منذ بضع سنوات، عندما نجح الإسلام السياسي في استلام السلطة في تركيا، عن طريق التنافس الديمقراطي، ثم ما لبث أن حقق نجاحات مبهرة في إدارة عجلة الحكم بكفاءة وفاعلية مثيرة للإعجاب، سارع الكثيرون منا في توجيه الخطاب التالي إلى العالم: انظروا إلى ما يمكن أن يحققه الإسلام السياسي من إنجازات اقتصادية تنموية، ومن قدرة على التعامل بمهارة مع تراث العصر في العلوم والتكنولوجيا، ومن مصالحة إبداعية مع الديمقراطية.
ومن الإسلام السياسي العربي المتزمت المضطرب في فكره السياسي، طلبنا أن يتعلم الدرس التركي وطريقة تجاوزه الفكر الإسلامي المتخلف من خلال ربط ما هو حيوي في التراث بما هو حيوي في العصر الذي نعيش.
وفي الوقت ذاته هللنا وفرحنا بأن تركيا، الجار المسلم ورفيق الدُّروب التاريخية المشتركة الطويلة، ستنهي ضياعها في عوالم التغريب والتصهْيُن ونكران الهوية الإسلامية المتجذرة في عقول ونفوس وأرواح الملايين من مواطنيها المسلمين.
نسأل اليوم أنفسنا بحرقة وحسرة:
كيف انتهى ذلك الأفق الرحب الواعد إلى حالة البؤس السياسي والأمني الذي وصلت إليه تركيا حاليا؟ وهل حقاً أنه ما كان بالإمكان تجنُّب هذا المآل الذي لا يفرح له أيُّ عربي ولا أيُّ مسلم؟
ما حرك في النفس لطرح هذه التساؤلات مشاهدة نتائج الانفجارات الإرهابية الأخيرة في أنقرة والتي أدت إلى موت العشرات وجرح المئات، والاستماع إلى مختلف المسئولين وهم يقولون بأن من قاموا بتلك التفجيرات الحقيرة هم من الإرهابيين «الإسلاميين»، وبالتحديد أتباع «داعش».
اللهم لا شماتة، لكن منظر الجثث والأشلاء، وسماع بكاء المكلومين من النساء والرجال الأتراك في ساحة المظاهرات جعل الأسئلة تنهمر، تصرخ وتستجدي الجواب.
هل هذا ردُ القدر على سلطة إسلامية تساهلت مع كل موتور جاهل، من كل أصقاع الأرض، بالمرور عبر تركيا إلى الأرض السورية كي يعيث فساداً فيها، قتلاً للأبرياء واستعباداً للنساء وتدميرا لبراءة الأطفال وتشويهاً همجياً للتاريخ والثقافة والفنون والآثار؟ وبالتالي هل قبلت هذه السلطة أن تكون شريكة، بقصد أو بدون قصد، في عملية تشويه الإسلام الذي جاءت لتحكم باسمه؟ وجعله يبدو أمام العالم كرمز للهمجية العابثة والبربرية المعادية للتحضر والقيم الإنسانية؟
هل صرخة رسالة السماء بصوت مجلجل بأن «اعدلوا هو أقرب للتقوى»، وبأنه «لاتزر وازرة وزر أخرى» تنسجم إسلامياً مع إعطاء الأولوية القصوى لإسقاط الحكم ورأس الحكم، حتى ولو أدى ذلك إلى تحميل ملايين الأبرياء السوريين دفع الثمن؛ موتاً وتشويهاً وجوعاً وتيهاً في أصقاع الأرض وغرقاً في البحار، لأخطاء وخطايا ارتكبتها قلًة من المتسلطين؟
ثم أين ذهبت دعوة الإسلام بأن «وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً»، بشأن تعاهدكم قبل بضع سنوات مع نظام الحكم في سورية على عدم الاعتداء، وعلى حسن الجوار وعلى التعاون في مجالات الاقتصاد، وعلى هذا الوعد وذاك العهد؟
فهل تقرُ تلك الآيات وآيات الإحسان وآيات القسط والتواصي بالحق المسارات التي تعاملتم بها مع الأوضاع في سورية، فدخلتم، كما تذكر العشرات من التقارير، لا كطرف حاضن للضحايا وساع للحلول، كما هو الواجب، وإنما أيضاً كطرف يسهل لعبة الشر والفتن الطائفية التي كانت تمارسها شتى الأطراف الخارجية والعربية والداخلية، وكطرف يغضُ الطرف عن استعمال تركيا كممر للأسلحة والمعدات والبضائع والبترول المسروق والأموال المنهوبة والتبرعات المشبوهة بألف ريبة وريبة!.
