لماري ولستونكرافت، «نقد العقل الخالص»، لإيمانويل كانط، رواية «1984»، لجورج أورويل، «أصل الأنواع»، لتشارلز داروين، «الاستشراق»، لإدوارد سعيد، «الربيع الصامت»، لراشيل كارسون، «البيان الشيوعي»، لكارل ماركس وفريدريك أنجلز، الأعمال الكاملة، لوليام شكسبير، «الخصي المؤنث»، لجيرمين غرير، «صنع الطبقة العاملة الإنجليزية»، لإدوارد تومسون، «معنى النسبية»، لألبرت اينشتاين، «القرد العاري»، لديزموند موريس، كتاب «الأمير»، لميكافيللي، «الجمهورية»، لأفلاطون، «حقوق الفرد»، لتوماس بين، «الجنس الثاني»، أو «الجنس الآخر»، لسيمون دي بوفوار، «فوائد القراءة والكتابة»، لريتشارد هوجارت، «ثروة الأمم»، لآدم سميث، و «طرق الرؤية» لجون بيرجر. يحضر في القائمة اسم عربي: بروفيسور مادة النقد المقارن في جامعة كولومبيا، الأميركي من أصل عربي، الراحل إدوارد سعيد، بكتابه الأشهر «الاستشراق».

في الولايات المتحدة، وقبل سنوات، دخل سعيد قائمة أهم 100 مفكِّر في القرن الماضي، ممن اشتغلوا على تعميق المفاهيم، وتنحية ما قرَّ لسنوات، واقتراح أساليب نظر جديدة في التعاطي مع تلك المفاهيم.

الاحتفاء الوحيد الذي حظي به الرجل لم يتجاوز ثلاث مدن بحسب ما أعلم: القاهرة، بيروت، وفي حضور عابر إلى الإمارات في إحدى الفعاليات الفكرية.

يكفي أن كتب الرجل إلى اليوم، لا أثر لها في المقررات الجامعية، باستثناء 3 أو أربع جامعات عربية؛ على رغم أنه كان الصوت العربي الأعلى نبرة، والأكثر تأثيراً، انطلاقاً من مقرِّ إقامته في نيويورك، وصولاً إلى نواكشوط. وتلك واحدة من محن المثقف في حياته وبعد رحيله.

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 4795 - الجمعة 23 أكتوبر 2015م الموافق 09 محرم 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 2:37 ص

      قائمة المؤثرين في العالم

      يبدو إن العرب خارج نطاق التأثر

    • زائر 2 زائر 1 | 7:30 ص

      لأنه في امريكا

      مقال ممتاز استاذ جعفر . لاشك ان هناك مفكرين عربا لا يقلون قامة عن ادوارد سعيد بل وسبقوه لكنهم لم يخرجو من بلدانهم . اما ادوارد سعيد فإن وجوده في الولايات المتحدة والحرية الفكرية والثقافية المتاحة ساهمت الى حدكبير في صيته وليس في منهجه. فمنهجه غربي بامتياز . اولنقل ماجاء به هو استشراق معكوس وخلط الصالح بالطالح من المستشرقين ليثبت ماكان يفكر فيه مسبقا . اظن مقالة صادق جلال العظم توضح ذلك .لكن في كل الاحوال يستحق كتابه هذه المكانة فيكفيه انه اثار سجالا عالميا لم ينته بعد . وتحياتي. يوسف مكي

اقرأ ايضاً