قالت منظمة العمل الدولية أن أزمة استخدام الشباب تراجعًا، مع الانتعاش الخفيف في الفترة 2012-2014، ولكنها بعيدة عن النهاية لأن معدل البطالة بين الشباب لا يزال أعلى بكثير من مستواه قبل الأزمة، ويسجل أعلى مستويات له في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفق ما ذكر موقع منظمة العمل الدولية.
واستقر معدل البطالة بين الشباب في العالم عند نسبة 13 في المائة بعد فترة من الزيادة السريعة في الفترة 2007-2015، ولكنه لا يزال أعلى بكثير من مستواه قبل الأزمة وهو 11.7 في المائة، حسب تقرير صدر اليوم عن منظمة العمل الدولية بعنوان "الاتجاهات العالمية لاستخدام الشباب في عام 2015" .
لا تزال منطقتا الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حتى الآن تسجلان أعلى معدلات البطالة بين الشباب (28.2 و 30.5 في المائة على التوالي في عام 2014). ولا تزال هذه المعدلات تتفاقم منذ عام 2012، وخاصة بالنسبة للشابات.
ويبرز التقرير انخفاضًا في عدد الشباب العاطلين عن العمل في العالم إلى 73,300,000 في عام 2014. وهو بذلك أقل بنحو 3.3 مليون عن ذروة الأزمة 76,600,000 في عام 2009.
وبالمقارنة مع عام 2012، انخفض معدل بطالة الشباب بنسبة 1.4 نقطة مئوية في الاقتصادات المتقدمة والاتحاد الأوروبي وبمقدار نصف نقطة مئوية أو أقل في وسط جنوب شرق أوروبا (خارج الاتحاد الأوروبي) ورابطة الدول المستقلة وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. ولم يتغير في جنوب آسيا.
لكن مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وكذلك شرق آسيا، وجنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ شهدت زيادة في بطالة الشباب في الفترة 2012-2014.
وبسبب تقلص القوى العاملة الشابة، لا يزال معدل البطالة بينهم يرتفع باستمرار رغم انخفاض عدد الشباب العاطلين عن العمل. والواقع أن التقرير يتوقع ارتفاع هذا المعدل إلى 13.1 في المائة في عام 2015.
تقول سارة ايلدير مؤلفة التقرير: "إنه لمن المشجع أن نرى تحسنًا في اتجاهات الاستخدام العالمية للشباب مقارنة بهذه الاتجاهات عام 2013".
وتضيف قائلة: "لكن ينبغي ألا نغفل حقيقة أن الانتعاش ليس شاملًا وأن قرابة 43 في المائة من القوى العاملة الشابة في العالم لا تزال إما عاطلة عن العمل أو تعمل ومع ذلك تعيش حالة فقر. ولكن أن تكون شابًا وتبدأ حياتك في سوق العمل أمر ليس باليسير".
تزايد عدد الشابات والشباب في التعليم ولكنهم مازالوا يواجهون صعوبات في دخول سوق العمل
إن نسبة الشباب في إجمالي القوى العاملة العالمية، العاملة وغير العاملة، في تراجع مع مرور الوقت. وأحد الأسباب الرئيسية هو زيادة التحاق الشباب بالتعليم (وإن يكن غير كاف).
بيد أن ملايين الشباب في البلدان منخفضة الدخل لا يزالون يتركون المدرسة في سن صغير للبحث عن عمل. وحسب التقرير، فإن 31 في المائة من شباب هذه البلدان ليس لديهم مؤهلات علمية على الإطلاق، يقابلها 6 في المائة في البلدان ذات الدخل المتوسط المنخفض و 2 في المائة في البلدان ذات الدخل المتوسط العالي.
ويسلط التقرير الضوء على استمرار الفجوة بين الجنسين حيث معدلات مشاركة الشابات في سوق العمل أدنى بكثير من معدلات الشبان في معظم المناطق. ولا يزلن أكثر عرضة للبطالة من الشبان.
