بات الحديث عن التقشف وإجراءاته وتبعاته الشغل الشاغل في البلاد وفي مختلف القطاعات في ظل تراجع المداخيل العامة التي تعتمد بالأساس على تصدير النفط.
التقشف في حد ذاته قد لا يكون سلبيا وإنما هو أمر ايجابي ومطلوب كأسلوب حياة وكخطط وبرامج عملية توازن بين المصروفات والمداخيل كما توازن بين المردود وبين ما يصرف على تحقيقه.
المشكلة لدينا أن يتحول التقشف من برنامج عمل إلى شعار يلصق به كل شيء وهي العادة التي نتبعها دائما، فمن أجل التخلص من العمل الجاد نكبر الشعارات ونعتبرها هي برنامج العمل المطلوب وهو ما يخلصنا من تبعات المرحلة.
بات أسهل ما يمكن أن يقال إننا في مرحلة تقشف وهو ما يبرر غياب الخطط والبرامج ويبرر تقاعسنا عن أي عمل كما يبرر تراجعنا إن حدث، فالشعار قابل لحمل كل التبعات.
تكبير الشعار أيضا يسهل تمرير أي إجراءات، وفي القطاع الرياضي يمكن من خلال حمل لافتة التقشف صرف المزيد من الأموال على برامج فاشلة وإيقاع المزيد من الظلم على برامج تمثل مستقبل الرياضة في البلاد.
عندما نمر بمرحلة تقشف فهو لا يعني توقف العمل، وإنما يعني مزيدا من التخطيط السليم والبرامج العملية المنتجة التي تستثمر الأموال في موقعها الصحيح وبما يجعل رياضتنا في موقعها الريادي المطلوب.
المتابع للتصريحات الرياضية التي تصف مرحلة التقشف الحالية يظن لوهلة أننا في مرحلة الطفرة المالية كنا نصرف أموالنا في الطريق الصحيح وبالتالي فإن برامجنا يمكن أن تتضرر في هذه المرحلة.
الصحيح أننا كنا في السابق نصرف بطريقة «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب» وفي الحاضر مستمرون بالطريقة نفسها ولكن بفرق بسيط وحيد أن صرفنا هذه المرة تحت شعار «التقشف».
الأسلوب هو ذاته والطريقة هي ذاتها والفرق في توفر السيولة الآنية، إذ لم نقرأ أو نسمع أي حديث من أي مؤسسة رياضية أو نادٍ محلي عن تضرر برنامج عملي واقعي بتقليص الموازنات، وإنما كل الحديث هو كلام عام من دون وقائع حقيقية.
التقشف يمكن أن يكون له نواحٍ ايجابية حقيقية وهو أنه يوضح لنا أكثر من أي وقت مضى أننا نسير رياضيا على البركة، وإن رياضتنا مهما ضخت فيها من أموال أو تم تقليصها فلا فرق يذكر إلا في أرقام الصرف.
فبدلا من أن نجلب مدربا بعشرة آلاف دولار سنجلب مدربا بنصف المبلغ، وبدلا من أن نجلب محترفا بـ 15 ألف دولار سنجلب بـ 9 آلاف، وبدل أن نسافر على الدرجة الأولى يمكن أن نسافر على درجة رجال الأعمال وهكذا.
فالعبرة لدينا بالرقم وليس ببرنامج العمل، فطريقة الصرف هي ذاتها أما أن نقيم بالفعل عملنا ونختار ما هو الأنسب لنا من أساليب تدريبية تخدم رياضتنا وتطورها أو من مشاركات خارجية واجتماعات عمل لا جدوى منها إلا تغيير الجو والسياحة فهي أمور مستبعدة في زمن الطفرة أو في مرحلة التقشف.
اللجنة الأولمبية البحرينية وبدل أن تعمم مرحلة التقشف كشعار عام تقلص من خلاله ما تدفعه من أموال للاتحادات وللأندية الوطنية، فكان الأولى أن تصف المرحلة بأنها مرحلة التخطيط المبرمج الذي يوازن بين ايراداتنا وبين النتائج المرجوة من صرف هذه الإيرادات سواء كانت هذه النتائج على المدى القريب أو المتوسط أو البعيد.
فالعمل المؤسسي ومن خلال الكوادر الكفوءة والمتخصصة يستطيع أن يحول التحدي إلى فرصة تنقل رياضتنا من مرحلة التسيير والبركة إلى مرحلة التخطيط والبرامج المتخصصة، فأي الطريقين سنسلك؟!.
إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"العدد 4791 - الإثنين 19 أكتوبر 2015م الموافق 05 محرم 1437هـ