العدد 4776 - الأحد 04 أكتوبر 2015م الموافق 20 ذي الحجة 1436هـ

الأبعاد التنموية لتكريم صاحب السمو رئيس الوزراء

عبدالحسن بوحسين comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

التكريم الذي حظي به رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة من قبل الاتحاد الدولي للاتصالات يحمل في طياته مضامين تتعلق بمسيرة التنمية الاقتصادية المستدامة في مملكة البحرين وجب علينا استحضارها والاستفادة منها وخاصة في هذا الوقت الذي تواجه فيه دول المنطقة تحديات اقتصادية ناتجة عن تدهور أسعار النفط.

يهدف هذا المقال الى استعراض مسيرة التنمية الاقتصادية في بلادنا والتي يعتبر سموه مهندسها وربان سفينتها. فمسيرة نجاح كهذه وجب الاستفادة منها لصياغة استراتيجية اقتصادية تنقل البحرين إلى مرحلة أكثر تطوراً ونماء.

تعتبر العائدات النفطية العمود الفقري لاقتصاد مملكة البحرين منذ ان تم تصدير أول شحنة للنفط الخام في العام 1934. من هنا وجب أولاً القاء نظرة فاحصة وسريعة على المنهجية التي تبنتها حكومة البحرين برئاسة صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء لتخطي التحديات الاقتصادية المشابهة لما تمر به منطقتنا في الوقت الحاضر. فقد تمكنت البحرين من اقتناص الفرص التي وفرتها العائدات النفطية في مراحل مختلفة وتوظيفها لبناء بنية اقتصادية متكاملة مكنت البحرين من تنويع مصادر دخلها وتجنب كثيرمن المطبات الاقتصادية التي واجهتها من دون المساس بالمستوى المعيشي لمواطنيها.

من المعروف إن حصة العائدات النفطية في الناتج الإجمالي المحلي تزداد نسبتها بارتفاع اسعار النفط كما حدث في العام 1973 وتقل بانخفاضها كما حدث في العام 1985 وما تلاه. لقد تبنت البحرين استراتيجية بعيدة المدى تمكنت من خلالها من تحويل العائدات النفطية الى استثمارات في مشاريع منتجة ومستدامة. فبالإضافة إلى تطوير البنية التحتية حولت حكومة البحرين مرحلة الرخاء هذه إلى فرصة لبناء قاعدة اقتصادية صلبة تمكنت من مواجهة تحديات في مراحل مختلفة. فمن ضمن الجهود التي بذلت لتطبيق سياسة تنويع مصادر الدخل يمكن استعراض بما يلي:

أقدمت حكومة البحرين في العام 1980 على تملك الحصة الكاملة في شركة نفط البحرين بعد أن كانت نسبة حصتها في الشركة 60 في المئة في الفترة السابقة. كما عملت على تحديث مصفاة النفط في العام 1992 لتستوعب خمسة أضعاف ما كانت تنتجه الآبار النفطية في حقل البحرين آنذاك تلتها خطوات تطويرية أخرى لاحقاً. والتزاماً بسياسة تنويع مصادر الدخل دشنت حكومة البحرين مشروع شركة ألبا في العام 1968 تلاه مشروع شركة أسري في العام 1977 ثم شركة الخليج للبتروكيماويات وشركة غاز البحرين الوطنية في العام 1979. كما أنشأت شركة البحرين للاتصالات في العام 1981 ومصنع الحديد الإسفنجي في العام 2009. كما توجت هذه الخطة الاقتصادية بمشروع استراتيجي ألا وهو إنشاء جسر الملك فهد في العام 1986. ومن الملاحظ أن هذه المشاريع التنموية هي مشاريع تنتج سلعاً تصب عوائدها في خدمة الاقتصاد الوطني بشكل مباشر على شكل خدمات أو سلع تصدر للأسواق العالمية بالإضافة إلى خلق فرص عمل تستوعب العمالة الوطنية وتستوطن الخبرة والمعرفة فيما يعرف بنقل التكنولوجيا. لقد أوجدت هذه المشاريع الصناعية الاستراتيجية قاعدة لصناعة تحويلية مكملة لها تمثلت في إنشاء مصانع أخرى متوسطة متفرعة وخاصة في مجال صناعة الألمنيوم والحديد والصلب، فأنشأت شركات أخرى للصناعات الخفيفة في المناطق الصناعية التي أنشأتها الحكومة لهذا الغرض وفقاً لخطة اقتصادية متكاملة يعتبر صاحب السمو رئيس الوزراء مهندسها الأول. وقد رأينا مدى نجاح هذه الخطط في استيعاب وخلق قاعدة مهارات لقوى عاملة وطنية وخاصة بعد انحسار فترة النفط في نهاية الستينات من القرن الماضي.

