العدد 4788 - الجمعة 16 أكتوبر 2015م الموافق 02 محرم 1437هـ

الشيخ فاضل الزاكي يستعرض كتابه «واقعة الحرة»

في منتدى «التوعية الثقافي»

الزاكي متحدثاً في أمسية تدشين الكتاب
الزاكي متحدثاً في أمسية تدشين الكتاب

ذهب الباحث الشيخ فاضل الزاكي إلى أن من أسباب تأليفه لكتاب (واقعة الحرة) هو قلة المصادر والبحوث عنها فأشار إلى أن الباحث لا يجد سوى مصادر قليلة تتحدث عن هذه الواقعة، وتابع أتذكر في أثناء تأليفي للكتاب وفي فترة الدراسة الدينية الحوزوية زارنا السيد عبدالله الغريفي في مدينة قم فسألني حينها عن أهم انشغالاتي، فأجبته أنني أعكف على إعداد بحث عن (واقعة الحرة) فتوقعه في صفحات معلقاً أن المعلومات عن الحادثة شحيحة جداً، وفعلاً هذا ما وجدته، فأغلب المصادر تتكلم عن هذه الحادثة في وريقات فقط، ولكن الدأب والبحث في الموضوع وجمع النتف من هنا وهناك، وتتبع المعلومات في المصادر التاريخية المختلفة، هو ما جعلني أنجز هذا الكتاب الذي بين أيديكم حتى وصل إلى 500 صفحة تقريباً»

هذا ما أشار إليه الباحث الشيخ فاضل الزاكي خلال استعراض كتابه (واقعة الحرة) وذلك في جلسة ثقافية أقامها المنتدى الثقافي بمكتبة جمعية التوعية الإسلامية في الدراز، مساء يوم الأحد 11 أكتوبر/ تشرين الأول 2015، بحضور مجموعة من المهتمين والمثقفين.

أهداف الكتاب

يقع كتاب (واقعة الحرة) تأليف عالم الدين الشيخ فاضل عبدالجليل الزاكي في 539 صفحة من الحجم المتوسط طباعة مركز الغدير للدراسات والنشر والتوزيع، ويشير مؤلفه إلى «أن الكتاب يسعى إلى البحث حول واقعة الحرة وما جرى فيها من أحداث سجلتها كتب التاريخ، ومحاولة ربط بعضها ببعض في سياق تسلسلها الزمني لرسم صورة واضحة ومتكاملة ترفع أي إبهام قد يثار حولها، بالإضافة إلى إعطاء نظرة تحليلية للواقعة ببيان أسباب قيام أهل المدينة ضد يزيد، وأهداف هذا القيام وأسباب الهزيمة ونتائجها، بالإضافة إلى حجم الجرائم التي ارتكبها جيش يزيد في المدينة ودفع شبهات من يسعى لتبرئته، واستعراض ما دونته المصادر من نصوص شعرية حولها، ومحاولة جرد أسماء من قتل في هذه المعركة، ويضيف الزاكي «يعد كتاب واقعة الحرة أول كتاب معاصر يتحدث عن الواقعة بدراسة مستوعبة ومستقلة، إذ لم نعثر في المكتبات من أفرد لهذه الواقعة كتاباً مستقلاً، سوى بعض الكتب التي ألفت في القرون الإسلامية الأولى ولكنها لم تصل إلينا».

ثاني حدث مهم

في بداية حديثه أشار الزاكي إلى سبب تسمية واقعة الحرة بهذا الاسم أنها وقعت في منطقة حرة واقم وهي أرض صخرية تتميز حجارتها وصخورها باللون الأسود في المدينة المنورة شرق البقيع، وتعد معركة الحرة ثاني حدث يقع بعد تولي يزيد بن معاوية إذ بدأ حكمه بمعركة كربلاء ومقتل الحسين وأصحابه سنة61 هـ، والحادثة الثانية واقعة الحرة 63هـ واستباحة المدينة المنورة، والحادثة الثالثة محاصرة عبدالله ابن الزبير في مكة وضربها بالمنجنيق، حيث ظل الجيش هناك ولم يبارحها إلا بعد وفاة يزيد، وأضاف الزاكي أن الباحث يلفت نظره قلة المصادر عن «واقعة الحرة» ويرجع ذلك لشدة التكتم حولها، رغم أنها حدثت في مكان له قدسيته وراح ضحيتها مجموعة كبيرة ممن لهم قدسيتهم أيضاً من الصحابة والتابعين من المهاجرين والأنصار وأبنائهم، ومحاولة إخفاء هذه الجريمة يعكس تغلغل الهوى الأموي عند بعض المؤرخين.

