العدد 4774 - الجمعة 02 أكتوبر 2015م الموافق 18 ذي الحجة 1436هـ

حظر دخول الروائي الجنوب إفريقي اشتياق شكري إلى بريطانيا

رغم إقامته 19 عاماً... ماذا لو كان اسمي جون سميث؟!

اشتياق شكري
اشتياق شكري

حظرت قوة الحدود البريطانية في مطار هيثرو دخول الكاتب الجنوب إفريقي، اشتياق شكري، من دخول البلاد؛ على رغم إقامته في بريطانيا منذ 19 عاماً، وحائز «جائزة الاتحاد الأوروبي لأدب جنوب إفريقيا».

جاء ذلك في تقرير كتبتْه إميلي دوغان، في صحيفة «الإندبندنت» يوم الأحد (27 سبتمبر/أيلول 2015). هنا أهمُّ ما جاء في التقرير.

عندما وصل الكاتب الجنوب إفريقي الحائز «جائزة الاتحاد الأوروبي لإبداع جنوب إفريقيا» اشتياق شكري، إلى مطار هيثرو يوم 14 يوليو/تموز 2015، اعتقد أن عودته إلى المكان الذي اتخذ منه وطناً، ستأخذه إلى البيت مباشرة. بدلاً من ذلك، تمَّت تنحيته جانباً، تلا ذلك التحقيق معه لأكثر من تسع ساعات، ومن ثم ترحيله إلى جنوب إفريقيا، مع إلغاء ختم الإقامة الممنوح له.

وعلى رغم أنه يعيش في المملكة المتحدة بصورة قانونية منذ 19 عاماً، ومتزوِّج من بريطانية، ولديه منزل في لندن، مُنع شكري من دخول البلاد.

وفي كتابة بعنوان «فقدان لندن»، نُشرت الأسبوع الماضي على الموقع الالكتروني «إفريقيا بلدٌ»، وصْفٌ لحال الإذلال التي مرَّ بها، والشك في أن الفظاظة التي عُومل بها كانت بدافع عنصري. الفرع الإنجليزي لـ «Pen»، منظمة الكتَّاب في جميع أنحاء العالم، كتبت إلى وزير الهجرة جيمس بروكنشاير، معبِّرة عن جزعها من معاملة شكري في مطار هيثرو، وطلبت إعادة النظر في القضية كمسألة ملحَّة.

رواية «المئذنة الصامتة»، هي عمله الأشهر، وتتناول قصة شاب مسلم جنوب إفريقي، يواجه إجحافاً في لندن، في أعقاب أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، التي هزَّت الولايات المتحدة الأميركية، وحصل بموجبها على «جائزة الاتحاد الأوروبي لإبداع جنوب إفريقيا» في العام 2004. وبحسب إشارته إلى الرواية في أحد اللقاءات، قال إنها ترصد «المشهد الحياتي البريطاني الذي كُرِّس لمكافحة الإرهاب. فجأة، اجتاحني شعور بالعداء».

تسليمه نص اللاعودة

لم يكن في بريطانيا منذ سبتمبر 2012. أول أسباب انقطاعه، هو مرض أمه المفاجئ، ومن ثم موتها في جنوب إفريقيا؛ ما استدعى بقاءه خارج المملكة المتحدة في العام 2013. يضاف إلى ذلك، أن زوجته تعمل كمدير قِطْري لمنظمة أوكسفام في اليمن، لذلك سافر في العام 2014 إلى هناك من جنوب إفريقيا رفقة زوجته.

رحلته إلى اليمن كانت وراء مُعظم الاستجواب المُطوَّل الذي خضع له. وكما كتب: «لأولئك الذين لا يعرفون ما الذي يكون عليه الشعور إزاء مثل هذا النوع من الاستجواب. أحد تأثيراته الغريبة هو أنه في مكان ما يبدأ في عمق شخص الشك في نفسه». وأضاف «لابد أن يكون ذلك جزءاً من نية المُحقِّق، وترك ذلك شعوراً لديَّ بانتهاك حقي».

ووصَفَ أخْذَ أمتعته وتفتيشها «خلسة»، وما جرى من تصويره وأخذ بصماته، وبعد ذلك أخذ أوراق رحلته إلى اليمن، جانباً وإخضاعها للفحص، وتسليمه رسالة تنصُّ على أنه لم يعد مؤهلاً كمقيم عائد؛ لأنه كان خارج المملكة المتحدة لأكثر من عامين.

كما كتب عن احتمال الدافع العنصري لإساءة معاملته: «في مواجهة جهودي للتغلُّب على التمييز العرقي، أنا أتساءل ممتعضاً عمَّا إذا كان يمكنني الاستفادة من تمديد الفقرتين 19 و 19A، فيما لو كان اسمي جون سميث! (تسمح الفقرتان لشخص ما أن يكون خارج البلاد لأكثر من عامين إذا كانت صِلاته ببريطانيا تؤهِّله لذلك).

