العدد 4784 - الإثنين 12 أكتوبر 2015م الموافق 28 ذي الحجة 1436هـ

احتاج 70 سنة لإصلاح النزعات الذاتية المدمِّرة فترة شبابه

من خلاصة سيرة أسطورة السينما براندو...

براندو مع والده في منزله بلوس أنجليس العام 1955
براندو مع والده في منزله بلوس أنجليس العام 1955

انتهى الجزء الثاني من سيرة «عرَّاب» السينما العالمية، الأميركي مارلون براندو، التي تضمَّنتها أشرطة تسجيل أنجزها في الفترة من خمسينات القرن الماضي إلى ما قبل وفاته في العام 2004، من تقرير كتبه تيّم لويس في صحيفة «الغارديان» البريطانية بتاريخ 4 أكتوبر/ تشرين الأول 2015، بالقول: بعد تجنُّب الأضواء لسنوات، أُقْحم براندو في العام 1990 بتسليط الأضواء عليه من جديد عندما قتل ابنه البكر، كريستيان، رمياً بالرصاص داغ دروليت، صديق أخته شايان. وقع الحادث في منزل براندو في بيفرلي هيلز، وبعد محاكمة علنية للغاية؛ حيث كان براندو أحد الشهود الرئيسيين، قاد ذلك إلى كريستيان - الذي ادَّعى أنه كان في حال سكْر وأطلق النار على دروليت عن غير قصد - الذي حُكم عليه بالسجن لعشر سنوات بتهمة القتل غير العمد. تبع ذلك المزيد من المآسي في العام 1995 عندما أقدمتْ ابنته شايان، البالغة من العمر 25 عاماً، على الانتحار شنقاً. وتوفي كريستيان في العام 2008 بعد إصابته بالالتهاب الرئوي، ومات مُفْلِساً.

يُورد رايلي، أن براندو احتاج إلى سبعين سنة كي يتمكَّن من إصلاح النزعات الذاتية المدمِّرة لديه من جذورها، تلك التي لازمتْه فترة شبابه.

ميكو براندو: كنتُ مع والدي كل يوم في المحكمة. كانت الحادثة كبيرة الوقْع علينا، وكانت الحياة صعبة بتلك الطريقة في ظرف الشهور القليلة التي تمَّت فيها إجراءات المحاكمة. حدث القَتْل في منزله. كان صديق ابنته رجلاً لطيفاً جداً، وجزءاً من العائلة. إنها حادثة لا أعتقد أن أي عائلة تريد أن تمر بتجربتها. ترى الوقائع على شاشة التلفزيون كثيراً، وتظل تعتقد أن حادثة مثل تلك لا يمكن أن تحدث لك.

إظهار الرجل في ابن السابعة

ريبيكا براندو: عانى أبي من حزن شديد، ولم يستطع التحدُّث عن أي من تفاصيل الحادثة. وبالتالي، وضْعُه ذاك يعني أننا لن نتمكَّن من الوصول إليه.

ستيفان رايلي: حين كان كريستيان طفلاً، كان جزءاً من معركة حضانة مُدمِّرة جداً مع آنا، زوجة مارلون الأولى. لم يكن مارلون متجاهلاً هذه الحقيقة لأن جميع الأمور تلك كانت تختصر ما مرَّ به في حياته الخاصة. أمر آخر، أنه كان مهتماً جداً بالاستشهادات: «أعطني طفلاً حتى يبلغ السابعة وسأظهر لك الرجل فيه». أعتقد أنه فهِم أن سنوات التكوين تلك مهمة وتتردَّد أصداؤها من خلال بقية حياتك.

جون باتسيك: لقد كنا واضحين جداً فيما يتعلق بالحقيقة التي نريد للفيلم أن يتطرَّق إلى أكبر عدد من التعقيدات التي مرَّ بها الرجل، وبالقدر الممكن، ومن شأنها أن تشمل بعض الأمور غير المريحة، بما في ذلك علاقاته النسائية، بما في ذلك قصص مجموعة سلوكاته، بما في ذلك أيضاً ما حدث لأطفاله.

ستيفان رايلي: قال مارلون ذات مرة: «إذا استطعنا أن نعيش حتى سن الـ 150...» إنها فكرة مؤدَّاها أن مرحلة الشباب تضيع على حديثي السن. احتاج براندو إلى سبعين سنة كي يتمكَّن من إصلاح النزعات الذاتية المدمِّرة لديه من جذورها تلك التي لازمتْه فترة شبابه. وعليك أن تتذكَّر أنه عاش حياة أطول من الجميع مقارنة بأبناء جيله: مونتغمري كليفت، مارلين، جيمس دين. كان عالقاً في هذه الحياة المريرة حتى النهاية، ولم يكُ يودُّ التخلِّي عنها. وإذا بدا أنه على وشك التخلِّي عنها، فكان ذلك بعد وفاة ابنته شايان.

