في البدء كانت فكرة صغيرة لتنظيم مسابقة أفلام قصيرة للتعبير عن إحدى الفئات ممن لا صوت لها، بعد وفاة رضيعٍ أصيب بالحمّى وظلّ يبكي طوال الليل، ولم يسمعه والداه الأصمّان بسبب تعطّل جهاز الإنذار الهزاز الذي يعتمدان عليه في الاستشعار.
كانت الحادثة مريرةً على العائلة وأقاربها وأصدقائها، وغالبيتهم من المنتمين لجمعية الصم البحرينية، التي تبنت فكرة إصدار فيلم قصير عن الواقعة في يناير/ كانون الثاني 2015، وتطوّرت الفكرة لتأخذ مدى أكبر بالتعاون مع مؤسسة شبابية أخرى «نقش للأفلام»، وتم الإعلان عن المسابقة في نادي الشباب بالمحافظة الشمالية، لتأخذ آفاقاً أوسع بنشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
مع بدء تلقي بعض الأعمال الفنية، تم تشكيل لجنةٍ من خمسة محكّمين: محمد الصفار (ممثل ومخرج)، علي العلي (مخرج)، حسين المهدي (مؤلف)، عبدالله العياف (مخرج سعودي)، إضافة إلى مترجم لغة الإشارة جعفر ياسين. وكانت المفاجأة المفرحة أن تقدّم للمسابقة 229 فيلماً من 52 دولة عبر العالم. وهكذا عكفت اللجنة على مشاهدة وتقييم الأفلام لأكثر من ثلاثة أشهر، وقامت بتصنيفها إلى ثلاث مجموعات: أفلام «أصوات» عن الصم، أفلام لغة «إشارة»، وأفلام «أمل» عن الإعاقات بشكل عام.
مهرجان أصوات السينمائي الأول سلط الأضواء على الأفلام الإنسانية التي تتناول قضايا ذوي الإعاقة، وهي قضايا وهموم مشتركة، ولغتها عابرةٌ للحدود والأوطان. كما أن فن السينما يستقطب الكثير من الطاقات الشبابية في هذا الجيل، حيث يجدون فيه متنفساً ومعبّراً عن طموحاتهم وأفكارهم وإبداعاتهم. وهو ما تكشف عنه خريطة المشاركات، إذ تبدأ بتايوان شرقاً، مروراً بدول المنطقة مثل تركيا ومصر وإيران ولبنان وفلسطين والسعودية والإمارات والبحرين، وانتهاءً ببلجيكا والبرتغال وألمانيا وكندا والولايات المتحدة الأميركية في أقصى الغرب.
الأفلام المختارة تم عرضها في سينما الدانة، على مدى ثلاثة أيام (10-12 سبتمبر/ أيلول 2015)، وفي ليلة الختام تم عرض الأفلام الفائزة بالمراكز الأولى، من سورية والعراق والبحرين بالترتيب.
قبل العرض التقيت بمخرج الفيلم السوري الفائز «يوم صامت»، أنس خلف، الذي جاء من الأردن حيث يعيش، لحضور حفل الختام. وقد أخرج الفيلم مع زوجته رنا كزكز، قبل الأحداث، حيث ساعدت في تمويله جمعية «آمال» في سورية العام 2010. وتمثل فيه الممثلة سلاف فواخرجي دور أمٍّ لصبيٍّ أصم في بيت دمشقي جميل، حيث تحرص على استخدام ابنها سماعة الأذن (وكثيرٌ من الصم لا يحبون استخدامها لما تصدره من وشوشة)، لتشجيعه على الخروج من عالم الصمت والتواصل مع العالم بلغته، وقبل أن يخلد إلى النوم يطلب منها أن تعِدَه بأن يكون الغد صامتاً (بلا سماعة). ويخبّئ لنا المخرجان مفاجأةً في اللقطة الأخيرة من الفيلم، حين تنزع الأم سمّاعة الأذن، لنكتشف أنها صمّاء أيضاً.
