أشاد وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة بعمق وقوة العلاقات التاريخية الوثيقة التي تربط بين مملكة البحرين والمملكة المتحدة والتي تمتد لنحو مائتي عام، وأضحت نموذجاً يحتذى للعلاقات بين الأصدقاء وتشهد تطورًا مستمرًا وتناميًا ملحوظًا في مختلف المجالات، منوهًا بمواقف المملكة المتحدة الداعم لمملكة البحرين في مختلف الظروف والتي تعكس متانة العلاقات الثنائية المشتركة وحرصهما على الارتقاء بتلك العلاقات لمستويات وآفاق أكثر تطورًا بما يعود بالنفع على البلدين والشعبين ويسهم في مواجهة فعالة لمختلف التهديدات للأمن الإقليمي وترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة.
جاء ذلك لدى مشاركة وزير الخارجية في الطاولة المستديرة التي نظمتها سفارة مملكة البحرين لدى المملكة المتحدة بعنوان (السياسة الخارجية والدفاعية لدى دول مجلس التعاون بعد الاتفاق النووي) بحضور عدد من أعضاء مجلسي العموم واللوردات البريطانيين وعدد من رجال السلك الدبلوماسي لدى المملكة المتحدة، إضافة إلى نخبة من الباحثين والأكاديميين وكبار الإعلاميين وشخصيات بارزة في المملكة المتحدة ، حيث قال وزير الخارجية إن الاتفاق الذي أبرم بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية ودول 5+ 1 حول الملف النووي الإيراني، في شهر يوليو/ تموز الماضي لا يزيل كافة مخاوف دول المنطقة وخاصة أنه لم يعالج المشاكل الحقيقية واكتفى بقضية جزئية فقط، في ظل السلوك الإيراني الذي ما زال قائمًا على التدخل في الشئون الداخلية لدول الجوار وإثارة القلاقل والاضطرابات في المنطقة.
وأضاف الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة: "رغم أننا مازلنا نتطلع إلى أن يسهم هذا الاتفاق النووي في أمن واستقرار المنطقة، إلا أننا حتى الآن نرى أن هذا الاتفاق يتناول قضية واحدة من قضايا المستقبل، لكنه لا يتطرق للمشاكل الحقيقة التي نواجهها اليوم، حيث إنه من الواضح أن إيران مستمرة في العمل بكل وسيلة غير قانونية وغير مشروعة على زعزعة الأمن والسلم".
واستشهد وزير الخارجية باستمرار التدخلات الإيرانية السافرة في الشئون الداخلية لمملكة البحرين، وقيامها باستغلال الفئات المتطرفة، وإيواء الهاربين من العدالة، وفتح المعسكرات لتدريب المجموعات الإرهابية، وتهريب الأسلحة والمتفجرات التي تكفي لإزالة مدن بكاملها، وكان آخرها العثور على كميات كبيرة من المواد شديدة الانفجار والمواد التي تدخل في صناعتها، بما يفوق طناً ونصف ومن ضمنها مواد C4 و RDX وTNT شديدة الانفجار، لافتًا إلى تعرض المواطنين والمقيمين ورجال الأمن للاستهداف والقتل ، مما أدى إلى وفاة ستة عشر رجل أمن وإصابة ثلاثة آلاف آخرين.
وشدد الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة على ضرورة جعل منطقة الشرق الأوسط، بما فيها منطقة الخليج العربي منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، وضرورة أن تقوم إسرائيل بالتوقيع على معاهدة عدم الانتشار النووي، وإخضاع منشآتها النووية للتفتيش الدولي التابع لنظام الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وبشأن الأوضاع في اليمن، أوضح الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة أن مملكة البحرين ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، قد حرصت على دعم اليمن، وذلك استجابة لطلب رئيس الجمهورية اليمنية عبد ربه منصور هادي، ولمنع التدهور الحاصل في الأوضاع الأمنية والإنسانية بعد أن قامت جماعات انقلابية مدعومة من إيران بالاعتداء على مؤسسات الدولة ونشر الفتنة والفوضى في البلاد.
وأضاف وزير الخارجية أن الخيار العسكري فرض على دول مجلس التعاون بعد فشل كافة الخيارات الأخرى في ظل إصرار الجماعات "الانقلابية" على مواصلة العنف والإرهاب ضد أبناء الشعب اليمني.
وقال الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة :"إن دول مجلس التعاون ستظل ملتزمة بدعم اليمن إلى أن تتحقق آمال الشعب اليمني في الأمن والاستقرار والتنمية والتقدم وعودة الجماعات الانقلابية إلى صوابها ودخول جميع الأطراف في حوار وطني يرتكز إلى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل ومؤتمر الرياض، والتنفيذ غير المشروط لقرار مجلس الأمن 2216(2015)".
وبشأن ما تمر به سورية، فقد معالي وزير الخارجية عن أسفه من التدمير الذي حدث لهذا البلد وتحوله إلى ساحة مواجهة بين العديد من التنظيمات الإرهابية، ومن بينها تنظيم داعش و حزب الله "الإرهابيين" وغيرهما، حاثًا على ضرورة التوصل إلى حل سياسي يتوافق عليه الجميع وفقاً لما جاء في بيان مؤتمر جنيف 1، حتى تعود سورية إلى ما كانت عليه من وحدة واستقرار وازدهار.
ونوه وزير الخارجية بما تبذله دول مجلس التعاون من جهود واضحة في ميدان إنساني مهم وناتج عن الأزمة السورية وهو مساعدة اللاجئين والنازحين السوريين، إذ قامت باستضافة نحو ثلاثة ملايين من الأشقاء السوريين، ومنحهم حق الإقامة بكامل الحقوق التعليمية والصحية المجانية، والحق في العمل والعيش الكريم.
وتطرق الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة إلى الوضع في العراق، معرباً عن أمله في لم شمل الشعب العراقي، واستعادة الأمن والاستقرار وذلك من خلال الجهود المقدرة التي يقوم بها رئيس الوزراء حيدر العبادي، والحد من التدخلات الخارجية، والحفاظ على سلامة العراق الإقليمية ووحدة أراضيه ومساعدته في حربه على الإرهاب.
أما عن السياسة الخارجية والدفاعية لدول مجلس التعاون في ضوء ما سبق من تحديات وأوضاع، فقد أكد الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة على ضرورة الاستمرار في تنويع شبكة التحالفات الإقليمية والدولية مع القوى الدولية الصاعدة وخاصة مع دول شرق آسيا والهند، حيث إن ذلك لم يعد هدف ضمن أهداف السياسة الخارجية لدول مجلس التعاون، وفي القلب منها البحرين، وإنما بات خيارًا استراتيجيًّا جماعيًا أوجبته المعطيات السياسية والاقتصادية والجيوستراتيجية ويقوم على استراتيجية بعيدة المدى تضمن تحقيق المصالح الحيوية لدول مجلس التعاون والإسهام في تحقيق ما تطمح إليه من تقدم شامل في كافة المجالات وترسيخ الأمن والسلم في المنطقة.
وقال وزير الخارجية:"إن هناك مرتكزات قوية لنجاح هذا التوجه الاستراتيجي ومن أهمها: التشابه الثقافي والحضاري، وازدياد أهمية علاقة الارتباط القائمة بين التطورات الاقتصادية التي تشهدها الدول الآسيوية والأوضاع الاقتصادية في منطقة الخليج؛ وتزايد أعداد العمالة الآسيوية الوافدة بدول الخليج التي يمكن أن تكون جسرًا بين غرب آسيا وشرقها جغرافياً وإستراتيجياً".