لنؤكد هنا بأننا لسنا مع هذه الجهة أو تلك، ولا ضد هذه الجماعة أو تلك، وأننا ضد الاستبداد ومع الديمقراطية، ولكن المقال معني بمساءلة غياب قيم الإسلام في الممارسة السياسية من قبل حاملي لواء الإسلام السياسي.
ثم إن لتركيا أهمية خاصة؛ لأنها كانت حاملة لمشروع إسلام سياسي حداثي واعد، وحاو لإمكانات المساهمة في إخراج المسلمين، ومنهم العرب، من تخلفهم وضعفهم وهوانهم على أنفسهم.
وهنا يأتي دور طرح السؤال الأساسي الكبير: هل هناك علة ذاتية متجذرة في الإسلام السياسي، فكراً وفهماً وممارسة في الواقع، كما أظهرتها تجارب الحكم الإسلامي في جمهورية إيران الإسلامية والسودان ومصر، وكما تظهرها مواقف تركيا السياسية في سورية، على سبيل المثال؟
في محاولة المرحوم محمد عابد الجابري تفسير القرآن وقراءته قراءة عصرية، يؤكد الكاتب أن السُّور المكية أعطت اهتماماَ متميزا لارتباط القيم الأخلاقية بالإيمان، وربطت الإيمان ربطاً محكماً بالعمل الصالح، وبالتالي جعلت صلاح العمل محكوماً بمقدار قيامه على أسس أخلاقية وممارسته بحسب معايير أخلاقية.
وإذاً، فالإنسان ينتظر من قوى الإسلام السياسي أن تمارس السياسة بحسب معايير الأخلاق والقيم المبثوثة في النص القرآني، وليس بحسب معايير المصالح والتوازنات التي يتبناها الفكر السياسي الماكيافيلي الحديث، وإلا فإنها تجرح وتشوه مسألة الإيمان، وبالتالي مسألة الدين برمته والذي تدعي بأنها تحكم باسمه.
ولا حاجة للدخول في التفاصيل الكثيرة التي أظهرت أن كثيراً من الممارسات السياسية من قبل قوى الإسلام السياسي لا تفي بتلك المتطلبات الأخلاقية الصارمة التي لا يكتمل الإيمان، وبالتالي الدين، إلا بها.
وعليه، فإنني أعتقد بأنه إذا كان الإسلام السياسي يريد ان يبقى في ساحات السياسة العربية والإسلامية، فإنه سيحتاج إلى إجراء مراجعة متعمقة جريئة صادقة مع النفس لتقييم ماضيه وإصلاح حاضره وبناء مستقبله.
على هذه القوى أن تدرس تاريخ الأنظمة الشمولية، من نازية وفاشستية وشيوعية وتسلطية باسم هذا الكذب أو ذاك التلفيق، حتى تدرك قبل فوات الأوان بأن تلك المراجعة قد أصبحت ضرورة وجودية.
إقرأ أيضا لـ "علي محمد فخرو"العدد 4787 - الخميس 15 أكتوبر 2015م الموافق 01 محرم 1437هـ
لا يوجد اسلام سياسي
يوجد اسلام اصيل واسلام داعشي وقدظهر على حقيقته في المناطق اللتي حكمها وحتما سيزول لان اساسه غيرصحيح ومابني على باطل فهوباطل.
شكرًا
شكرًا دكتور نحن نشد على يدك القويه في الكتابه
الدول العربيه
تستخدم الاسلام في وقت الحرب او المشاكل الداخليه فقط وللذلك لايصلح الحكم فيه الاسلام الجديد
كلام صحيح
دكتور انت صح من بعد الخلفاء لايوجد حكم صحيح يمكن الدوله الفاطميه وإلا صار اسلامان هم السني والشيعي ولا يصلحا للحكم ومن يعتمد على إسلامه في كلا الاسلمان في الحكم لاينجح
إلى زائر 16 ........ ( 3 )
وبعد أشهر اقترح (عنان) أن تكون هناك مداولة قانونية حول( كتاب علي إلى مالك الأشتر).
