راهن البعض على زيادة الدول المصدرة للنفط وخاصة بالخليج لإنتاجها بهدف تفادي آثار تراجع أسعاره، إلا أنه ووفقاً لما تم الإعلان عنه من بيانات لثلثي العام الحالي، فإن هذه الفرضية ربما تكون أملاً بعيد المنال.
فحسب بيانات لمنظمة «أوبك» وإحصائية لـ «معلومات مباشر» قامت دول المنظمة بزيادة إنتاجها في الثمانية أشهر الأولي من العام الحالي بـ 259 مليون برميل ليصل حجم إنتاجها إلى 7.51 مليار برميل مقابل 7.25 مليار برميل في الثمانية أشهر الأولى من العام 2014 وبنسبة ارتفاع 3.57 في المئة.
وورغم ذلك حسب إحصائية «مباشر» وصلت قيمة ما أنتجته تلك الدول في الثمانية أشهر من العام الحالي 403.8 مليار دولار مقابل 759.7 مليار دولار في الفترة المماثلة من العام الماضي وبخسائر تقدر بـ 355.9 مليار دولار وبتراجع نسبته 46.85 في المئة.
وجاء ذلك بعد أن كان متوسط سعر سلة أوبك في الثمانية أشهر الأولى من العام الماضي عند 104.78 دولارات للبرميل، في حين وصل إلى 53.78 دولاراً للبرميل كمتوسط لسعر سلة أوبك في الثمانية أشهر الأولى من العام الحالي وبتراجع نسبته 48.7 في المئة.
وتضم سلة أوبك كل من خام (صحارى) الجزائري والخام الإيراني الثقيل وخام (البصارة) العراقي وخام التصدير الكويتي وخام (السدر) الليبي وخام (بوني) النيجيري والخام البحري القطري والخام العربي الخفيف السعودي وخام (مريات) والخام الفنزويلي و(جيراسول) الأنغولي و (أورينت) الأكوادوري.
وحسب إحصائية «مباشر» لم تقم جميع دول أوبك بزيادة إنتاجها في الفترة التي يتناولها التقرير، حيث وفي حين قامت 8 بزيادة إنتاجها بما يعادل 304.5 مليون برميل، قامت الدول الأربع الأخرى بخفض إنتاجها بـ 45.5 مليون برميل في تلك الفترة، ليكون صافي الزيادة 259 مليون برميل.
وتأتي العراق على رأس الدول التي زادت إنتاجها في تلك الفترة وبما يعادل 137.4 مليون برميل في ثمانية أشهر، وتأتي الزيادة في الإنتاج بالعراق لتخفيف حدة تراجع أسعار النفط على ميزانيتها المنهكة، تلتها السعودية بـ 88.8 مليون برميل، ويرى العديد من المحللين أن السعودية ليس أمامها سوى الحفاظ على حصتها السوقية وتحمل ضغط تراجع الأسعار، حتى لا تسمح بدخول لاعبين جدد بالسوق النفطية.
أما عن فنزويلا والتي حث رئيسها (أوبك) على عقد اجتماع لزعماء الدول الأعضاء قائلاً إنه سيقدم مقترحات لرفع أسعار النفط المتدنية التي تضررت بسببها بلاده في وقت تعاني فيه أصلاً من الكساد، فقد قامت برفع إنتاجها في الثمانية أشهر بـ 5.2 مليون برميل، إلا أنها لا تمثل سوى 0.92 في المئة زيادة عن إنتاجها بالفترة المقابلة.
وعن الدول التي قامت بتخفيض إنتاجها من النفط يأتي على رأسها «قطر» بـ 15.16 مليون برميل خلال الثمانية أشهر وبنسبة 8.52 في المئة عن الفترة المقابلة، وبلغت خسارة «قطر» من تراجع الإنتاج والسعر ما يعادل 9.9 مليارات دولار، وعلى الرغم من ذلك يرى العديد من المحللين أن تأثرها بذلك سيكون ضعيفاً حيث إن أسعار صادراتها من الغاز الطبيعي لا ترتبط بالنفط ارتباطاً وثيقاً.