كأنك تراه ولم تلتقِه

وأمام شخصية عامة ممانعة، كل المعنيين شغلهم سؤال يتحدَّد في: ما الذي سيكون عليه شعور براندو لو شاهد فيلم «اصغِ لي مارلون» والذي جرى تجميعه من أرشيفه الخاص. برز بعض الارتياح بتضمُّنه حقيقة أنه تحدَّث في الأشرطة عن جمع المواد لفيلمه الوثائقي الخاص في يوم ما.

ميكو براندو: هذا الفيلم هو أكثر فيلم عن قرب يمكنك من خلاله معرفة براندو دون أن تلتقي به.

ريبيكا براندو: أضطررت في المرة الأولى التي رأيت فيها الفيلم، إلى الخروج من المسرح. ثَم أتيح لنا عرض خاص بأفراد الأسرة؛ حيث انهمرت الدموع لرؤية بعض أجزائه؛ ولكن أيضاً كان هنالك الكثير من الفخر، لأن الفيلم وضع الأمور في نصابها. ونأمل أن يصحِّح التحريف الذي قامت به الصحافة. بقية الفيلم تتضمَّن جوانب من الهدوء في سيرته.

جون باتسيك: تخيَّلْ لو أن ريبيكا براندو استدارت وقالت: «اللعنة ما هذا؟ هذا ليس والدي». سيكون أمراً مروِّعاً جداً.

ستيفان رايلي: تحدَّث عن الوصول إلى نقطة سلام وتفهُّم. وتسمعه في النهاية يقول: «هذه الأشرطة لم تعد ذات جدوى». كان يعتقد أن الطريقة عملت عملها، وكان للشفاء بعض التأثير الإيجابي. أود الاحتفاظ بجانب من تلك الرؤيا.

«اصْغِ لي مارلون» سيعرض في دور السينما بتاريخ 23 أكتوبر الجاري، بينما سيكون العرض الرقمي ثلاثي الأبعاد بتاريخ 9 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وعلى الاسطوانات المضغوطة في 30 نوفمبر المقبل.

التقى مارلون براندو ومايكل جاكسون من خلال ابنه، ميكو، الذي بدأ العمل كحارس شخصي لجاكسون في ثمانينات القرن الماضي، ولايزال يعمل في قسم ملكياته العقارية.

لُطْف جاكسون وتلفاز لبراندو

ميكو براندو: كانا قريبين جداً. أي شيء كان والدي بحاجة إليه في السنوات الأخيرة من حياته، سيجد مايكل هناك. لم يكن لدى والدي جهاز تلفاز في غرفة نومه في ذلك الوقت، وكنت أنا ومايكل نودُّ زيارته. جلست على سريره متحدثاً إليه، لحظات ويغادر والدي الغرفة لبرهة؛ ما يتيح الفرصة لمايكل كي يهمس: «ميكو: لا جهاز تلفاز في غرفة نوم والدك». قلت له: نعم، إذا ما أراد مشاهدة التلفاز يذهب إلى غرفة أخرى، لكنه أساساً يركن إلى الراحة هنا، ويدرس بعض السيناريوهات المعروضة عليه، أو يلجأ إلى القراءة أو الكتابة، ويقوم بأعماله الخاصة. عندها قال لي: علينا إحضار تلفاز له في مكانه هذا. في اليوم التالي، يحصل مارلون على التلفاز في غرفة نومه، بلطف من مايكل جاكسون.

ستيفان رايلي: واحد من أول الأشرطة التي تم الاستماع إليها، يتضمَّن محادثة طويلة بين مايكل ومارلون. أعتقد أن المحادثة كانت في وقت مبكِّر من العلاقة بينهما، لأنها تُشعِر باختبار الفوارق بينهما والفواصل، ومحاولة تعريف كل منهما عن نفسه. مايكل وقتها فكَّر في أن يصبح ممثلاً، وذهب إلى رؤية مارلون لتلقِّي بعض الدروس في التمثيل.

ميكو براندو: آخر مرة غادر فيها والدي منزله قبل وفاته، ليقضي نحو شهر ونصف الشهر في مزرعة مايكل، بنيفرلاند فالي. بمجرد وصوله هناك خصص له مايكل طبَّاخاً خاصاً، إضافة إلى عدد ممن يخدمونه، إلى جانب الذين يتدبَّرون شئون إقامته في الغرف التي تم تخصيصها له. كما تم تخصيص عربة غولف له كي يتمكَّن من التجول في أرجاء نيفرلاند وقت فراغه، والتمتُّع بالزهور والأشجار والمناظر الطبيعية والهدوء.


قالوا عن براندو

آل باتشينو: «هو إله تمثيل».

أنتوني كوين: «أنا مُعجب بموهبة مارلون براندو، لكني لا أحسده على الألم الذي عاش به».

الناقد السينمائي جيسون سولومنز: «غيَّر فن التمثيل إلى الأبد في الأفلام وعلى الشاشة، ولم يضاهه أحد فيما فعله، ولم يحاول أحد أن يضاهيه. إسهامه في التمثيل وطريقته فيه أصبحت إرثاً يفخر به من بعده. الأداء العالي أظهر أبعاداً لم تكن منظورة من قبل، وأعطى عمقاً، وقوة لمهنة التمثيل».