اللجنة القانونية في الأمم المتحدة، بعد مدارسات طويلة، طرحت: هل هذا يرشح للتصويت؟ وقد مرّت عليه مراحل ثم رُشِّح للتصويت، وصوتت عليه الدول بأنه أحد مصادر التشريع الدولي.
عرفت بعض انجازات دولنا الإسلامية يا حبيبي ؟! أضف إلى هذا حتى دولنا التي لم تطبق الإسلام بشكل كامل كالأموية و العباسية استفادت منها الحضارة البشرية في شتى العلوم و خرجت علماء كبار في شتى العلوم وراجع الموسوعات الغربية لترى بعينيك .
إلى زائر 16 ...... ( 2 )
أي أعطت المرأة حق الانتخاب الشيء الذي لم تفعله أمريكا إلا بعد 137 عاما من تأسيسها ، فعلته دولة الرسول في أوائلها ، وعدد ما شئت من إنجازات لا مجال لسردها هنا
2- دولة الامام علي (ع) ، من عدالته في توزيع الثروة إلى تأسيسه للشرطة ( قبل الغرب والشرطة مستمرة لليوم ) إلى و إلى و إلى ..
يكفيك أن كلمة واحدة منه وهي : (( الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق )) قال عنها الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان :هذه العبارة يجب أن تعلَّق على كلّ المنظمات، وهي عبارة يجب أن تنشدها البشرية.
إلى زائر 16
دولة الرسول (ص) ......
قبل فترة قالوا ان احد العلماء الغربيين جاء الى الجامعة منبهرا بما هو مضمون حديث الرسول ان ( نظافة الفم تجلو البصر) قائلا انه : ما كان في عهده أشعة ، ولا مختبرات .. والآن أثبت الطب أن هناك عروق من الأسنان تتصل بالعين ، فإذا تسوست الأسنان أو فسدت سرى ذلك التاثير إلى العين فأثر عليها ....
دولة حررت العبيد ، ساوت بين الأبيض و الأسود الشيء الذي فعلته أمريكا قبل خمسين سنة فقط ، جعلت المرأة تدخل الحياة السياسية و تقوم بالبيعة ( أي أعطتها حق الانتخاب ) ... للكلام تتمة
الى بعض المعلقين
الاسلام هو الحل اذا طبق عدل فهمتون الاسلام وضعهوا الله واتقولون ليس حل الله اعلم منكم لهادا طبق الاسلام لاكن فى انفس مريضه حاربت الاسلام وسفكت الدماء باسم الاسلام
يا مسلمون الاسلام هو الحل للناس اذا طبق عدل ويه الناس
والله ياخد الحق وقاتل الله الجهل
كلامك يذكرني بالشيوعيين الذين كانوا يقولون الشيوعية هي الحل إذا طبقت بالشكل الصحيح!
زين يا حلو، عندي لك سؤال:
خلال الـ 1400 سنة منذ ظهور الإسلام، أعطنا دولة واحدة طبقت الإسلام بالشكل الصحيح و أذكر لنا أهم إنجازاتها.
يالا جاوب السؤال!
كان غيرك أشطر!
كل الدول المتقدمة حاليا فصلت الدين عن الدولة ولذلك تطورت ويعيش فيها الناس كل يمارس دينه دون تكفير او سجن أو اضطهاد لمعتقده وتحترم فيها حقوق الإنسان. لا داعي أن نضحك على أنفسنا ونقول أن الخلل في التطبيق! لا توجد حقبة في التاريخ الإسلامي ولا الديانات الأخرى لم يهان فيها البشر في عقر دارهم.
لنا أن نتصور لو الأحزاب في العالم كل حزب قائم باسم هذا الدين أو هذا المذهب
ماذا يحصل وقت الخلاف أو الحرب
الإسلام (ليس) هو الحل!
عبارة الإسلام هو الحل عبارة أطلقتها تيارات الإسلام السياسي في التسعينات بعد أن فشلت النخب الإشتراكية و الشيوعية و القومية في الدول العربية من أن تحقق أي إنجاز سياسي يستحق الذكر!
استطاعوا بهذه العبارة الضحك على البسطاء من العامة، بأن القرآن و السنة تحتوي على كل مشاكلهم اليومية من التلوث و ركود الإقتصاد و ارتفاع معدلات البطالة و غيرها من المشاكل الحياتية المعاصرة!
