في الحياة بعض البشر يفضلون أن يكونوا كاليد التي في الأسفل، وهي اليد التي وردت في حكاية الشيخ الجليل الذي كان يستقبل طلاب العلم والباحثين عن الحكمة من كل مكان؛ إذ كانوا يتناقلون فيما بينهم حكايات تدل على حكمته ومواقف مختلفة عنه كانت تشي برجاحة عقله.
كان من بين تلاميذه شاب فقير لا يملك المال، فجاء إلى شيخه ليستأذنه في أن يسافر في طلب المال، فأذن له الشيخ بأن يذهب.
أخذ الشاب رحاله وسافر من غير أن يعرف لنفسه وجهة محددة، إلى أن مرّ على منطقةٍ صحراويةٍ وجد فيها طيراً جريحاً ملقى على الأرض، ولكن مازال متمسكاً بالحياة رغم ما أصابه من جراح!
فاستغرب الشاب كيف يمكن لهذا الطير الجريح العيش في هذه الصحراء وهو الذي لا يستطيع الطيران أو المشي، فأخذ يراقبه فترة من الزمن علّه يصل إلى السبب، فإذا بطيرٍ آخر يأتيه محضراً إليه الطعام، فأخذته الدهشة وقال: سبحان الله الذي يرزق الطير في الصحراء، وهو من سيرزقني وأنا عند الشيخ، وقرر العودة، وعندما وصل إلى شيخه سأله الأخير: ما الذي أعادك بهذه السرعة؟
فأجاب: رأيت طيراً كسيحاً في الصحراء يأتيه طير آخر بالأكل فقلت في نفسي إن الذي رزق هذا الطير في الصحراء سيرزقني وأنا عندك أيها الشيخ.
سكت الشيخ قليلاً ثم قال:
«يا بني لماذا اخترت أن تكون الطير الجريح ولم تختر أن تكون الطير القوي، يا بني كن أنت صاحب اليد العليا التي تعطي، ولا تكن صاحب اليد السفلى التي تأخذ وأنت بمقدورك العمل والحصول على احتياجك من المال».
مثل هذا الشاب هناك شباب كثيرون من حولنا، ينتظرون اليد التي تعطيهم من غير أن يتحركوا في طلب رزقهم ورزق عيالهم وأهاليهم، منهم من يندب حظه ويلوم جميع من حوله لأنه لم يستطع الحصول على وظيفة ثابتة براتب ثابت ويلجأ للكسل والانتظار غير المجدي من غير أن يفكر في بديل مؤقت يستطيع من خلاله أن يقي نفسه ومن يعيل طلب الإعالة من غير الله، هؤلاء ينتظرون أن تأتيهم الوظيفة التي على مقاسات أحلامهم وهم في بيوتهم ساكنين عن الحركة والتجربة والبحث والسعي وكأنهم ينتظرون معجزة، حتى وهم يرون ويسمعون عن وجود كثير من الشباب رجالاً ونساء ممن اقتحموا مجالات عديدة واستطاعوا أن يحصلوا على قوت يومهم ولو بالشكل اليسير؛ لأنهم يرفضون الاعتماد على غيرهم، فيما يذهبون هم إلى البعيد من الكسل والاتكال على غيرهم.
الحياة صعبة كفاية لأن تجعل كل شخص في كفاح مستمر لتحقيق أمنياته، غير تاركة لمن يركنون للكسل أي مكان فيها، ولهذا لابد أن يحاول كل فرد وعليه أن يترك بصمته وأن يكون اليد التي تعطي لا تلك التي تنتظر من يتصدق عليها مادام شاباً قادراً على العمل وابتكار الوسائل.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4793 - الأربعاء 21 أكتوبر 2015م الموافق 07 محرم 1437هـ
ايقونة الوسط
صح لسانك يا ايقونة الوسط, بالفعل نحن لسنا بحاجة لمكارم وزارة العمل بقدر ما نحن بحاجة (كمجتمع) لشحن شبابنا بالطاقة والطموح والدعم المباشر لاقتحام مجالات الحياة المتعددة, هناك فرص كثيرة, ولكن للامانة يجب دعم وتشجيع الشباب من قبلنا نحن ايضا على سبيل المثال اذا افتتح شاب مشروع صغير (مطعم او محل) فيجب اعطاء الاولوية له وترك الاجنبي, الحديث يطول في هذا المقام ولكن سأكتفي بما سردته وبالتوفيق للجميع