تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن الرياض تواجه عجزاً قياسياً في الموازنة، يتجاوز 100 مليار دولار هذا العام، ما يمثل 21.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مع تقلّص إيرادات أكبر مصدر للنفط في العالم بسبب انخفاض أسعار الخام.
وقال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في "صندوق النقد" مسعود أحمد لـ "رويترز": "واضح جداً أن السعودية في حاجة إلى تعديلات مالية كبيرة، وهيكلية تستمر سنوات عديدة، وهي تقيّم النواحي كافة، لكن لم يتضح بعد كيف ستقرّر الموازنة بين الأولويات في الإصلاحات المالية".
وكان وزير المال السعودي إبراهيم العساف قال الشهر الماضي، إنّ الحكومة بدأت خفض النفقات غير الضرورية، مع الاستمرار في التركيز على مشروعات التنمية الأساس.
وقال أحمد: "الإصلاحات المالية السعودية قد تشمل أربعة جوانب رئيسة، أحدها تعديل فاتورة الدعم المكلف الذي يُبقي على أسعار الطاقة عند مستويات متدنية، والثاني دعم إيرادات القطاع غير النفطي، عبر فرض ضريبة القيمة المضافة على سبيل المثال".
ويمكن الحكومة توفير الأموال عبر تحسين كفاءة المشاريع الاستثمارية، والسيطرة على الإنفاق الحالي، عبر ترشيد فاتورة رواتب القطاع العام.
وتشير التصريحات الحكومية على مدى الأسابيع القليلة الماضية، إلى أن الحكومة بدأت في اتخاذ خطوات أولية نحو اثنين على الأقل من تلك المقترحات.
وتوقع صندوق النقد انخفاض عجز الموازنة في مصر إلى 9.4 في المئة العام المالي الحالي (2015 - 2016)، مقابل عجز قدره 11.5 في المئة خلال العام المالي الماضي، مؤكداً في الوقت ذاته أن مستوى الاحتياطات النقدية الدولية متدنية في مصر، ما يؤثر سلباً في الثقة.
وهذا التوقع الإيجابي لا يزال أقل من تقديرات الحكومة في الموازنة المعدلة التي أقرها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مطلع تموز (يوليو) الماضي، إذ يتوقع أن يبلغ العجز 8.9 في المئة نهاية حزيران (يونيو) المقبل.
وأشار الصندوق في تقرير إقليمي إلى أن الخطة الخمسية التي تتبناها مصر بهدف إلغاء دعم الكهرباء ماضية في مسارها، فيما تأخر مسار إصلاح دعم المواد البترولية، ونبه إلى أن القاهرة لم تحرز تقدماً ملموساً في إصلاح الشركة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية للغاز الطبيعي.
وانتقد الصندوق تخفيض معدلات ضريبة الدخل على أعلى فئة، إلى جانب إرجاء فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية، متوقعاً أن تحقق ضريبة القيمة المضافة التي تنوي الحكومة المصرية تطبيقها في الفترة المقبلة ارتفاعاً كبيراً في الإيرادات.
ولفت أحمد إلى ان الصندوق قد يمنح العراق قرضاً كبيراً عام 2016 لمساعدته على تحقيق الاستقرار المالي، في الوقت الذي تعاني بغداد من هبوط أسعار النفط والحرب التي تخوضها ضد تنظيم "داعش".
وقال إن "فريقاً من الصندوق سيناقش مع المسؤولين العراقيين أوائل الشهر المقبل سُبل وضع برنامج متابعة لبغداد يراقب خبراء الصندوق في إطاره السياسات الاقتصادية للبلد".
وأضاف: "نأمل ببناء سجل لتطبيق السياسات يكون أساساً لبرنامج تمويل آخر من صندوق النقد في وقت لاحق عام 2016".
ولفت إلى أن "القرض سيكون أضعاف التمويل الطارئ الذي وافق عليه الصندوق في تموز الماضي والذي بلغت قيمته 1.24 بليون دولار".
وتفاقمت الضغوط المالية على العراق حتى اضطرت بغداد إلى وقف خطة لإصدار سندات دولية ببليوني دولار في وقت سابق من الشهر الجاري بسبب مطالبة المستثمرين بعائد كبير جداً.
ووجه إلغاء الإصدار ضربة جديدة لجهود الحكومة الرامية إلى تمويل عجز في الموازنة تتوقع أن يبلغ 25 بليون دولار هذا العام في موازنة يبلغ حجمها نحو 100 بليون دولار.
وأوضح أحمد أن "بغداد ليست معرّضة حالياً لخطر نفاد السيولة لأنها تستطيع تأجيل مشاريع الاستثمار والاعتماد على تمويل البنك المركزي إذا استدعى الأمر، لكن الحكومة في حاجة لوضع خطة واضحة وشاملة لإصلاح ماليتها، وبرنامج صندوق النقد الدولي قد يساعد في ذلك".
وسيأتي القرض الكبير بشروط تتعلق بالسياسات الاقتصادية، بينها خطوات تتخذها بغداد لخفض دعم الطاقة وإصلاح الشركات المملوكة للدولة وهى خطوات قد تكون صعبة من الناحية السياسية. ويعتقد أحمد بأن لدى السلطات الرغبة في المضي قدماً في الإصلاحات، لكنه أكد أن أي تغييرات في السياسة يجب أن تكون "مستدامة اجتماعياً وسياسياً" ومن ثم لن يسعى صندوق النقد إلى فرض خيارات.