رأى مستشار الرئيس التركي السابق، أرشد هورمزلو، أن الحوار بين الشعوب نفسها قبل الحوار بين الحكومات، هو طريق لحل الكثير من النزاعات، ولتقريب وجهات النظر، بعيداً عن أية تأثيرات طائفية أو مذهبية أو إيديولوجية.
وأكد هورمزلو على أن الحوار يعتبر أولولية بين الشعوب، «حتى نصل إلى النتائج التي نرجوها، ويجب أن يكون هناك إنصات لما يقوله الآخر».
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها هورمزلو على هامش انطلاق فعاليات ملتقى الحوار التركي العربي، يوم أمس الأربعاء (7 أكتوبر/ تشرين الأول 2015) في فندق سوفوتيل الزلاق، والذي تقيمه منظمة ملتقى الحوار التركي العربي، وسط دعوات من المتحدثين في الملتقى لضرورة تجاوز الخلافات والحروب في الدول العربية ومن المقرر أن يختم الملتقى أعماله اليوم (الخميس)، وتصدر عنه توصيات.
وقال: «يجب أن نتحاور بيننا وبين أنفسنا، وأن يتركز الحوار بين الشعوب قبل أن تكون بين الحكومات نفسها، ومن هذا المنطلق نحن ندعو إلى الحوار دائماً، ونحن متفائلون بأن الحوار سيأتي بنتائج جيدة إذا حسُنت النية».
وشدد على ضرورة «الحوار المعمق» وخصوصاً بين الشعوب التي تسكن هذه المنطقة للتعرف على بعضها، والتخلص من إرهاصات الماضي، والدعوات التحريضية التي كانت توجه لسبب أو لآخر لهذا الشعب أو ذاك.
وأشار إلى أن البحرين لها «تجربة طويلة» في الحوار، داعياً جميع أطياف المجتمع إلى أن تبتعد عن التخندق الطائفي والمذهبي والإيديولوجي إذا كانت تريد أن تحتمي تحت الوطن الواحد.
وبسؤاله عما إذا كان أمامهم طريق طويل لتحقيق ما تصبو إليه المنظمة، اعتبر أن «المهم أن نبدأ... ونحن بدأنا قبل 3 أعوام، وهناك محاولات للإنصات إلى ما نقوله، وما نؤكد عليه هو الحوار، والبدء فيه يمهّد لحل النزاعات.
وفي كلمته أمام المسئولين والمفكرين الذين حضروا أمس، أوضح هورمزلو أن المنطقة تمر بأوقات عصيبة، بسبب «التناحر العبثي، والتراكمات التي نشأت من تغليب العنصرية والمذهبية والتشرذم الحزبي، فها نحن نرى بلداننا تدمر نفسها بنفسها في حالة نفسية مرضية غريبة، لا يمكن للعقل البشري إدراك كنهها ومقوماتها».
ولفت إلى أن «التفاهم الحضاري بين الشعوب والشرائح الاجتماعية، يجب ألا يترك للحكومات والمؤسسات الرسمية وحدها، رغم اعترافنا بالدور الرائد لهذه المؤسسات، إلا أننا نرى أن الشرائح المدنية والاجتماعية المختلفة يجب أن تتولى كامل مسئولياتها، وتنشط في الدعوة للحوار والتفاهم في المجالات بين الشعوب، لما للحوار من أهمية في تعزيز المعرفة بالآخر طريقاً لقبوله والتعاون معه».
وأضاف أن «التحديات التي تواجهها المنطقة ومشاعر الإحباط التي عاشتها أجيالنا الحالية والسابقة من جراء التخلف وعدم مواكبة التطورات الحضارية، تدعونا إلى المناداة بضرورة التأكيد على التعليم المتطور، واللحاق بركب الحضارة لضمان مستتقبل أفضل لأجيالنا القادمة».
ودعا الناشطين والمثقفين والذين بيدهم زمام الأمور في بلدانهم، للتطلع إلى هذه الأهداف، وللنداء الذي أصدرته المنظمة عند تأسيسها، دون التمييز بين التوجهات السياسية والحزبية والإيديولوجية لأي منهم، بل التركيز على الالتقاء تحت مظلة الحوار الهادف.