صحيح أن الكثير من الشباب في الاقتصاديات المتقدمة يجدون عملًا اليوم، لكن جودته لا ترقى إلى تطلعاتهم. وما يزال الكثيرون عالقين في بطالة طويلة الأمد. ففي الاتحاد الأوروبي، هناك أكثر من ثلث الشباب العاطلين عن العمل يبحثون عن عمل منذ أكثر من سنة.
في الوقت نفسه، لا تزال الاقتصادات النامية تعاني من البطالة المقنعة الهيكلية، والعمل غير المنظم، وفقر الطبقة العاملة. ورغم انخفاض عدد العاملين الفقراء (الذين يعيشون بأقل من دولارين يوميًا) في السنوات العشرين الماضية، لا يزال 169 مليون عامل شاب (عامل من كل ثلاثة) في العالم النامي يرزحون تحت الفقر. ويزداد العدد إلى 268 مليون إذا أدرجنا القريبين من خط الفقر (الذين يعيشون بأقل من أربعة دولارات يوميًا).
ويقدم التقرير أدلة جديدة عن كيفية انتقال الشباب الى سوق العمل، استنادًا إلى بيانات مسوحات الانتقال من المدرسة إلى العمل. فبالنسبة للذين يطمحون إلى وظيفة مستقرة، تستغرق الفترة الانتقالية وسطيًا 19 شهرًا. ويمكن لذوي التعليم العالي الانتقال إلى وظيفة مستقرة في ثلث الوقت اللازم لانتقال ذوي التعليم الأساسي. وفي معظم الأحيان تكون مدة انتقال الشابات أطول بالمقارنة مع الشبان.
حان الوقت لتوسيع الخطوات المتخذة: الاستثمار في تنمية المهارات وخلق فرص عمل جيدة
إن التغيرات السريعة في التكنولوجيا وفي أنماط علاقة التشغيل والعمل، إضافة إلى الأشكال جديدة من الشركات الناشئة، تتطلب تكيفًا متواصلًا مع ظروف سوق العمل الجديدة ومعالجة عدم تطابق المهارات مع فرص العمل.
إن تزويد الشباب بأفضل الفرص للانتقال إلى عمل لائق يستدعي الاستثمار في التعليم والتدريب بأفضل نوعية ممكنة، وتزويد الشباب بمهارات تلبي متطلبات سوق العمل، ومنحهم الحماية الاجتماعية والخدمات الأساسية بغض النظر عن نوع عقودهم، إضافة إلى إعطاء الجميع فرصًا متكافئة يحصل فيها جميع الشباب الطامحين على العمل المنتج بغض النظر عن جنسهم أو مستوى دخلهم أو خلفيتهم الاجتماعية والاقتصادية.
تقول السيدة آزيتا برار عوض مديرة قسم سياسات الاستخدام في منظمة العمل الدولية: "نحن نعلم أن شباب اليوم يواجهون انتقالًا غير سهل إلى سوق العمل، ومن المرجح أن يستمر هذا الوضع بسبب استمرار التباطؤ الاقتصادي العالمي. لكننا نعلم أيضًا أن زيادة الاستثمار في العمل المستهدف لزيادة تشغيل الشباب يعطي النتيجة المرجوة. لقد حان الوقت لزيادة الخطوات المتخذة لدعم تشغيل الشباب."
ثمة حاجة لمجموعة من الجهود التي تمنح الأولوية لخلق فرص العمل وتستهدف سلبيات محددة لدى الشباب بغية جني فوائد استثمارات القطاعين العام والخاص والاجراءات الأخرى لاستعادة النمو الاقتصادي.
وتتابع برار عوض: "إن خطة التنمية المستدامة لعام 2030، وتأثيرها على تشغيل الشباب في الهدف الثامن، تقدم فرصة جديدة لحشد شراكات عالمية واسعة لدعم توسيع الخطوات المتخذة. ومن الضروري زيادة الاستثمار لتخفيف أثر الأزمات على الجيل الحالي وضمان مجتمعات وأسواق عمل أكثر شمولًا".
و يتضمن تقرير الاتجاهات العالمية لاستخدام الشباب لعام 2015 بيانات من 30 مسحاً حول الانتقال من المدرسة إلى العمل من مشروع عمل الشباب، وهو شراكة عالمية بين منظمة العمل الدولية ومؤسسة ماستر كارد.