لم تعد سيارات اليوم مجرّد مقود ومحرك وأربعة إطارات، بل تحولت إلى حاسبات معقّدة تدفع عشرات الملايين من البيانات المشفّرة برموز ، وفق ما نقلت صحيفة "الحياة" اليوم الأحد (18 أكتوبر / تشرين الأول 2015).
ونظراً إلى احتواء السيارات الحديثة على خصائص عدة يتحكم بها الحاسوب وتتطلب وجود اتصال بالإنترنت، فإنها تقبع تحت خطر الاختراق من جانب المجرمين الإلكترونيين وقراصنة الإنترنت.
وأثار المقال الذي نشره موقع "وايرد" الشهر الماضي عن خبيرَيْ أمن أميركييَنْ سيطرا على سيارة "جيب شيروكي" قلق الكثيرين، خصوصاً أنهما تمكنا من التحكم في السيارة عن بعد، بدءاً بنظام التبريد ومسّاحات الزجاج ووصولاً إلى المكابح، وذلك عبر استخدامهما الحاسوب.
وأبلغ الخبيران شركة "فيات كرايسلر" التي تعد الشركة الأم لـ"جيب" المصنعة للسيارة، عن اكتشافهما قبل أشهر عدة، ما دفعها لاستدعاء 1.4 مليون سيارة بغرض إجراء إصلاحات برمجية لحمايتها من أي اختراق محتمل.
ولا تنجح محاولات قرصنة هذه السيارات نتيجة لإهمال الشركة المصنعة بالضرورة، بل يعود ذلك إلى انعدام التحضير الأمني في معظم شركات تصنيع السيارات المزودة بخدمات الإنترنت.
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أن هناك انقطاعاً تاماً في التواصل بين صانعي السيارات وخبراء الأمن الإلكتروني، يحول دون حل مشاكل الثغرات الأمنية.
وبدأت "جنرال موتورز"، إحدى أكبر شركات صناعة السيارات في العالم، سدّ هذه الفجوة من خلال إطلاق برنامج رسمي للتعاون مع خبراء الأمن المعلوماتي لكشف الثغرات الأمنية المعلوماتية.
وقال مدير الأمن المعلوماتي في الشركة جيفري ماسيميلا إن "الباحث الذي يبلغ عن مشكلة، سيكافئ على نحو خاص".
وأتى القرار بعدما كانت ملايين السيارات التي تصنعها الشركة معرّضة للاختراق لمدّة 5 سنوات، وإصلاحها نظام سيّاراتها من قرصنة "أون ستار"، بعد ساعاتٍ من نشر موقع "وايرد" مقالاً يؤكّد إمكان اختراق سيارات الشركة والتحكم بفتحها وتشغيلها.
وتعتمد القرصنة على اعتراض إشارات الراديو لإغلاق وفتح السيارات، إذ يقوم القراصنة باعتراض الشفرة وإعادة إرسالها للسيارة للاستيلاء على كل ما في داخلها من أغراض ثمينة أو اختراق شبكتها اللاسلكية وإعادة برمجة السيارة وتوجيهها حيث أرادوا، ويمكنهم أيضاً التحكم في سرعتها أو حتى تفجير إطاراتها.
وأصبحت قرصنة السيارات مشكلة متزايدة تعاني منها الدول المتطورة، إذ شهدت المملكة المتحدة أكثر من ستة آلاف حادثة اختراق وقرصنة للسيارات من دون مفتاح في لندن وحدها.
ولا تعد قرصنة السيارات من الأمور المقلقة في آسيا وأفريقيا حالياً، حيث يبلغ سعر السيارت الحديثة التي تتوفر فيها خدمة الإنترنت ما يقارب 55 ألف دولار، ما يجعلها صعبة المنال على قطاع كبير من الجمهور، لكن الأمر مختلف في الشرق الأوسط ودول الخليج، حيث يكثر الطلب على السيارات الفاخرة الحديثة.
وتعتبر جرائم الإنترنت ثاني أكبر الجرائم الاقتصادية والأكثر شيوعاً في الشرق الأوسط. وعلى رغم العقوبات الكبيرة المتعلقة بها، لكن من المتوقع استمرار نمو هذا النوع من الجرائم في المنطقة، ما من المرجّح أن يؤدي إلى خسائر فادحة تتراوح بين مليون ومئة مليون دولار سنوياً.