بعد إجازة طويلة عاد النواب إلى مقاعدهم النيابية يوم الأحد (11 أكتوبر/ تشرين الأول 2015)، وأمامهم الكثير من القضايا التشريعية والاقتصادية التي تحتاج منهم إلى مناقشتها والبت فيها، وأمامهم مجتمع بمختلف فئاته، ينتظر منهم عملا متواصلا لإخراج البلد من أزمته الاقتصادية التي ألقت بظلالها على حياة المواطن بكل مستوياته الاقتصادية.
فالمواطن في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد ليس لديه أدنى استعداد للاستماع للمناكفات أو التصريحات غير الواقعية، أو إلقاء اللوم على هذا الطرف أو ذاك، كل ما يريده البحث عن حلول اقتصادية ناجعة تخرجه من هذه الأزمة التي بان تأثيرها بوضوح، والتي كل مؤشراتها لا تسر حبيباً في هذا البلد، فكل المواطنين يترقبون من السادة النواب أن يكونوا على قدر الحدث الذي يقلق البلد، والذي لم يعد خافياً على المواطن.
فجل المواطنين يتابعون باهتمام بالغ حال اقتصاد بلادهم أولاً بأول، والكثير منهم مطلعون على أرقام العجز في الموازنة العامة، وارتفاع الدين العام، وحجم الإنفاق والانخفاض المستمر في سعر النفط، ومنهم من يتتبع حثيثا ما يكتب في التقارير والدراسات والبحوث والقراءات الاقتصادية التي يعدها مختصون في علم الاقتصاد عن الأزمة المالية، ومنهم من يستمع بصورة مباشرة أو عن طريق الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، إلى الندوات والمحاضرات والتحليلات الاقتصادية التي تتحدث عن الأزمة المالية وأسبابها وتداعياتها والحلول المقترحة، فالمواطن بصورة عامة أصبح على دراية معقولة بوضع البلاد الاقتصادي، فمن الصعب على السادة النواب التحدث معه خلاف قناعاته الناتجة عن اطلاعه ومتابعاته الحثيثة في الفترة الأخيرة، فالسادة النواب عليهم أن يتوخوا الحذر الشديد في حال حديثهم مع المواطن عن الأزمة الاقتصادية في البلاد، فهم أمام مواطن واع ومدرك بنسبة جيدة بأكثر الأمور المتعلقة بالأزمة المالية، ومحيط نسبيا بالوضع الاقتصادي من مختلف جوانبه، كل ما يريده المواطن من السادة النواب أن تكون لهم مبادرات جريئة يبينون من خلالها أنهم يقدمون مصالح الوطن الاقتصادية على مصالحهم الشخصية، وليكونوا سببا في حفز آخرين من وزراء ووكلاء وزارات وغيرهم من الجهات الرسمية أن يحذوا حذوهم، من قبيل المطالبة بتخفيض مكافآتهم الشهرية (المرتبات) إلى نسبة 50 في المئة، مشاركة منهم في تخفيض النفقات التي تثقل على الاقتصاد الوطني كثيرا، فلو جميع أعضاء المجلس الوطني بغرفتيه (النواب والشورى) الذين عددهم 80 عضواً، تنازلوا عن 50 في المئة من مرتباتهم الشهرية، فإنهم سيوفرون لموازنة الدولة 2304000 دينار في السنة على أقل تقدير، وفي الثلاث سنوات المتبقية سيوفرون لخزينة الدولة 6912000 دينار.
ناهيك عن بقية الامتيازات التي يحصلون عليها، يريد منهم المواطن أن يكونوا على قدر الوضع الحالي في تصريحاتهم وفي اقتراحاتهم لحل الأزمة الإقتصادية المؤلمة، التي جعلت المواطن لا إراديا يصاب بالهلع والخوف الشديدين على مستقبل البلاد الاقتصادي، كيف لا وهو يجد العجز في الموازنة العامة في صعود مستمر حتى وصل إلى رقم مخيف جدا، لم يسبق له مثيل في الموازنات السابقة، والذي زاد من نسبة الاقتراض، وجعل الدين العام يفوق 7 مليارات وقد يصل إلى 10 مليارات دينار في المستقبل المنظور.
والمواطن الواعي يرى أن القرارات والإجراءات الاقتصادية التي اتخذت في الآونة الأخيرة لا تسهم في معالجة الأزمة المالية بصورة جذرية، ولا تقلل من قيمة العجز ولا من حجم الدين العام، وإنما قد تخفف من شدتها بنسبة متدنية، فقلق مختلف فئات المجتمع، تجار وموظفين وعمال ومهنيين وعاطلين ومتقاعدين وفقراء وأغنياء لم يأت من فراغ، فكل المواطنين يشعرون بالألم الشديد الذي يضغط بقوة على أعصابهم ونفوسهم، وخصوصا بعد سماعهم عن حجم الأزمة المالية التي تمر بالبلاد، وعن الأخبار التي تحكي عن خطوات رفع الدعم عن السلع المدعومة، مثل البترول ومشتقاته والكهرباء والماء والطحين، وقد بدأت بخطوة رفع الدعم عن اللحوم البيضاء والحمراء، التي أحدثت إرباكا واضحا للمجتمع بكل شرائحه، والكل في البلاد كبارا وصغارا، فقراء وأغنياء ، يبتهلون إلى الله العلي القدير لإخراج بلدهم من أزمته الاقتصادية الثقيلة، والانتقال بالوطن إلى مرحلة أفضل قريبا في كل الأبعاد الاقتصادية والسياسية والأمنية والإنسانية والحقوقية والقانونية، ويعود التلاحم الوطني بين كل مكونات الوطن العرقية والمذهبية والطائفية إلى سابق عهده أو أفضل منه بكثير، والمواطن يعلم أن الدعاء وحده لا يحل الأزمة الاقتصادية في البلاد ما لم تتكاتف جميع الجهود في البلاد لحلها، ويعلم أن تكاتف الجهود لا يمكنه أن يعطي النتائج المجدية إلا بوضوح أبعاده، فالمنطق يقول إن هناك متطلبات أساسية لجعل التكاتف إيجابيا وفعالا ومكتملا في جميع أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، فدخول الأطراف السياسية في البلاد في حوار جاد، يخلق بيئة صالحة للتكاتف المثمر وللتوافق على مختلف الملفات العالقة، فإذا تحقق هذا المطلب ووضع الجميع أفكارهم ورؤاهم وقدراتهم وإمكانياتهم العقلية في خدمة بلادهم بعيدا عن كل المؤثرات النفسية، من المؤكد في مثل هذا الحال يكون الوطن وحده هو الرابح، نسأل الله أن يقي وطننا الغالي من كل تداعيات الأزمات المالية والسياسية، وأن يجعله متقدما ديمقراطيا، ورائدا بجهود وكفاءات أبنائه البررة، في كل المجالات الإنسانية والاجتماعية والعلمية والتعليمية والتربوية والمعمارية والصحية والخدمية والتقنية والتكنولوجية، ويجعل رايته ترفرف عالية خفاقة في كل الميادين المحلية والإقليمية والعربية والدولية.
إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"العدد 4790 - الأحد 18 أكتوبر 2015م الموافق 04 محرم 1437هـ
النواب والوزراء مستحيل
شكراً على المقال الفذ. ولكن للأسف سبب الأزمة هم هذه الطبقة من المنتفعين من نواب و وزراء و وكلاء وغيرهم. ليسو مهتمين بإيجاد حل طالما ان الازمة على المواطن الفقير لحد الآن فقط
اللي شرمه يغرمه= ليس الشعب هو من اوقع البلاد في هذه الازمة فماله يدفع ثمنها؟
من ادخل البلاد في هذا النفق المظلم ليس هو الشعب ومحاولة تحميل الشعب ما لا دخل له فيه هذه ظلامة جديدة.
لا احدا يستطيع.
فى هذا البلد لا نواب ولا غيرهم يستطيع ان يعمل شيئا لما تريده الحكومه ان تفعله مادام الغول جاثما على مقدراتها .