وجاءت «الكويت» في المرتبة الثانية بـ 12.3 مليون برميل في تلك الفترة، ومن المعلوم أن الدولة قامت بإغلاق جميع وحدات مصفاة الشعيبة النفطية نتيجة لحريق وقع فيها منتصف أغسطس/ آب الماضي، وتبلغ الطاقة التكريرية لمصفاة الشعيبة وهي أقدم مصفاة بالكويت 200 ألف برميل يومياً.
وفي المرتبة الثالثة كانت «الجزائر» وقلصت إنتاجها 9.1 مليون برميل، ومن المعلوم أن «الجزائر» تواجه مشكلة في إنتاج الطاقة منذ 2006، وفي 2014 أرست 4 فقط من 31 امتيازا للتنقيب عن النفط والغاز طرحتها على الشركات الأجنبية، بينما وفي 2011 كانت قد وافقت على العروض المقدمة لحقلين فقط من 10 حقول طرحتها.
وأخيراً تأتي نيجيريا في المرتبة الرابعة وبـ 8.9 مليون برميل وذلك في ثمانية أشهر، وكانت الدولة قد بنت ميزانية 2015 على حجم إنتاج النفط يقدر بـ 2.278 مليون برميل يومياً، بينما بلغ متوسط إنتاجها في الثمانية أشهر الأولى من العام الحالي 1.88 مليون برميل يومياً، وهو ما يشير إلى إمكانية تحقيق عجز كبير في ميزانيتها.
واشتركت جميع الدول في الخسارة المالية، سواء من قام برفع الإنتاج أو من خفضه، وكان أكثر المتضررين وبطبيعة الحال الأكثر إنتاجاً «السعودية» حيث خسرت ما يعادل 115.4 مليار دولار (432.9 مليار ريال) وهو ما يعادل حوالي 50 في المئة من ميزانية الدولة، والبالغة 860 مليار ريال (229 مليار دولار).
وكانت الحكومة السعودية قد قامت بسحب 245.3 مليار ريال (65 مليار دولار) من الاحتياطي العام للدولة بالنصف الأول من العام الحالي، كما قامت بإصدار سندات بـ 20 مليار ريال في أغسطس الماضي، وسندات بقيمة 4 مليار ريال في يوليو الماضي، كما تخطط لإصدار سندات بقيمة 101.25 مليار ريال (27 مليار دولار) حتى نهاية العام الحالي، وذلك لمواجهة العجز المتوقع في الميزانية نتيجة الإنفاق الحكومي في ظل تراجع أسعار النفط التى تعتمد عليها السعودية في إيراداتها بنسبة 90 في المئة، تلاها الكويت والتي اجتمع عليها تراجع الأسعار مع تراجع الإنتاج لتسجل خسارة تقدر بـ 35.2 مليار دولار وهي تعادل 55 في المئة من ميزانية الدولة والبالغة 64 مليار دولار تقريباً (19.07 مليار دينار كويتي).
وفي تقرير له يقول صندوق النقد العربي إنه «من المتوقع تأثر اقتصادات دول الخليج بدرجة أقل بانخفاض أسعار النفط مقارنة بالدول العربية النفطية الأخرى سواء نتيجة لجوء بعضها إلى زيادة كميات الإنتاج النفطي خلال العام أو لحرص عدد من حكومات هذه الدول على تبني سياسات مالية معاكسة للدورات الاقتصادية لدعم النمو الاقتصادي».
ومن خلال الأرقام نجد أن الدول الخليجية الأربع المنضمة لأوبك قد منيت بخسارة تقدر بـ 193.8 مليار دولار تعادل 54.45 في المئة من إجمالي خسائر دول «أوبك» في ثمانية أشهر، وعليه يبقى الجزء الثاني من حديث صندوق النقد العربي هو الأمل للحد من العجز المتوقع في ميزانيات تلك الدول جراء تراجع أسعار النفط وهو «حرص عدد من حكومات هذه الدول على تبني سياسات مالية معاكسة للدورات الاقتصادية لدعم النمو الاقتصادي»، وهو ما ستظهره ميزانية تلك الدول عند الإعلان عنها، والذي لم يتبقَ له سوى الثلث الأخير من العام.
العدد 4776 - الأحد 04 أكتوبر 2015م الموافق 20 ذي الحجة 1436هـ