دوماً يُقال بأنّ الدنيا امتحان، بخيرها وشرّها، هي امتحان وامتحان صعب جداً، وبين الخير والشر، الإنسان يختار ما يريده، فإن اجتهدت من أجل هذا الامتحان فزت بالدرجة الأولى، وإن لم تُتعب نفسك فإنّك خسران لا محالة.
ما هو الامتحان الموجود في الدّنيا؟ وما الفوز الذي ستفوزه والخسارة التي ستخسرها؟ هل الفوز مادي أم معنوي، وهل الخسارة مادّية أم معنوية؟ وبين الفوز والخسارة، هل هناك أشخاص في الوسط؟
الدنيا تفتح أبوابها لك، فتترقّى في عملك مثلاً، أو يزيد رزقك، أو تزيد تجارتك، ويكثر المال والولد، وهذا الرزق هو امتحان، فهل تنتبه له أم تفرّط فيه؟ وقد يكون الامتحان من نوع آخر، فقد تكون فقير وقد لا تُرزق الذرّية وقد يصيبك مرض، فهل تشكر الله على نعمه وتحمده في السرّاء والضرّاء؟ أم تقنط؟
وهناك بعض النّاس من لا يؤمن بأنّ الله موجود، فلا يؤمنون بهذا الامتحان، ويظنّون بأنّ الله خلقهم ولكن لا يهتم لشأنهم، والدليل عندما يدعونه لا يستجيب لهم، مراراً كثيرة، ويعتقدون بأنّ الإنسان لن يذهب إلى جنّة أو نار، وعليه فالامتحان فاشل، وما الدنيا الاّ مجموعة من الاختيارات، نحن نختار ونحن نصنع مستقبلنا ونقلّل من همومنا وأزماتنا، ونحن نجعلها مُريحة، جرّاء الاختيارات التي بنينا عليها حياتنا.
وهناك فئة أخرى تظن أنّ الدنيا امتحان فقط عندما يبتليهم الله بالمرض وبالسخط وبالقحط، وعندما تُفرج لهم يظنونه خير ولكن ليس امتحان، فما الفرق بين امتحان الخير وامتحان الشر؟
أليس من الإيمان أن نؤمن بالقضاء والقدر خيره وشرّه؟! أليس من الإيمان أن نؤمن بأنّ الله على كل شيء قدير؟! وأليس من الإيمان أن نؤمن بأنّ الله موجود يسمعنا ويستجيب لنا؟ لماذا نذهب بعيداً عن هذه القاعدة الإيمانية؟! لابد من أسباب تجعل البعض يبتعد عن هذه القاعدة.
قد يمتحنك الله في والدين مهملين، وفي زوج مريض، وفي زوج مهمل، وفي أبناء عاقّين، وفي رزق كبير، وفي مسئول جاحد، وفي وزير غبي، وفي أصدقاء ماكرين، وأصدقاء طيّبين، وفي خادمة طيّبة أو شرّيرة، أو في جسدك سواء بالجمال والصحّة أو القبح والمرض، فكيف تتصرّف مع هذه الامتحانات؟
لماذا لا تأتي الحياة سهلة «مهلة»، لا ديون ولا قروض ولا بلاوي ولا تعقيدات؟ فقط سعادة من دون مشكلات، وراحة من دون أزمات. ولكن إذا أتت الحياة سهلة «مهلة» هل سنكون سعداء، وهل ترتبط السعادة بالامتحان؟
نعتقد بأنّ الرضا هو مفتاح السعادة، وأنّ امتحان الدنيا هو القبول بما قسمه الله لنا والسعي من أجل الأفضل، ونحن ماضون في هذه الدنيا نفرح ونحزن ونبكي ونضحك، إلى أن نكبر ونهرم إن حالفنا الحظ ونموت في النّهاية. أليست الدنيا صغيرة على حمل الحقد والكراهية في قلوبنا؟ اسعوا إلى مواجهة الامتحان، فهو ليس صعب لدى القلوب البيضاء النقيّة. وجمعة مباركة.
إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"العدد 4794 - الخميس 22 أكتوبر 2015م الموافق 08 محرم 1437هـ
السلام
أحسنتم
المرديان
تعقيبا على التعليق هو إختصار الحياة في شعر الشيخ حسن الدمستاني حيث يقول:
من يلهه المرديان المال والأمل ... لم يدر ما المنجيان العلم والعمل
الدنيا امتحان
لا يفهمه الا من هدى الله قلبه للايمان
انما الدنيا اعدت لبلاء النبلاء
رحمة الله عليك يا شيخ حسن الدمستاني اختصر واقع الدنيا في هذا البيت من ملحمته الشهيره