الفيلم الفائز بالمركز الثاني «خزّان الحرب»، كان من العراق، البلد العربي الثاني المنكوب، حيث شارك في تمثيله مجموعة من الأطفال، وقد جرى تصوير مقطع للمخرج يحيى العلاق وقد حفّ به الممثلون الصغار، وهم يحيون الجمهور بعد إبلاغهم بخبر الفوز. وحين انتهى أجري اتصال مباشر بالسكايب مع المخرج بناءً على طلبه، ليبيّن أن الممثلين كلهم من الأيتام من ضحايا الحرب وجرائم الإرهاب، ولم يقل ذلك أثناء تسجيل المقطع مراعاةً لمشاعرهم وأحاسيسهم.
الفيلم ينقل واقع الحياة اليومية الصعبة في مدن العراق، حيث يعاني المواطنون، وخصوصاً الأيتام المشرّدين، الذين لم تخرجهم المعاناة من جلودهم الإنسانية، ونقائهم الفطري، فنشاهد الطفل وهو يقدّم لطفلة أخرى جزءاً من النفط الذي كانت تبحث عنه لأربعة أيام، فتعود بحصتها لعائلتها التي تحتاجها للتدفئة والطبخ. رسالة جميلة تصمنها الفيلم، فالخير الكامن في النفوس لا تزيله مشقّات الحياة وأهوال الحروب وجرائم الإرهاب.
الفيلم الثالث «صوت الحياة»، للبحرينية سكينة خليل، حيث يصوّر طفلاً يلعب مع أصحابه لعبة «الخشيشة»، فيختار الاختباء في صندوق سيارة متعطلة، فينغلق عليه ولا يجد سبيلاً للخروج، بعد أن انتهت اللعبة وتفرّق الرفاق. وبعد محاولات فاشلة للخروج يستسلم لقدره وينام، وتفتقده عائلته ويطوف أبوه بالمسجد ليسأل رفاقه عنه دون جدوى. وبعد ساعات يتم نقل السيارة للكراج لإصلاحها، ويستيقظ الصبيّ من نومه ليطرق بما تبقى له من قوة خائرة، فينتبه صاحب السيارة لمصدر الصوت، ويفاجأ بالصبي الذي شارف على الرمق الأخير.
ثلاثة أيام عاشها الجمهور مع أفلام الأمل وتحدي الصعاب وإشراقة الحياة.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 4768 - السبت 26 سبتمبر 2015م الموافق 12 ذي الحجة 1436هـ
فكرة رائعه
نسأل الله أن يبارك نيات هؤلاء الأفراد اللذين وهبوا أنفسهم لخدمة ذوي الإعاقة ...
جمعية الصم غنية عن التعريف ...ابارك لكم هذا النجاح العملاق
ألف تحية للمبدعة البحرينية سكينة خليل
ألف تحية للمبدعة البحرينية سكينة خليل، للأسف مواهب الشباب البحريني مهملة.
مجتمعنا المسلم لا يراعيهم
فالكثير من الناس المحسوبين على الإسلام لا يمتلكون أخلاق الإسلام ورسولنا بعث ليتمم مكارم الأخلاق ... هناك الكثير من المسلمين من يزيد جنون المجنون ويستهزئ بالمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة والدولة ملزمة برعايتهم وتوفير الأماكن المناسبة لهم وما يحتاجونه
امال عجيبة في حياة من لا يسمعون
بسم الله الرحمن الرحيم
ان الله لا يخلق اي مخلوق بدون ان يتكفل به
وان الله يخلق الصم والبكم الا لاسباب سبحانه ربي مسبب الاسباب .
كلنا لدينا احتياجات خاصة، ليس هؤلاء فقط!
جميل جدا أستاذ قاسم!!!
المشكلة والعقدة ليست في هؤلاء الذين نسميهم معوقين، الإعاقة الحقيقية هي في المجتمع الذي لا يحسن التعامل معهم وتقديم المساعدة اللازمة لهم بلا شفقة وعاطفة مفرطتين، هؤلاء يحتاجون إلى الاحترام والاعتراف بهم بشرا ليسوا قاصرين ولا ناقصين.
الكاسر
أنا قريت المقال قمت أصيح
اشلون لو أجوف العرض ويش بسوي
في روحي