أدت تداعيات الأزمة الروسية - الأوكرانية إلى تقييد المواطن الأوكراني من حيث احتياجاته الطاقية، وذلك في ظل فشل الحكومتين في التوصل إلى سعر نهائي للمتر المكعب لصادرات الغاز الروسي لأوكرانيا، فضلا عن آليات تسديد الديون المتراكمة عليها ، وفق ما نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" اليوم الثلثاء (29 سبتمبر / أيلول 2015).
وفي آخر مستجدات الأزمة المستمرة بين روسيا وأوكرانيا منذ مطلع عام 2014، أعلنت السلطات الأوكرانية عن قرارها بفرض عقوبات على 25 شركة طيران روسية، كما حظرت رحلاتها إلى المدن الأوكرانية.
وتطال هذه العقوبات بصورة رئيسية شركتي «ترانس أيرو» و«إيرفلوت» العملاقتين في مجال النقل الجوي، فضلا عن شركات أخرى، أوقفت بعضها رحلاتها إلى أوكرانيا منذ عام، بينما ألغت أخرى عددا من رحلاتها الجوية الدائمة إلى الدولة الشقيقة. ويشكل المواطنون الأوكرانيون نسبة 70 في المائة تقريبًا من إجمالي المسافرين على متن رحلات الشركات الروسية، والذين غالبا ما يستفيدون من المطارات الروسية للسفر نحو أوروبا، حيث الأسعار أفضل وعدد الرحلات الجوية من العاصمة موسكو إلى العواصم الأوروبية تفوق تلك التي تنطلق من العاصمة كييف.
وستنجم عن هذه العقوبات، بطبيعة الحال، خسارة محدودة للشركات الروسية، وتعقيدات سيواجهها المواطنون الأوكرانيون في التنقل إلى أوروبا. أما الأمر الأخطر، فهو أن هذه العقوبات تهدف إلى ضرب الروابط الاجتماعية والثقافية بين الشعبين الروسي والأوكراني، الأخوين تاريخيًا، والحد من وسائل التواصل بينهما. في المقابل، أعلنت موسكو، على لسان وزير النقل، مكسيم سوكولوف، عن نيتها تبني تدابير مماثلة بحق شركات أوكرانية، فور الإعلان رسميا عن العمل بالعقوبات الأوكرانية.
بالتزامن مع ذلك، نُشرت على الموقع الرسمي للرئيس الأوكراني، بيترو بوروشينكو، عريضة تتضمن اقتراحًا بفرض حظر على نشاط المصارف الروسية في أوكرانيا، التي تجني أرباحًا أكثر من المصارف الوطنية الأوكرانية نفسها وفق ما جاء في العريضة. ويستمر التصويت على الاقتراح لمدة 91 يومًا، لحشد العدد المطلوب من الأصوات وعرض هذا الاقتراح على السلطات التشريعية في البلاد لاعتماده كقرار رسمي.
وتأتي هذه التطورات بين البلدين بعد أيام قليلة من انعقاد محادثات بين الجانبين، بوساطة أوروبية، للتوصل إلى اتفاق حول سعر صادرات الغاز الروسي لأوكرانيا. ويُذكر أن قضية صادرات الغاز هي من أكثر الملفات حساسية في العلاقات الأوكرانية - الروسية، ذلك أن أوكرانيا تعدّ المحطة الرئيسية التي تمر عبرها شبكات صادرات الغاز الروسية إلى أوروبا.
من جانبها، تخشى روسيا أن تؤثر الخلافات على سمعتها في سوق الغاز الأوروبية، خاصة أنها أدّت إلى تأخير تنفيذ التزاماتها التعاقدية أمام شركائها الأوروبيين. ويشار إلى أن العلاقات الأوروبية - الروسية تعاني من توتر على خلفية الأزمة مع كييف، إذ اضطرت روسيا إلى إطلاق خطة واسعة لتعويض الصادرات التي طالتها العقوبات الغربية، بهدف تأمين احتياجات مواطنيها الأساسية. وردّا على العقوبات الغربية، حظرت موسكو مواد غذائية كانت تستوردها من الاتحاد الأوروبي. أما بالنسبة لكييف، فإن حساسية هذا الملف تزداد كل عام مع اقتراب فصل الشتاء، حيث يشكل الغاز الطاقة الرئيسة المعتمدة لتأمين التدفئة.
وانتهت المحادثات بين طرفي الخلاف بالتوصل إلى اتفاق على سعر صادرات الغاز الروسية، للربع الأخير من العام الحالي، والذي لا يغطي فصل الشتاء بمجمله. وذلك على أن تدفع أوكرانيا نحو 227 دولارا أميركيا عن كل ألف متر مكعب من الغاز. ولا شك في أن ملف الغاز الروسي إلى أوكرانيا سيعود ليطفو على السطح من جديد بعد عدة أشهر، في ظل فشل محادثات متقطعة، منذ عام 2014، بين شركتي «غازبروم» الروسية و«نفطو غاز» الأوكرانية في التوصل إلى اتفاق نهائي.