وأضاف «لكن اسمي ليس جون سميث، وكنت في اليمن، التي، كما أعتقد، ختمتْ قدَري في مطار هيثرو، ودفعتْ مسئولي (قوَّة الحدود) للاعتقاد بأنهم لا يمكن أن يضعوا احتمالاً واحداً لصالحي، كي يقرروا ترحيلي، ونظراً إلى جميع الخيارات المتاحة لديهم، فإنهم يجدون الإجراء الأقسى مشروعاً ومسموحاً به. هل لو كانت ظروف جون سميث طوال 19 عاماً في المملكة المتحدة هي ظروفي، أكان مسئولو (قوة الحدود البريطانية) ألغوا حياته على الفور»؟

في تجربة الإذلال

وتصرُّ وزارة الداخلية من خلال المتحدِّث باسمها، أن أي شخص مُنح من قبل إجازة البقاء في بريطانيا إلى أجل غير مسمى، وكان بعيداً عن أراضيها لأكثر من عامين، يتطلَّب ذلك منه تأشيرة عودة للإقامة في المملكة المتحدة. مضيفاً «نحن لا نعلِّق بشكل روتيني على حالات فردية».

وعن الكتابة بشأن تجربة الإبعاد البريطانية، قال شكري: «لقد كتبت روايات عن حالات الاختفاء والاختطاف، ولكن لايزال من الصعب بالنسبة لي أن أتحدَّث عن الشعور بالعجز الذي ينجم عن كونك تؤخذ عنوة لتستقل طائرة ليست من اختيارك، سوى أن تقول: آمل ألَّا يمر مسئولو الهجرة أبداً بتجربة الإذلال».

وأضاف «إن الإحراج الذي يشعر به المرء في كونه مجرّداً من وثائق سفره، وإخراجه من خلال منطقة السوق الحرة، وفي كونه يسير عابراً أمام الركَّاب الآخرين وهم يصطفون في انتظار دورهم، مباشرة إلى متن الطائرة، وأن يسلَّم جواز سفره وبطاقة صعود الطائرة إلى قبطانها للمدة التي تتطلَّبها الرحلة، ويجري تسليمه وثائقه مرة أخرى فقط عند الهبوط، إنه أمر فيه من الغلْظة الكثير؛ مثل شعور انتزاع الأحشاء كانت لحظة إقلاع الطائرة به، ذلك الذي أضحى بعيداً عن الأهل والوطن. كل ذلك يتجاوز ما كنت أستطيع وصْفه».

ويعتقد؛ بحسب ما قال، أن طريقة التعامل معه كانت دلالة على التكتيكات العدوانية المتزايدة من جانب وزارة الداخلية. «حالتي ليست الأسوأ. إنني أدرك تمام الإدراك. ولكنه جزء من تنامي الغلظة والعداء اللذين يواجههما اللاجئون والمهاجرون في المملكة المتحدة، وحدود الاتحاد الأوروبي، ولذلك السبب قرَّرت أن أشارك بالتجربة التي مررْتُ بها».

وقال تعليقاً على التخطيط لبناء سياج أمني يمتد لميلين في فرنسا لمنع دخول اللاجئين السوريين وغيرهم من المهاجرين: «هذه ليست سياسات حكيمة ولكنها سياسات مُتعصِّب يُشرِّع لاسترضاء أقلية ضيقة الأفق. هو لا يعرف ولا يهتم للعالم ما وراء أفقه الضيق».

وأضاف: «سياساتهم تبديدٌ لصورة التاريخ البشري. التاريخ البريطاني. الهجرة البشرية زوَّرت العالم. والهجرة البشرية ستزوِّر المستقبل. إذا كانت الحكومة البريطانية تميل إلى الذهاب ضد تيار التاريخ البشري من خلال بناء الأسوار كما هو الحال في المجر، والسماح به، فلتتحلَ بالشجاعة وتبني أسواراً على أراضيها من أجل أن يرى العالم».

ضوء

يُذكر أن اشتياق شكري، كاتب وروائي، من أشهر أعماله «المئذنة الصامتة» و «أراك»، الذي أصدره في العام 2014، ويُعدّ كتاب مشاهدات وتأمُّلات نتجت عن جولة في بلاده (جنوب إفريقيا).

انطلق في الكتابة العام 2004، عندما فازت مخطوطته غير المنشورة «المئذنة الصامتة»، وفازت بـ «جائزة الاتحاد الأوروبي لأدب جنوب إفريقيا».

استَشْهَد شكري بالمفكِّر الأميركي من أصل فلسطيني البروفيسور إدوارد سعيد ومذكراته «خارج المكان»، وتي إي لورنس (لورنس العرب) في «أعمدة الحكمة السبعة»، باعتبارهما من أعظم ما تأثر به من الأعمال.

يُشار إلى أن «جائزة الاتحاد الأوروبي لإبداع جنوب إفريقيا» تم تأسيسها من قِبَل المفوضيَّات الأوروبية في جنوب إفريقيا العام 2004، على هامش مهرجان غراهامستاون للفنون، وترمي إلى دعم وتشجيع الإبداع الجنوب إفريقي الذي يصدره الشباب الموجود في أوروبا، وتعزيز دوره على مستوى دول الاتحاد.

وتشترط الجائزة المشاركة بأول عمل إبداعي لم يسبق نشره. وتبلغ قيمتها 2300 جنيه إسترليني، إضافة إلى المشاركة في مهرجان ونترناشتن الهولندي؛ علاوة على نشر الأعمال الفائزة.

غلاف رواية «المئذنة الصامتة»
غلاف رواية «المئذنة الصامتة»

العدد 4774 - الجمعة 02 أكتوبر 2015م الموافق 18 ذي الحجة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً