كشحّاذٍ مُشرّدٍ سألتُ كلَّ ورقةٍ، كلَّ بابٍ
كلَّ بحرٍ، كلَّ قُرنفلةٍ، كلَّ نورسٍ، كلَّ حانةٍ
هلْ شاهدتكِ؟
هلْ خالطتكِ كما يخالطُ النبيذُ الماءَ؟
سألتُ حتَّى تيبسَتْ حُنجرتي
وانتظرتكِ حتَّى كادَ الوجودُ أنْ يتبخرَ
حتى آخرِ نقطةٍ مِنْ دمِ الليلِ والنهار
حتى آخرِ نأمةٍ مِنْ حشرجةِ القلب
حَسبيَ أني مشيتُ ومشيتُ ومازلتُ
ليَ قدرةُ البحرِ على الفيضان
على تقيؤِ الاستيحاشِ مِنْ أعماقهِ
أنا المرتعشُ أمامَ رياحِ البردِ اللعينة
أنا المتوّجُ أميراً بعدَ انهزامِ الجيوش
جيوشِ اليأسِ والفجائع
مُحالٌ أنْ أتخيلَكِ إلا غيمةً ترتحلُ
لها شكلُ جنيةٍ فاتنةٍ حيناً
وحيناً شكلُ حوريةٍ عاريةٍ
أو، شكلُ مِرآةٍ تتبلورُ في نفسيَ
تتكسرُ ثمَّ تصقلُ زجاجَها
ومُحالٌ أنْ أتخيلني
إلاَّ طِفلاً مُتوّحلاً يتخبطُ
يركضُ مِنْ مُستنقعٍ إلى مُستنقعٍ
بعدَ ليلةٍ غزيرةٍ بالمطرِ
تختبئ الروائحُ والأتربةُ وكائناتُ الحنينِ في انهماراتها
محالٌ أنْ أُعانقَ غريباً إلا أنتِ
مُحالٌ أنْ أُقبِّلُ شفاهاً
إلا شفتيكِ القرمزيتينِ
البارزتينِ كضريحينِ مغطيينِ بستائرَ غامقة
أخرجُ مِنْ عينيكِ شريداً
وأنشدُّ إلى سحرهما
مُنخطفاً بنجمينِ يلتمعانِ في سمائهما الرماديتين
ومازلتُ أجيءُ وأجيءُ
وبعدُ لمَّا تصلْ قدمايَ
العدد 4781 - الجمعة 09 أكتوبر 2015م الموافق 25 ذي الحجة 1436هـ