وفد عبدالله ابن حنظلة

وعن أهم مجريات الأحداث في واقعة الحرة أشار الباحث إلى أنه بعد تولي يزيد بن معاوية توجّه وفد من المدينة المنورة للشام، فلم يقابلهم يزيد إلا بعد مرور شهر لبث الرهبة في نفوسهم، ولما رأوا ما عليه فساد حاله ومآله بالرغم من أنه في النهاية أكرمهم ببذخ واضح إلا أن ذلك لم يشفع له فعاد الوفد برئاسة عبدالله ابن حنظلة الذي أعلن الثورة في المدينة، مما جعل يزيد يجهز جيشاً بقيادة مسلم ابن عقبة المري، ورغم أن الثوار تحصنوا بحفر خندق حول المدينة حتى لا يدخلها جيش مسلم إلا أن الأخير تسلل من خلف البيوت واشترى بعض الذمم فدخل المدينة، وواجه الثوار في شرق البقيع فكانت (واقعة الحرة) وأسرف مسلم في القتل حتى سماه أهل المدينة مسرفاً، واستباح المدينة المنورة ثلاثة أيام بالقتل وهتك الأعراض فقتل الكثير من الصحابة والأنصار وأبنائهم، ولم يرجع عن الأسرى حتى يقروا بالعبودية وأنهم خول ليزيد بن معاوية.

واقعة الحرة وفشل الثورة

علل الباحث الزاكي فشل الثورة على يزيد في (واقعة الحرة) أنها كانت حركة عفوية وغير مدروسة، أو مخطط لها، وشابها الكثير من القرارات الارتجالية، نظراً لتشتت قياداتها وتعددهم من مثل عبدالله بن مطيع، وعبدالله بن حنظلة، إذ لم يخططوا لهذه المواجهة، ولم ينسقوا مع الأمصار الأخرى، ولم يجهزوا جيشاً لذلك فالثوار هم من أهل المدينة نفسها في مقابل جيش مدرب يتمتع بالقوة والتنظيم والتفوق العددي والعسكري، هذا بالإضافة إلى وجود المثبطين واستمالة بعض الوجهاء وتحييدهم أو شراء بعضهم بالمال، وهو ما سهّل عبور الجيش للمدينة، وفك تمنّعها بالخندق فدخل جند مسلم متسللين من بين البيوت، فكانت الهزيمة للثوار حيث راح ضحية هذه الواقعة ما يقارب 6000 شخص واستبيحت المدينة المنورة ثلاثة أيام رغم قداستها فقتل من قتل وهتكت الأعراض.

موقف الهاشميين

وحول موقف الإمام علي زين العابدين من هذه الثورة أشار الزاكي إلى أن عموم الهاشميين لم يكونوا حينها مع هذه الثورة، وكان موقف الإمام ملفتاً فلا هو داعم ولا معارض لها، فلو دعمها لكان ذلك ذريعة لمسلم ابن عقبة لقتله وكان الأخير يتحين الفرصة لذلك ففوت علي بن الحسين تلك الفرصة على مسلم، ولو انتقد الإمام الثوار وعارضهم لكان ذلك الموقف يعد تأييداً ليزيد، ولهذا لم يدعم ولم يشجب، وما كان ليضع نفسه في مهب الريح إذ لم يكن أهل المدينة ليقفوا معه في ذلك، وأكد الزاكي بحسب بحثه أنه لا علاقة بين هذه الثورة وثورة الإمام الحسين على يزيد قائلاً «لم نجد قولاً واحداً أن قتل الحسين كان سبباً من أسباب ثورة الحرة» .

منهجية تاريخية

وفي ختام عرض الكتاب دارت الأسئلة والمداخلات حول المنهجية التي اعتمدها الكاتب في بحثه وتساؤل آخر عن سبب قلة الكتابة في هذا الموضوع فأشار الزاكي إلى أنه اعتمد المنهجية التاريخية، والبحث في المصادر المتعددة والمختلفة من غير تحيز منه رغم ندرتها وإجمال معلوماتها في وريقات قليلة، فحاول جمع هذه النتف المتفرقة وعرضها في تسلسل تاريخي وتحليلي، أما عن التساؤل الثاني حول قلة التأليف في هذا الموضوع فأشار إلى ما ذكره في البداية من قلة المصادر ربما يرجع لإخفاء الجريمة ومحاولة تبرئة يزيد منها، بالإضافة إلى ما يعكسه هذا الموقف من تحيز بعض المؤرخين وتغلغل الهوى الأموي عند بعضهم.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 4:33 م

      شكرا

      شكرا سماحة الشيخ بهذا البحث المهم جدا الى الأمة الاسلامية ولكن لم نجد الكتاب في مكتبات البحرين

    • زائر 3 | 4:19 م

      بحث مهم

      كل الشكر لسماحتكم .. فالبحث في هذه الواقعة الأليمة والمخزية ..... لها من الأهمية ما اقترفته يد يزيد من شنائع بمدينة الرسول الكريم

    • زائر 2 | 4:13 ص

      أحسنت يا شيخ

      هي من الوقائع والمجازر المخزية من أعمال يزيد المخزيه التي وثق التاريخ بعضها،والتي يجب أن نطلع عليها...
      بارك الله فيك ياشيخ.

    • زائر 1 | 1:05 ص

      حدث جدير بالاهتمام

      انها لواقعة ذات دلالات يجب ان يستفيد المسلمون منها ليقفوا عدى تاريخهم بشيء من التأمل والواقعية
      وفقك الله يا سماحة الشيخ وانار الله طريقك للحق

اقرأ ايضاً