توافق عدد من الاجتماعيين، على القول إن القرار الحكومي برفع الدعم عن السلع والخدمات المدعومة، سيضاعف من مستوى خط الفقر، وسيقفز به لـ 700 دينار للأسرة المكونة من 6 أفراد، وهو المعدل المعلن رسمياً للأسرة البحرينية.

يأتي ذلك، في ظل امتناع الجهات المعنية عن تحديث الرقم الرسمي لخط الفقر، والمحدد من قبل وزير التنمية الاجتماعية السابقة فاطمة البلوشي، وقبل 5 سنوات تقريباً بـ 337 ديناراً.

وألقت التغييرات الاجتماعية والاقتصادية المستمرة في البحرين، بظلالها على تكاليف المستوى المعيشي، ما حدا بالاجتماعيين للتوقع بزيادة في شريحة الفقراء والمحتاجين، خلافاً لتأكيدات صادرة عن رئيس الجهاز المركزي للمعلومات محمد العامر، قال فيها إن جميع البحرينيين يقعون فوق خط الفقر وإن متوسط أجور البحرينيين ارتفع من 780 إلى 807 خلال الفترة من (2011 - 2014).

رئيس جمعية الاجتماعيين حميد محسن، انبرى للحديث حول تداعيات رفع الدعم على المستوى المعيشي للبحرينيين، ليقول «بالنسبة لغالبية الأسر والعوائل في البحرين، فإن مستواها المادي والمعيشي متواضع نوعاً ما وذلك بسبب تدني مستوى الرواتب والأجور قياساً بمستوى المعيشة المرتفع وارتفاع أسعار السلع والخدمات وتحديداً السلع الاستهلاكية فضلاً عن الكمالية»، لافتاً إلى أن غالبية الأسر، وفي هذا الوقت بالكاد تدبر أمورها المعيشية عن طريق القروض والديون سواء قروض البنوك أو مستحقات التجار عن طريق الشراء بالأقساط».

وبحسب تأكيدات محسن، فإن رفع الدعم عن سلعة رئيسية وتستعمل كل يوم تقريباً كاللحوم البيضاء والحمراء، سيترك تأثيراً واضحاً على حياة الأسر البحرينية، فمن ناحية فإن العديد من الأسر لن تتمكن من تلبية الكثير من احتياجاتها الضرورية، ومن ناحية أخرى فإن بعض هذه الأسر، ستقع في عسر مادي وستلجأ للمزيد من الاقتراض، مما سيؤثر سلباً على الوضع النفسي لرب الأسرة نتيجة تراكم الديون عليه»

بجانب ذلك، توقع محسن أن يؤثر رفع الدعم على زيادة أعداد الأسر المحتاجة للمساعدات والإعانات من قبل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، ومن المؤكد أن أعداد الأسر التي ستكون تحت خط الفقر ستزداد عن ما كانت عليه في الوقت السابق، مما سيزيد العبء على الجمعيات الخيرية الإسلامية المهتمة بهذا الجانب».

من جانبه، حذّر الناشط الاجتماعي والنقابي كريم رضي، من الآثار الوخيمة لرفع الدعم عن السلع والخدمات، وقال «لا يبدو أن من هندس هذا القرار، قام بدراسته بما يكفي»، مبيناً أن القرار بني على فكرة مفادها أن الناس ستعترض ليومين ثم تصمت، وخاصة أن هنالك ضخ مستمر ومتواصل لفكرة أن البحرين لديها أخطار أكبر ومشكلات أهم من رفع الدعم مما يشعر الفقير، بضرورة عدم الاكتراث بسعر اللحم والاهتمام عوضاً عن ذلك بالأخطار السياسية».

رضي الذي بدا ناقماً على الجانبين الرسمي والأهلي، قال إن مصدر هذا الضخ المتواصل، لا ينحصر في الجانب الرسمي، بل من أصوات معارضة وموالاة اتفقت في غرائب الصدف وهي لا تتفق عادة لكنها اتفقت هذه المرة على القول للمواطن الفقير «أنت وين والبلد وين، تفكر في اللحم وناسي قضية الوطن»، على حد تعبير رضي.

إزاء ذلك، عبر النقابي رضي عن أسفه حيال التعامل مع قضية كقضية رفع الدعم، على هذا النحو من الاستخفاف والتعالي من قبل الجميع»، مشدداً في الوقت ذاته على ضرورة وضع القضية على رأس الأولويات وأن لا تؤخذ فيها القرارات الفردية والأحادية.

وأضاف «كان جيداً، صدور قرارين بالتأجيل لمزيد من الاستعداد والدراسة من قبل سمو رئيس الوزراء، لكن للأسف لم تستغل هاتان المهلتان لتنضيج رؤية مجتمعية متوافق عليها حكومياً وشعبياً».

وعن تشخيصه لمستويات خط الفقر في البحرين، قال رضي «خط الفقر لأسرة بحرينية مكونة من 6 أفراد لا يقل برأيي عن 700 دينار»، مطالباً بالسيطرة على ذلك من خلال إيجاد حوار رسمي أهلي بين الحكومة والشعب ممثلاً بالسلطة التشريعية والجمعيات السياسية وجمعيات المجتمع المدني والحركة النقابية والخبراء الاقتصاديين فيما يمكن تسميته بالمؤتمر الاقتصادي الاجتماعي»، وعقب «بدون هذا اللقاء المشترك الذي يجمع كل البحرين فإن إجراء رفع الدعم إجراء أحادي غير واقعي ومشوب بالخلل الاجتماعي والدستوري».

وحتى بعد مضي أسبوع على دخول قرار رفع الدعم عن اللحوم حيّز التنفيذ، لاتزال الأسر البحرينية غير قادرة على رسم صورة واضحة لقادم الأيام، تحديداً فيما يتعلق بنسبة الزيادة في تكاليف المعيشة بعد قرار رفع الدعم.

حول ذلك، يقول المواطن مجدي النشيط «سعر اللحم سيزداد، وهذه الزيادة ستؤثر بالضرورة على بقية السلع وحتى الخدمات»، منوهاً إلى أن مجموع التكاليف الشهرية للأسرة سترتفع عطفاً على كل ذلك. وقال «مؤخراً، جمعني حديث مع أحد الأطباء في عيادته الخاصة، وحين تطرقنا لاحتمالية رفع أسعار العيادة بعد رفع الدعم عن اللحوم، كان الجواب: نعم، فكلما زادت تكاليف الحياة اضطررنا لرفع أسعارنا من أجل مجاراتها، ولنضمن بذلك ثبات سلوكنا اليومي ومستوانا المعيشي».

ودعا النشيط الجهات المعنية بمراقبة الأسعار، لتفعيل دورها، متوقعاً وصول الارتفاع إلى نسب تتراوح ما بين 20 إلى 50 في المئة.

أما المواطن يوسف أحمد منصور، فيؤكد غياب الصورة الواضحة لديه لفترة ما بعد رفع الدعم، مبيناً في الوقت ذاته أن متوسط مصروفات أسرته البالغ عدد أفرادها 9 أفراد، يبلغ 900 دينار شهرياً.