جاك نيكلسون: «لا يوجد أحد من قبل؛ أو منذ ظهوره كان مثل مارلون براندو، لقد كان هدية هائلة وبدون عيوب لكل من يحب السينما، إنه مثل بابلو بيكاسو تماماً لكن في السينما، براندو كان عبقرياً لدرجة أنه كان بداية ثورة، وبنهايته كانت نهاية ثورة خاصة في عالم التمثيل. إنه تحفة خالدة، لم تكن هناك طريقة أبداً لكي يسير أحد على خطاه، لقد كان هائلاً جداً، وكان بعيداً عن أي شخص يحاول اللحاق به، لقد صعق العالم بحق في ذلك الوقت، وتأثيره سيستمر فترة طويلة في المستقبل. بعض الممثلين لا يضيِّعون وقتهم بالأحاديث الجانبية والنقاشات عن الممثل الأفضل في العالم، لأن الإجابة واضحة تماماً. إنه مارلون براندو».

مخرج «على الواجهة البحرية»، إيليا كازان: «لم تكن الكلمات الخالدة؛ أو الجُمل غير المنسية هي ما خلَّد أداءه؛ لكن التعبيرات التلقائية والتي تظهر من تجربة داخلية عميقة هي ما ميَّزه، وهذه المرحلة العميقة هي التي يحاول كل الممثلين الوصول إليها».

فرانسيس كوبولا: «مارلون براندو لم يكن من الصعب التعامل معه كما يُشاع عنه، ربما يقوم ببعض التصرُّفات غريبة الأطوار أثناء التصوير. هو كان كالولد الشقي يفعل ما يشاء، ولكن العمل معه كممثل لم يكن صعباً أبداً، براندو كان يقدِّم لك كل ما تريد في التمثيل، لكنه أراد من الناس أن يكونوا صادقين معه».


ضوء

مارلون براندو الذي ولد في 3 أبريل/نيسان 1924، في أوماها، بولاية نبراسكا، وتوفي في الأول من يوليو/ تموز العام 2004، كان على موعد بعد سنوات مع حزمة من المآسي والكوارث؛ إذ انفصل والداه في العام 1935، لتنتقل والدته مع أطفالها الثلاثة إلى سانتانا في مقاطعة أورانج، بولاية كاليفورنيا. ليتصالحا في العام 1937، ومن بعدها انتقال العائلة إلى إلينوي. ومع العام 1940، تم إرساله إلى مدرسة داخلية عسكرية في مينيسوتا، ليطرد منها بسبب تمرُّده.

في العام 1944، حصل براندو على عقده الأول في برودواي بعمل «أتذكر يا أمي»، وبسبب نجاحه استمر لسنتين.

في العام 1947، اقترح إليا كازان على براندو ليكون في فيلم تينيسي وليامز «عربة تسمى الرغبة».

بين عامي 1950 و1955، مثَّل براندو في أفلام بارزة مثل: «الرجال» (1950)، «عربة تسمَّى الرغبة» (1951)، «فيفا زاباتا» (1952)، «البريُّ» (1953)، «على الواجهة البحرية» (1954)، و»رجال ودمى» (1955). في العام 1952 حصل على جائزة أفضل ممثل في مهرجان كان السينمائي لدوره في فيلم «فيفا زاباتا». في العام 1955 حصل براندو على أول جائزة أوسكار لدوره في فيلم «على الواجهة البحرية». ظهر براندو كمخرج للمرة الأولى في فيلم «جاك ذو العين الواحدة».

في الستينات، قدَّم براندو مساهمة لإنهاء التمييز العنصري والظلم الاجتماعي بالاشتراك مع حركة الحقوق المدنية. وفي السبعينات، عاد براندو إلى الظهور بشكل بارز بعدما قام بتأدية أدوار معروفة. في العام 1972، قام مارلون براندو بأحد أبرز الأدوار في مسيرته بعد تمثيله لشخصية دون فيتو كورليوني في فيلم «العرَّاب»، والذي جعله يحصل على جائزة أوسكار ثانية. وفي العام نفسه قام بتأدية دور مميز آخر في فيلم «الحرق» وهو الدور المفضَّل لديه، وفيلم «The Nightcomers» و«التانغو الأخير في باريس».

في العام 1979، حصل على ظهور قصير ممثلاً شخصية الرائد كورز في فيلم فرانسيس فورد كوبولا «Apocalypse Now»، وفي العام 1989 قدم واحداً من أهم أعماله «موسم أبيض جاف» عن التفرقة العنصرية في جنوب إفريقيا، والذي كان موضوعاً محرَّماً في ذلك الوقت. في العام 1990، عاد براندو مع دور في فيلم «المبتدئ».

براندو في دور الكولونيل كورتز في «القيامة الآن»
براندو في دور الكولونيل كورتز في «القيامة الآن»

العدد 4784 - الإثنين 12 أكتوبر 2015م الموافق 28 ذي الحجة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً