الحديث عن السياسة في المنطقة العربية هو حديث يحمل الكثير من الملفات التي يوما بعد يوم تتعقد في كل بلد عربي.
والتعقيد يكمن في غالبه في مقاومة التغيير الذي انطلق مع الربيع العربي وما تبقى منه اليوم إلا القليل.
وتونس اليوم تمثل في توافقها الوطني مثالا قد يقتدى به في المنطقة العربية، وهو ما أدى إلى حصدها لجائزة نوبل لسلام.
فهذا البلد الصغير في شمال إفريقيا قد يكون الأمل المتبقي في منطقة مازالت تتفاقم فيها الصراعات والحروب لكن يبقى هناك الأمل في التحرر من قبضة التطرف والتعصب التي حولت شعوبنا ولاسيما في الخليج إلى شعوب غارقة في الكراهية على مختلف المستويات.
لقد وصل بنا الحال إلى التفجير والتهديد وإطلاق النار بسبب الكراهية والتطرف والتعصب كما حدث مساء أمس الأول (الجمعة) في سيهات بالمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية. وهي ليست الحادثة الاولى في هذه المنطقة أضف إلى ذلك ما حدث في الكويت في رمضان هذا العام واستمرار التحرش وإطلاق النار أمس (السبت) على حسينيتين في البحرين بكل من بلدتي دمستان والهملة جنوب غرب العاصمة المنامة.
ما حدث وما يحدث يعكس حالة الموت السريري التي أصابت الربيع العربي بسبب مقاومته والخوف من التغيير الذي يحقق ما لا تريده أنظمة المنطقة.
ولذا فان الشعوب غرقت في تناحرات داخل المجتمع الواحد بسبب الطائفية والفرقة والتناحر بين المسلمين. فتحولت بلدان المنطقة العربية كل بحسب مستواه إلى بلاد مصدرة لثقافة الكراهية وتكفير الآخر بل وإعطاء دور مبرر للقتل.
هذا النفس البغيض أصبح للأسف سمة الإنسان العربي ولعله أصبح اليوم يتكرر في كل الحوادث التي حدثت في السعودية والكويت حتى الان كما أن المصيبة الكبرى تكمن في ان التنظيمات الإرهابية باتت تتكلم بلسان أكثر من مليار مسلم، وتسعى بدأب لنيل الشرعية، وفرض أطروحاتها الكاذبة والترويج لها مما سبب حرجاً للإسلام والمسلمين العرب في الغرب عموما.
ً وفي أوروبا على وجه الخصوص، بحيث أصبحت مجتمعات الاستقبال الأوروبية تمارس ضغطاً كبيراً على الجاليات والأقليات المسلمة وحتى الحال مع تدفق اللاجئين القادمين من سورية والعراق وأفغانستان، وذلك للشكوك لديها حول الاتجاه العام الذي تمضي نحوه هذه الشريحة من المسلمين داخل المجتمعات الغربية وأي إسلام تتبناه. وهو أمر لا تلام عليه أوروبا في ظل تنامي القتل والتطرف باسم الإسلام.
ان ما تحتاج إليه شعوبنا هو دعم وترسيخ قيم التسامح الديني والمواطنة ومناهضة التعصّب والعنف. وهذا لا يتم إلا من خلال تعميق قيم تلك المفاهيم عبر التعليم منذ الصغر ولكن ما هو متوفر حاليا وعلى مدى أربعين عاما في مناهج الكتب الدراسية والدين المتوفرة في بعض بلدان الخليج مثلا لا يعزز مثل تلك المفاهيم. فتعليم ثقافة الحوار والتسامح وغرسها في الإنسان منذ نعومة أظفاره يريح جميع الأطراف.
وهذا يستلزم في بعض الحالات إعادة تشكيل مناهجنا التعليمية وتنقيتها مِن بعض الظواهر السلبية الداعية إلى الكراهية والتعصب، بحيث تعكس ثقافة التفاهم والحوار وتقوم بأداء أفضل في ترسيخ قيم المواطنة والإنسانية بعيداً عن ثقافة التهميش والتمييز الذي يعزز الكراهية تمهد لنقل دروس في القتل بيد التطرف.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 4789 - السبت 17 أكتوبر 2015م الموافق 03 محرم 1437هـ
العربي إرهابي
دروس كثيرة تعلمها من يريد القتل والدمار في مجتمعاتنا