في سلوفينيا على الحدود النمساوية، يقوم متطوعون بمساعدة اللاجئين إلى أن تسنفد قواهم. ورغم الأعداد الكبيرة من اللاجئين، فإنهم يغادرون المخيمات فجأة بسبب خبر فتح الحدود ليعودوا إليها من جديد.
عندما يلج المرء إلى الخيمة، تصطدم حاسة شمه بروائح غزيرة وكريهة مصدرها علب اللبن الفارغة وعلب الكعك الممزقة الملقاة على أسرة المخيم. وليس ببعيد عن الأسرة، تم إلقاء حفاضات أطفال مستعملة. الخيمة مجهزة لـ400 شخص، ولكن ليس هناك من أحد بداخلها. لذلك، يستغل المتطوعون في بلدة سنتيجل السلوفينية الساعات الأولى من النهار لأعمال التنظيف والتطهير، بانتظار وصول حافلات مكتظة بلاجئين جدد. ويسرع المتطوعون في ملء الأكياس البلاستيكية بالنفايات وبتطهير الأسرة.
وتقول إحدى المتطوعات من منظمة "سلوفينسكا فيلانتروبيا" غير الحكومية: "نعم، هناك نفايات كثيرة، ولكن ما لا يعلمه الناس خارج المخيم هو أنه بين ساعة وأخرى يتم إخبار اللاجئين أن الحدود مفتوحة، وأن أمامهم دقيقتان للمغادرة". ومنذ أيام، يقوم المتطوعون بنوبات عمل تصل إلى 12 ساعة من أجل مساعدة اللاجئين في محنتهم. لذلك، فقد خارت قواهم ومن المستحيل أن يستمروا في القيام بنفس العمل على هذا النحو، كما يصرح ألوتجيز كوفاتشيك، المتحدث باسم الصليب الأحمر في ماريبور السلوفينية.
يتم تقديم الطعام ثلاث مرات في اليوم: وجبتان تشملان طعاماً خفيفاً وبارداً، إضافة إلى وجبة طعام ساخنة في الساعة الواحدة ظهراً من كل يوم، كما يؤكد كوفاتشيك. وهناك حالات طارئة باستمرار، حسب ما يقول: "في بعض الأحيان، هناك ثلاثة آلاف جائع يجب توفير الطعام لهم، ولكن قد يكون المعسكر فارغاً في أحيان أخرى. وفي المساء يتوافد لاجئون جدد عليه، وقد يحدث أن لا يحصل الكثير منهم على الوجبة الساخنة بسبب تأخر حضوره".
وعلى مقربة من مكان التزويد بالملابس، وضع المتطوعون لوحة للإشارة إلى المكان. وفي مكان آخر، يمكن قراءة عبارة "لم شمل العائلات" باللغات الإنجليزية والعربية والسلوفينية. هناك، يتنقل إسماعيل بين الناس ويظهر لهم صورة لإحدى الشابات. إنه يبحث عن أخته التي فقدها على الحدود الكرواتية السلوفينية. إحدى المتوطعات تحثه على كتابة اسمه في إحدى اللوائح، وأخبرته أنهم سيستفسرون لدى السلطات الكرواتية بهذا الشأن.
اعتبارات تجاه النمسا
في المخيم يسود جو الامتعاض والاستياء، فالنمساويون أغلقوا الحدود، حسب الأخبار التي يتداولها اللاجئون. لا أحد يستطيع تصديق ذلك، فقد كان عبور الحدود على الأقدام ممكناً طوال النهار. حول ذلك يقول المتحدث باسم الشرطة السلوفينية، ميران سادل: "سمحوا فقط لإحدى اللاجئات ومولودها الجديد بالعبور، ثم أغلقو الحدود لساعات".
ويضيف سادل: "لا نريد أن يكون بيننا وبين زملائنا النمساويين نفس المصير الذي عاشه زملاؤنا الكرواتيون ... إذا ما قال النمساويون: توقفوا نحن في حاجة إلى استراحة، فإننا سنحترم ذلك". هناك صعوبة في الحديث عن كرواتيا، هو أنها تقوم بإبعاد اللاجئين الموجودين بشكل غير قانوني إلى منطقة حرجية وراء الحدود، كما يضيف سادل، مما يعني أنه يجد نفسه مرغماً على إرسال من يبحث عن اللاجئين في الخلاء.
بعد تبدل الطقس والبرد القارس في سنتيجل، تتسامح الشرطة السلوفينية مع الأطفال الذين يتسلقون عرباتهم للحصول على قليل من الدفء داخلها، وبعدها يعودون إلى خيمتهم، حيث يذهب الحزن عن وجوههم لبعض الوقت. لكن الروائح الكريهة في الخيمة تبقى عالقة بها.