لقد تجسدت الرؤية الاقتصادية الثاقبة لصاحب السمو رئيس الوزراء في أبعاد مختلفة. فبعد استثمار العائدات النفطية في انشاء قاعدة صناعية اصبحت البحرين محط انظار المؤسسات المصرفية وشركات التأمين العالمية التي اعتبرت البحرين وجهتها المفضلة وخاصة مصارف الوحدات الخارجية التي بلغ عددها في العام 1980 خمساً وسبعين وحدة بالإضافة إلى البنوك التجارية الأخرى. وقد استوعبت هذه المصارف أعداداً كبيرة من المهارات البحرينية التي أهلتها معاهد التدريب المتخصصة وفقاً لسياسة تطوير القوى العاملة الوطنية والتي شملت مختلف القطاعات الأخرى كقطاع الطاقة ممثلاً في معهد التدريب التابع لوزارة الكهرباء والماء وكلية العلوم الصحية التابعة لوزارة الصحة، ومعهد التدريب المهني التابع لوزارة العمل، والشئون الاجتماعية، ومعهد المصرفيين، وكلية الخليج الصناعية وغيرها من المعاهد المتخصصة والتي وضعت البحرين في مراحل متقدمة في التنمية البشرية والاقتصادية.

لم يغب عن ذهن صاحب السمو رئيس الوزراء أهمية إصلاح وتطوير الأداء في الإدارة العامة ودورها في جذب الاستثمارات العالمية، حيث إن نهضة اقتصادية بحجم ما حدث في البحرين تتطلب إدارة حكومية قادرة على تقديم خدمات ذات كفاءة عالية. لهذا السبب ووفقاً لسياسة ترابط مختلف محاور قطاعات التنمية عهد سموه إلى وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء آنذاك جواد بن سالم العريض مسئولية إعادة هيكلة ديوان الموظفين وإعطائه دوراً مركزياً لإعادة هيكلة وزارات الدولة وفقاً لمعايير دولية. وقد تم الاستعانة بفريق من الخبراء الذين تمكنوا من وضع نظم عمل جديدة في الإدارة العامة تم من خلالها تدريب كوادر بحرينية في مختلف الوزارات والتخصصات، وترشيد استخدام القوى العاملة وضبط مصروفاتها من خلال الرقابة على السقوف الوظيفية ومصروفات الباب الأول، ووضع هياكل تنظيمية تعكس حجم العمل والعمالة المطلوبة، وإجراء دراسات ميدانية على طرق واساليب العمل المتبعة بغرض تحسينها والتخلص من الازدواجية والتداخل سواء ما بين الوزارات أو في داخلها، ومعالجة التضخم الوظيفي، ووضع معايير ونظام لتصنيف الوظائف يجعل الأجر على قدر العمل ومنع ما يسمى بزحف الدرجات الوظيفية أوالمبالغة في تصنيفها وتحديد مستوى أجورها.

إن التكريم الدولي الذي حظي به صاحب السمو رئيس الوزراء عكس نموذجاً للإنجازات التي يمكن البناء عليها لتخطي أية عقبات اقتصادية. فالخبرات والتجارب التي تراكمت والنجاحات التي تحققت في تخطي عقبات سابقة تصلح لأن تكون نموذجاً يحتذى به للتغلب على أية مصاعب مشابهة لتلك التي مرت بها البحرين في سنوات ماضية. فتهنئة للبحرين على إنجازات مهندس تنميتها الاقتصادية وتمنياتنا بالتوفيق لكل جهد مخلص يبحر بسفينة الوطن إلى بر الأمان.

إقرأ أيضا لـ "عبدالحسن بوحسين"

العدد 4776 - الأحد 04 أكتوبر 2015م الموافق 20 ذي الحجة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً