لم يكن ليخطر في بال سائق التاكسي محفوظ الياسين، أنه سيتعرض إلى ما تعرض له، قبل يومين، وأنه سيتحول من شخص مغمور، يجري وراء رزق أسرة فقيرة ليس لها من عائل سواه، إلى شخصية مشهورة تلقى التعاطف من سعوديين وخليجيين كثر، وأن تصبح قصته مع الراكب «الأرعن» ومؤازرة الجميع له، إلى مثال في التعايش ونموذج يضرب مخططات تفريق المجتمع ، وفق ما نقلت صحيفة الحياة اليوم الأحد (18 أكتوبر/ تشرين الأول 2015).
خلف مقود سيارة الأجرة، التي يقودها منذ ٢٠ عاماً، بينما يمشط أرجاء المنطقة الشرقية، ترتسم أمامه وجوه كثيرة أولها وجها أبنيه، اللذين يستعدان للزواج، وقطع من أجلهما مسافة طويلة ليصل إلى مدينة الرياض، ليشتري غرفتي نوم لهما، لأن الأسعار هناك أقل من ما هي عليه في المنطقة الشرقية. لم يبالي محفوظ، بتزاحم الأمراض في جسده الأسمر، المهم أن يدخل منزله المتواضع في آخر النهار، وهو يحمل الطعام إلى أفواه تنتظر إطلالته بعد ساعات من الغياب.
كادت الحادثة التي وصمت بـ«اللا إنسانية»، أن تودي بحياته بعد ارتفاع السكر عنده، لولا الأهل والجيران الذين عمدوا إلى تهدئته. لم يكترث الرجل بصرخات الجاني، كل ما كان يريده هو أن يهدأ، بينما الابتسامة لا تفارق وجهه المتعب.
من ناحية، لم يكن التفاعل في وسائل التواصل الاجتماعي «تويتر» و«فيس بوك» بالغريب، إذ انتصر المغردين له وطالبوا بمحاسبة ومعاقبة المتسبب. وأظهر المقطع المصور تلاحماً كبيراً بين أطياف المجتمع، وفسر أبعاد هذه القضية التي كانت من الممكن أن تكون مجرد حكاية لن يعرفها الناس، «لولا توريط الجاني نفسه بالتصوير الذي يدرجه القانونيون ضمن جرائم التشهير».
وأكد عبدالله الياسين (قريب للحاج محفوظ) في حديث إلى «الحياة»، أن ما حصل مؤلم ومخيف، موضحاً أنه بعد انتشار المقطع المصور، تحركت الجهات الأمنية في البحث عن الجاني، وأنه خلال أقل من ٢٤ ساعة، تم استدعاء محفوظ الياسين لأخذ أقواله. وأضاف الياسين قائلاً، إن مدير الشرطة اعتبر المقطع المصور، «يكفي عن أي قول أو سرد حكاية». وذكر أن مدير الشرطة قال لهم أيضاً، إنه سيتم التحقيق مع الجاني، الذي اتضح أنه يعمل في وزارة الداخلية، إدارة الجوازات، قسم الترحيل، «لأنه استخدم الترهيب ضد مواطن، إضافة إلى ابتزاز محفوظ من خلال طلبه ٥٠٠ ريال». وأضاف عبدالله الياسين أنهم لم يتقدموا بشكوى، «إنما القضية تحولت إلى قضية عامة، بعد انتشار المقطع المصور»، مشيراً إلى أن الشرطة أكدت لهم أن القضية ستأخذ مجراها، وأن محفوظ سيأخذ حقه، إضافة إلى الحق العام.
بدوره، أفاد المتحدث باسم شرطة المنطقة الشرقية العقيد زياد الرقيطي، أنه فيما يتعلق بالمقطع المصور، الذي تم تناقله عن سائق تاكسي في الأحساء وتعرضه للإهانة مــن شخص كان يقله، «بلغنا أن شرطة الأحساء ألقت القبض على الـــشخـــص، وجارٍ التحقيق معه لإحالته إلى هيئة التحقيق والإدعاء العام».
من جهة أخرى، أحدث المقطع المصور، الذي سجل أكبر نسبة مشاهدة، ضجة كبيرة وأثار غضب شرائح المجتمع كافة. وتفاعل مبتعثون سعوديون مع القضية، وناشدوا قانونيين «بتحمل واجب الدفاع والمطالبة عن السائق المسكين».
ولم يكن وسم «أنا سني وأطالب بأخذ حق السائق الشيعي»، وسماً عادياً إذ أبرز جانباً وطنياً مهماً، بعد تولي المواطنين السنة الدفاع عن مواطن آخر شيعي، الأمر الذي أسقط، في رأي عدد كبير من المتابعين، مخططات تفريق المجتمع. وتحول «الوسم» إلى ظاهرة اجتماعية، تخطت المحيط السعودي لتشمل الخليجي، إذ تعاطف مغردون خليجيون مع الحادثة، ووصفوها بـ«المخزية»، ما جعل هذا السائق المغمور، يصبح شخصية مشهورة، وباتت صوره تتسيد مواقع التواصل الاجتماعي.
من أمِنَ العقوبة أساء الأدب
تخيّلت لو كان سائق التاكسي والدي!!! شعرت بالامتعاض والغصة وانشحنت ضد الراكب "الأرعن" رغم إني لا أعرف عنه إلا أنه شخص طائفي وعنصري مريض!
لماذا لا نشاهد مثل هذه المواقف في البحرين أو الكويت أو عمان مثلاً؟!
رغم أن هناك قانون يغلظ العقوبة على إثارة النعرات الطائفية إلا أن الواقع شئ بين أطياف المجتمع و"ترّهات" مواقع التواصل الاجتماعي شئ آخر.
إنها ثقافة مجتمع وتنشأة تُزرع في النفوس منذ الصِغر.
موجودين في البحرين
نعم موجودين مثل هؤلاء الركاب ... ولكن السواق هنا في البحرين أقوى من أن يستفزهم شخص ارعن مثل هذا الراكب ودائما الرد يكون أقوى مما يتوقع . ( سائق تكسي ) .