اليوم يتضح لنا عبثية تلك العبارة.. الإسلام هو الحل! قد يكون هو الحل للأمور الأخروية و لكن بالتأكيد لم نجد فيه حل لأمورنا الدنيوية.
ذهب مع الريح
الى زائر رقم 3 : واضح انك اخوانجي وتدافع عن هذا الفصيل دون تبصر بما حدث على ارض الواقع .جميع فصائل الاسلام السياسي اقرت بفشل مشروعها واعترفت باخطائها وبعضها بدأ مراجعات فكرية كاخوان تونس والبعض الاخر سلك طريق العنف. المتأسلمون لا يختلفون عن النازية والفاشستية والشيوعية في اساليبهم في تجييش الناس وحشدهم خلف مشروعهم ( الاسلامي) . مشكلة الاسلاميين انهم فشلوا في السياسة وانكشف عنهم غطاء الدعوة.المراجعة ضرورية ،ليس من اجل استمرارهم فقط بل من أجل سلامة أوطانهم .الاسلام السياسي ذهب مع الريح
مرسي وصل إلى الرئاسة بانتخابات حره هذا معروف للجميع
لاكن قبل هذا هل التزم بتعهده أن يكون رئيسا مستقلا عن الإخوان أو أصبح الإخوان هم الحاكمين الفعلين لمصر ومرشد الإخوان هو الذي يعين من جماعته لهذا وقف أغلب السياسيين والمثقفين في وجههم وكذلك غالبية كبيرة من الشعب أم أحداث رابعة تبقى وصمة عار على كل من شارك فيها
صلى المصلي لأمر كان يطلبه، * لما انقضى الأمر لا صلى ولا صام
أظن أن العلة المتجدرة هي عدم البناء على الانتماء الصادق للإسلام الأصيل في أبعاده كلها بغير انتقائية ، فالبناء على غير ذلك وإن ازدهى البناء فلبرهة وهو زائل عاجلا كسراب بقيعة.
صباح الخير
عندما يكون السياسي عرفا بدينه الصحيح وليس المعلب فهو يتحرف من منطلق عقلاني وليس هوائي فما كما قال زائر 1 الخلل في التطبيق
هي الليبرالية
أول من وقف في وجه الإخوان في مصر أنتم من تدعون بالديمقراطية مع ان الشعب هو من أنتخب وهللتم للمذابح في رابعة العدوية شوهتم صورة الإسلام الحقيقي الذي يطبقه الغرب اليوم وهي العدالة التي رفضتموها في مصر تاتي اليوم تنتقد الإسلام السياسي في تركيا لكن الجيش في تركيا ليس نفسه في مصر
هي الليبرالية
أول من وقف في وجه الإخوان في مصر أنتم من تدعون بالديمقراطية مع ان الشعب هو من أنتخب وهللتم للمذابح في رابعة العدوية شوهتم صورة الإسلام الحقيقي الذي يطبقه الغرب اليوم وهي العدالة التي رفضتموها في مصر تاتي اليوم تنتقد الإسلام السياسي في تركيا لكن الجيش في تركيا ليس نفسه في مصر
المشكلة الكبرى كل من يدعي من الدول والأحزاب الاسلامية
هو يفهم لوحده تطبيق الإسلام السياسي الأصيل حتى الجماعات الإرهابية المجرمة وهذا هو سبب التصادم في العالم الإسلامي والعربي وحتى الديمقراطية العالمية المعروفة والواضحة في الدول المتحضرة يريدون أن يكيفوها كلا على فهمه فقط للإسلام في تطبيق الحكم
ماذا تقصد يا دكتور بالعلة الذاتية بالتحديد هل فشل المسلمين في تطبيق الاسلام الالهي المحمدي الاصيل يحسب ذاتية متجذرة ؟؟!
هذا السؤال التشكيكي لذاتية، الاسلام الاصيل ؟
وهنا يأتي دور طرح السؤال الأساسي الكبير: هل هناك علة ذاتية متجذرة في الإسلام السياسي،
الخلل والعلة و الفشل في تطبيق اتباعه وليس في ذاتية الاسلام الرسالة الربانية المحمدية يا دكتور ؟؟؟؟؟