أكد مستشار رئيس البرلمان الليبي عيسى عبد المجيد أن البرلمان لن يسلم السلطة إلا لجسم منتخب، وأن أي حكومة توافق وطني لن يكون من حقها المساس بالجيش الذي يحارب المتطرفين منذ سنة، ويحرز نجاحات على الأرض، ووجه لومًا شديدًا إلى أوروبا لأنها «لا تتعامل بجدية مع خطر الدواعش في ليبيا» ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" اليوم السبت (3 أكتوبر / تشرين الأول 2015).
ومن المقرر أن تنتهي المدة القانونية لعمل البرلمان الليبي يوم 20 من الشهر الحالي، لكن الإعلان الدستوري في البلاد الذي يجري العمل به كدستور مؤقت، ينص على أن البرلمان الذي يعد بمثابة أعلى سلطة، ويتعامل مع رئيسه، عقيلة صالح، باعتباره رئيسًا للدولة، لا يسلم سلطته إلا لجسم منتخب.
وقال عبد المجيد لـ«الشرق الأوسط» في ختام زيارته للعاصمة المصرية، أمس، إن الأوضاع الأمنية في ليبيا حاليا تحول دون إجراء أي انتخابات، وبالتالي سوف يقوم البرلمان الحالي بالتمديد للاستمرار في عمله مدة إضافية، بالإضافة إلى دراسة تسمية رئيس للدولة يجري انتخابه من داخل البرلمان نفسه.
وعن المزاعم التي يرددها بعض خصوم البرلمان من المدعومين من قبل الميليشيات المتشددة في العاصمة طرابلس، بالقول إن يوم 20 الشهر الحالي هو نهاية عمل البرلمان الحالي الذي يمثل السلطة الشرعية ويعقد جلساته في مدينة طبرق في شرق البلاد، أكد عبد المجيد على أن «هذا البرلمان منتخب من كل مكونات الشعب الليبي، من الشرق والغرب والجنوب، ويعمل وفقا للإعلان الدستوري الذي ينص على أنه لا يسلم السلطة إلا لجسم منتخب».
ويقود الميليشيات المتطرفة التي سيطرت على العاصمة طرابلس العام الماضي، قيادات من كل من جماعة الإخوان المسلمين، والجماعة الليبية المقاتلة التي تأسست في أفغانستان في ثمانينات القرن الماضي. ويتهم قادة في الجيش الليبي وفي البرلمان «الإخوان» و«المقاتلة» بالتعاون مع الجماعات المتطرفة في البلاد، ومنها أنصار الشرعية الموالية لتنظيم داعش، وما يعرف بـ«مجالس الثوار» خاصة في بنغازي.
وتشارك رموز من «الإخوان» ومن «المقاتلة» في المفاوضات التي بدأت منذ سنة، بقيادة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة برناردينيو ليون، من أجل تأسيس حكومة وفاق وطني، في وقت لا ينظر فيه البرلمان، المشارك في هذه المفاوضات، بارتياح لوجود شخصيات تعرقل الحل وترفض الاعتراف بسلطة البرلمان وتشن حربا على الجيش الذي تولى قيادته الفريق أول خليفة حفتر.
وقال عبد المجيد إن البرلمان الحالي لن يسلم السلطة لجماعة الإخوان أو لمن أحرقوا الشعب الليبي ومقدراته، في إشارة إلى الحرب التي شنتها حول العاصمة الميليشيات المدعومة من البرلمان السابق، وأدت إلى تدمير مطار طرابلس الدولي وطرد الحكومة والبرلمان الجديد من المدينة. وأضاف قائلا عن احتمالات اللجوء لإجراء انتخابات نيابية بدلا من التمديد للبرلمان الحالي: «إذا استمرت أوضاع ليبيا على ما هي عليه من سيطرة للدواعش والمتطرفين على مدن مثل سرت وبنغازي ودرنة، فلن يكون في الإمكان عمل انتخابات جديدة، وسيمدد البرلمان عمله إلى حين استقرار الأوضاع وانتخاب برلمان آخر».
وانتقد عبد المجيد ما قال إنه تعامل ليون مع البرلمان الشرعي وكأنه جسم غير شرعي، ويساوي بينه وبين المؤتمر الوطني (البرلمان السابق). وأضاف: «ليون ليس عادلا. وتحركاته ليست مرضية للشعب الليبي». وشدد على أن «البرلمان الحالي لن يسمح بانزلاق الدولة في فراغ السلطة». وقال: «لا ينبغي أن نترك البلاد في فوضى.. هذه خيانة.. لن نسلم البلاد لأشباه الثوار ومن يحاربون في صف واحد مع الدواعش».
وقال إن البرلمان مع تشكيل حكومة وحدة وطنية، لكن «بشرط ألا تكون من جماعة الإخوان ولا من المتطرفين الآخرين الذين دمروا مقدرات الشعب الليبي وموارد النفط. أي حكومة ليبية جديدة لا بد أن تكون من بين الذين لم يرتكبوا أي أخطاء في حق الشعب».
وأضاف بشأن موضوع اختيار رئيس للدولة في الظروف الحالية، بقوله إنه «أمر صعب، لكن هناك لجنة خارطة طريق برئاسة رئيس البرلمان، تدرس الأوضاع، وهي التي ستقرر أمر اللجوء إلى تسمية رئيس للدولة يجري انتخابه من داخل البرلمان. ومن المرجح أن تعقد اللجنة اجتماعا بهذا الخصوص يوم الاثنين المقبل».
ويأتي هذا في وقت كان فيه رئيس البرلمان، صالح، تحدث بلهجة شديدة وفيها نفاد صبر من موقف المجتمع الدولي من بلاده، واستمرار فرض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حظر السلاح على الجيش الذي يكافح من أجل بسط الاستقرار في ليبيا، والقضاء على خطر داعش والحد من الهجرة غير الشرعية وضبط الحدود البرية مع دول الجوار والسيطرة على سواحل البحر المتوسط الطويلة المواجهة لأوروبا.
وأضاف عبد المجيد أن رئيس مجلس النواب (البرلمان) يعد رئيس الدولة والقائد الأعلى للجيش، وما قاله في جلسة مجلس الأمن هو الصحيح، مشيرا إلى أن ليون انحرف عن مسار الحوار، وشدد على أن استمرار حظر تسليح الجيش «كيل بمكيالين من دول الغرب»، وقال عبد المجيد إن بلاده «تحارب الإرهاب وحدها؛ الدواعش والمتطرفون الآخرون في ليبيا خطر على أوروبا لأنهم أقرب لها من أي مكان آخر». وأضاف: «في الوقت الراهن لا نتلقى أي دعم إلا من مصر الشقيقة فقط، وعلى دول مجلس الأمن أن تراجع حساباتها، وترفع الحظر عن الجيش».
وعن الموقف من الجيش ومستقبل الفريق أول حفتر، أكد عبد المجيد على أن «الجيش خط أحمر. وخليفة حفتر القائد العام للقوات المسلحة اختير من البرلمان بالإجماع لهذا الموقع، وجرى تكليفه من قبل القائد الأعلى للجيش، ولا يمكن أن نسمح بعرقلة جهود الجيش في محاربة الإرهابيين، خصوصا بعد النجاحات التي حققها ضد المتطرفين في مدينة بنغازي»، مشيرا إلى أن الجيش تمكن من السيطرة على نحو 95 في المائة من المدينة، وبعد استكمال تطهيرها من المتشددين سيتجه لمحاربة باقي الدواعش في سرت ودرنة.