دخل الجيش الافغاني بمساندة الدعم الجوي الاميركي اليوم الثلاثاء (29 سبتمبر/ أيلول 2015) الى مدينة قندوز الاستراتيجية في شمال البلاد لاستعادتها من متمردي طالبان الذين سيطروا عليها الاثنين محققين اول تقدم كبير لهم منذ سقوط نظامهم في 2001.
وقال الرئيس الافغاني اشرف غني الذي صادفت الذكرى الاولى لتوليه الرئاسة مع هذه الهزيمة القاسية "قواتنا تتقدم في المدينة".
واضاف في كلمة متلفزة ان طالبان تستخدم المدنيين دروعا بشرية وهو ما يعيق جهود قوات الامن.
وقالت وزارة الدفاع الافغانية في بيان ان العملية المضادة التي يقوم بها عناصر امن ارسلوا كتعزيزات من ولايات اخرى سمحت باستعادة مقر قيادة الشرطة والسجن الذي اخرج منه المتمردون الاثنين مئات السجناء.
وقال رحمة الله نبيل، رئيس جهاز الاستخبارات الافغاني خلال مؤتمر صحافي ان 110 من السجناء كانوا "من طالبان" من اصل 600 سجين تم اخراجهم من السجن.
ميدانيا، لم يعد بامكان الجيش الافغاني الاعتماد على دعم القوات الاجنبية لحلف شمال الاطلسي الذي باتت تقتصر مهمة جنوده البالغ عددهم 13 الفا في البلاد، على تقديم النصح وتأهيل نظرائهم الافغان.
في المقابل، قدم الجيش الاميركي الذي يشن باستمرار غارات بطائراته المسيرة على المتمردين في شرق افغانستان، دعما جويا الى القوات الحكومية بتنفيذه ضربة جوية بالقرب من قندوز تهدف الى "القضاء على تهديد" لم يحدد، وفق ما اعلنته مهمة الحلف في هذا البلد.
وهذه المساندة الجوية تهدف الى دعم القوات الافغانية بعد اخفاقها بسرعة في التصدي للمتمردين الاسلاميين الذين لم يحتاجوا الى اكثر من ساعات للاستيلاء على قندوز.
وقال اشرف غني ان المهمة التي يقوم بها الجيش في المدينة صعبة جدا "لان العدو يستخدم الأهالي دروعا بشرية".
ودعا مقاتلو طالبان سكان قندوز الى استئناف "حياتهم بشكل طبيعي" في مسعى لاستمالة السكان على ما يبدو.
ولكن موظفا غربيا في منظمة غير حكومية تعمل في قندوز التي غادرها الاثنين قال ان مقاتلي طالبان "كسروا" باب مكتب المنظمة وان المقاتلين "سرقوا لوازم واجهزة من مكاتب منظمات غير حكومية اخرى".
واعلنت وزارة الصحة عن مقتل 16 شخصا منذ الاثنين من دون ان تحدد ان كانوا جنودا ام مدنيين.
ويتوجس بعض السكان من عودة عناصر طالبان الى الحكم الذي تولوه من 1996 الى 2001 وفرضوا خلاله قيودا على النساء بشكل خاص.
وقالت صديقة شيرزا التي تدير اذاعة روشاني "نخاف اذا خرجنا من المنزل ان يتعرض لنا عناصر طالبان بالضرب".
وفي تعزيز لهذه المخاوف اصدرت حركة طالبان اليوم الثلاثاء تسجيل فيديو اشادت فيه بسيطرتها على مدينة قندوز واستعرضت خلاله الدبابات والعربات المدرعة التي استولى عليها مقاتلوها، واعدة بتطبيق الشريعة الاسلامية.
وظهر في الشريط احد المسلحين وهو يقول لحشد من الناس ان الحركة ستطبق الشريعة الاسلامية، وردد الحشد "انشاء الله".
وينتهي الشريط برسالة من زعيم الحركة الجديد الملا اختر منصور الا انه لم يظهر في الشريط.
ويقول الملا في رسالته "نحن لا نؤمن بالانتقام" معلنا "عفوا عاما" عن عناصر الجيش الحكومي الراغبين في الانشقاق عن الجيش.
كما امر الملا منصور الموظفين الحكوميين والاطباء في قندوز بمواصلة عملهم كالمعتاد، كما قال للسكان ان طالبان ستضمن سلامتهم وتحمي ممتلكاتهم.
واختتم قائلا ان "كابول يجب ان تقبل هذه الحقيقة المرة بنصرنا، ويجب ان تقلق بشان باقي الدولة".
وكان للسيطرة على قندوز التي تضم 300 الف نسمة اثر كبير لأنها حصلت الاثنين بعد عام تماما على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية التي يرئسها الرئيس اشرف غني القريب من الغربيين والذي انتخب بناء على وعد باعادة السلام الى بلده الذي تمزقه منذ ثلاثين عاما نزاعات بينها 14 عاما مع حركة طالبان.
ومنذ مساء الاثنين حيا زعيم حركة طالبان الملا اختر منصور الذي عين هذا الصيف خلفا للملا محمد عمر، "النصر الكبير" في قندوز.
وعمل مقاتلو طالبان على التركيز على الجانب الرمزي للمعركة. فقد نشر الناطق باسم الحركة ذبيح الله مجاهد على موقع تويتر للرسائل القصيرة صورة يظهر فيها مقاتلون يرفعون العلم الابيض للحركة في وسط قندوز.
وتبدو السيطرة على قندوز انتصارا شخصيا للملا منصور الذي اعترض بعض قادة طالبان على تعيينه خصوصا بعد انتقادات من عائلة الملا عمر الذي تأخر الاعلان عن وفاته سنتين.
وقال مقاتل من طالبان في بيشاور في باكستان بحضور مراسل فرانس برس "قد لا نتمكن من السيطرة على المدينة لفترة طويلة ولكن (هذه العملية) هي رد على الحكومة التي تقول اننا لسنا اقوياء الا على طول الحدود مع باكستان" في شرق وجنوب افغانستان.
وتعد قندوز محورا تجاريا استراتيجيا على بعد اقل من مائة كلم من الحدود مع طاجيكستان، وكان طالبان حاولوا مرتين السيطرة عليها هذه السنة.
اما بشأن مباحثات السلام الاولية المباشرة التي بدأتها كابول مع المتمردين في تموز/يوليو فقد تم تاجيلها لاجل غير مسمى بعد الاعلان عن وفاة الملا عمر والذي توفي في بداية 2013.
ويتعين على الشرطة والجيش الافغانيين التصدي في الوقت نفسه للتهديد المتنامي لتنظيم "داعش" الإرهابي.
والاحد شن مقاتلون يعلنون انتماءهم الى تنظيم "داعش" الإرهابي اول هجوم كبير ضد الشرطة الافغانية في ننغرهار ما ادى الى مقتل شرطيين اثنين على الاقل.
وحتى الان، كان تنظيم "داعش" الإرهابي يقاتل طالبان لكن هذا الهجوم يشكل تطورا في اطار مساعيه لترسيخ وجوده في افغانستان.