أبدت السلطات في العاصمة الليبية طرابلس، أمس، وجهة نظر متشددة حيال أحدث نسخة من مشروع توقيع اتفاق سلام ينهي الصراع على السلطة في البلاد عبر تشكيل حكومة وفاق وطني، وذلك برعاية الأمم المتحدة، حيث اعترض الشيخ الصادق الغرياني، مفتي ليبيا السابق، والمقال من منصبه، على بنود المسودة السابعة للاتفاق السياسي الليبي، التي وزعتها بعثة الأمم المتحدة على مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته، وهو الاتفاق الذي يستهدف إنهاء الصراع السياسي على السلطة في البلاد ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" اليوم الخميس (1 أكتوبر / تشرين الأول 2015).
وعد الغرياني، في كلمة ألقاها بندوة مساء أول من أمس في العاصمة طرابلس، أن نص المادة الخامسة من المبادئ الخاصة بتحكيم الشريعة الإسلامية غير كاف، معربا عن رغبته في أن يكون النص محكوما، مثل النص الوارد في التعديل الدستوري التاسع الذي أجراه البرلمان السابق، والذي يشير إلى أن «ليبيا دولة مسلمة مستقلة، والشريعة الإسلامية مصدر كل تشريع، ويعتبر باطلا كل تشريع يصدر مخالفا لأحكامها وتشريعها، وتكفل الدولة لغير المسلمين حرية ممارسة شعائرهم».
ودعا الغرياني إلى تحصين تطبيق الشريعة، مشيرا إلى أن ما ورد بالمسودة بشأن الإرهاب نص عائم، ولا بد من تعريفه وتوصيفه، مضيفا أن «كل مجرم خارج عن القانون يستطيع أن يستعمله لقتل الناس، ولذلك يجب ألا نجعلها عائمة، ونجددها، ونحن لا نرضى بترك الأمر هكذا، فلا يكون خروج عن القانون حلالا، وخروج آخر حراما، وهو انقلاب على السلطات».
من جهته، انتقد خليفة الغويل، رئيس ما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني، التي تدير العاصمة طرابلس بدعم من ميلشيات «فجر ليبيا» المتشددة، إصرار مجموعة من أعضاء الوفد المكلف بالحوار مع برلمان طرابلس على الاستمرار في التعاطي مع مسودات الحوار، التي وصفها بالمشبوهة ومتضاربة البنود، وتتعارض في تفاصيلها مع الثوابت الوطنية العليا.
وأبدى الغويل استغرابه لما وصفه بالتسرع غير المحسوب من قبل بعض الأشخاص المكلفين بالحوار، وقبولهم لأي حلول دون الأخذ بعين الاعتبار التصعيد المتعمد من قبل الانقلابيين، ومن يساندهم من العصابات المجرمة الخارجة عن القانون، التي تقصف المدن في بنغازي ودرنة والكفرة. إلى ذلك، حث مجلس بنغازي البلدي، مدينة مصراتة على التدخل لإيقاف الجرافات الداعمة للجماعات المتشددة في مدينة بنغازي شرق البلاد. وحمل المجلس في بيان له بلدية مصراتة وقوات «درع الوسطى»، ومجلس الحكماء والمجلس العسكري، المسؤولية الأخلاقية والقانونية حيال ما يرتكب في حق المدينة، كما تعهد بملاحقة الجناة ومن يدعمهم دفاعا عن حياة أهالي المدينة.
ولفت المجلس إلى حصوله على أدلة قاطعة من خلال شهادات الأسرى وشرائط الفيديو، تؤكد تورط الجرافات التي تنقل المقاتلين والذخائر والأسلحة إلى مدينة بنغازي من شواطئ مصراتة، لافتا إلى أن مصراتة لم تعلن إخلاء مسؤوليتها عن هذه الأعمال العدائية.
وتزامنت هذه التصريحات مع إعلان وكالة الأنباء الموالية لحكومة طرابلس قرب تدشين ما يسمى بالمشروع الوطني لحل الأزمة الليبية خلال مؤتمر صحافي، يعقده فريق خبراء المشروع صباح الأحد المقبل. ونقلت الوكالة عن مصادر أن المشروع يرتكز على رؤية وطنية تأخذ في الاعتبار المصلحة الوطنية العليا.