كما رأى مستشار الرئيس التركي السابق، إلى أن هناك حاجة لعقد حوار أوروبي أوروبي، وتركي تركي، وعربي عربي، قبل القفز للحوار بين الشعوب، معتبراً أن «هذه مهمتنا الأساسية، ولكننا يجب أن نخطو بذلك إلى الحوار العربي التركي، إذا كنا نريد لأجيالنا القادمة أن تنشأ على مبدأ القوة الناعمة، وليس الاحتكام إلى الخنادق والعنف والتخوين والتكفير.
من جانبه، قال الأمين العام لمنتدى الفكر العربي في الأردن، محمد أبوحمّور، إن العالم يمر بمرحلة دقيقة وحساسة، تتفاقم فيها التحديات الجسام على نحو غير مسبوق، مشيراً إلى أن ذلك «يُنذر بأخطار التفتت والتشرذم واختلال الميزان القيمي في كل نواحي الحياة، مما يضع المنطقة بأسرها أمام مصير لا يعلمه إلا الله».
وأضاف «نحن لا نستسلم لضبابية الصورة واسودادها، طالما أننا قادرون على فتح منافذ أمل، ومهما كانت صغيرة للحوار بين مكونات هذه المنطقة أولاً، وبيننا وبين العالم المحيط بنا».
وأردف قائلاً: «إذا كان مطلبنا ينأى بنفسه عن التسييس، ليظلّ خالصاً للهدف الأسمى في مضمار التنمية والسلم والأمن الإنساني، فإننا مطالبون أيضاً بأن نتفاكر حول مختلف الجوانب التي تؤثر في مسار العلاقات التي ننشدها، ونتحاور حواراً معرفياً في مسار العلاقات والآفاق، ليتسنى لنا أن نبلور رؤانا بصورة مستوعبة لكل ما يلم بنا من شئون وشجون».
وبدورها، أوضحت رئيس منظمة الحوار التركي العربي، الشيخة هيا بنت راشد آل خليفة، أن الهدف من عقد اللقاء الثاني لملتقى الحوار التركي العربي، هو البحث عن مشتركات بين العرب وبين الأتراك في مرحلة تاريخية بالغة الحساسية، حيث تتسع مساحة الاختلاف بين دول الإقليم وتشتعل الحروب الأهلية في أكثر من مكان، ويدفع الأبرياء ثمناً إنسانياً باهضاً من الدم والدموع، وخلفت بؤراً مزمنة للحقد والكراهية، تكاد بعض هذه الحروب أن تصبح حروباً كونية من خلال التدخلات العسكرية لدول كبرى».
وأشارت إلى أن الحوار المستقل والصريح بين نخبة تركية وعربية على المستوى الأهلي هدفها الأساسي الفهم أولاً، والتفاهم ثانياً، على المشتركات من أجل توسيع رقعة الاتفاق وتضييق رقعة الاختلاف لما فيه مصلحة الشعب العربي والتركي، وهو أمر هام وضروري».
وذكرت أن «منطقة الخليج العربي في حربة قائمة، وأعني الحرب المفروضة علينا في اليمن، وكذلك التهديدات القائمة من إيران، التي شملت تقريباً جميع دول المنطقة في الجانب الشرقي من الخريطة العربية والغربي من الخليج العربي، فهي تدعم جماعات ما دون الدولة للإخلال بالأمن الوطني، كما يحدث في العراق ولبنان واليمن والبحرين والكويت والسعودية».
وأكدت الشيخة هيا على ضرورة أن «يرى الأتراك هذا التوتر الكبير الذي يصيبهم جزء غير يسير منه، عبر حدودهم الجنوبية، بنظرة واعية تدفع الجميع إلى التعاون الجاد لدرء هذه الأخطار، وتحديد الأولوية المشتركة والتفرقة بين الاختلاف الفرعي القابل للمواءمة والعلاج، وبين التناقض الذي يهدد أمن الأوطان واستقرارها ويخدش حريتها واستقلالها».
إلى ذلك، عرض مدير عام مركز الأبحاث والثقافة والفنون لمنظمة التعاون الإسلامي، خالد أرن، أهم الخطوات والفعاليات التي قام بها الملتقى خلال الأعوام الماضية، والتي من بينها مخاطبة ملوك وأمراء ورؤساء الدول العربية، إلى جانب التعريف بالملتقى وأهدافه من خلال اللقاءات التلفزيونية والصحافية، والحضور في المنتديات والملتقيات الفكرية.
العدد 4779 - الأربعاء 07 أكتوبر 2015م الموافق 23 ذي الحجة 1436هـ