كنا نتمشى مع بعض الرفاق وطرح أحدهم ما حدث له مع صديق عمره من سوء تفاهم وجفاء دون سبب يستحق ذلك! بعد العِشرة الطويلة، وكيف يشعر بتناقص الود والحميمة، في أيامنا وكيف أضاع بوصلته ولم يعد يعرف كيف يتعامل مع الآخرين سواء في العمل أو مع الأصدقاء! وحتى معاً الأهل أحياناً! والذي يشعره بالزعل من تصرفاتهم غير اللائقة في المواقف الحساسة والتي يصعب تحديد المشكلة، وبأن الكذب أصبح أسهل أنواع الاعتذار، وأجابه أحدنا بأن الأسباب متعددة ومن خلال ما يراه بأن العالم قد تغير كثيراً وازدادت أعباء البشر، وأن انشغال الناس في أرزاقهم وصعوبة الحياة ومتطلباتها، جعلهم ينغمسون في التحصيل المادي واللهث وراء قيمها سواء في طريقة العيش أو الحفلات المُسرفة وتكويم المشتريات والتخزين ودون أدنى تفكير لحاجتهم إليها من عدمها (وكأنهم مُسيّرون) أو بسبب إلحاح الحضارة الحديثة تحت مسمى السعادة الحقيقية في الاقتناء وتحت إلحاح الإعلانات المضللة، وسيطرة حب الذات والأنانية، وتناسوا تنمية القيم الرفيعة وبالقراءة عن الروحانيات والإنسانيات من المحبة والعطاء والصدق والإخلاص، والتي تحتاج إلى الوقت والجهد للتفكر ولفهم الإنسان لنفسه وللآخر ولما يدور حوله في الكون والحاجة للتأمل والهدوء النفسي والعصبي، وانشغلوا بالتواصلات الاجتماعية، والتي أراها لااجتماعية، بل هي قامت بخلق علاقات (وچات) وهمية ومزيفة تكمن جميعها عن بعد وفي الفضاء، بل يأتي زيفها بسبب الابتعاد الحسي والجسدي عن الآخر والتي أدت إلى تغير النفوس وقلة الحميمية، وأضحت وسيلة للمجاملات وما يشبه التخدير للعلاقات، مع جرف المجتمعات للأشياء السطحية والتوافه من المعلومات والتي لا تضيف سوى الملهاة السمجة واللعب في الأوقات الضائعة، فلم يعد الوقت كافياً للتعرف أو التعاطف على الآخر أو للتعمق في الثقافة التي تُغني النفوس وَتسْمو بها، فالكل على عجلة من استقاء المعلومة السطحية وهضمها ونقلها السريع والذي لا يُفرز سوى الضياع والظلام للمعلومات.
وقرأت بأن المُتألم يؤلم الآخرين دون سبب (hurting people hurts others) بما معناه أن البعض يؤذي الآخر دون قصد أو إدراك، لأنه هو ذاته لديه مخزونٌ من الآلام والتي لا يعرف تصريفها، والغريب حقاً بنفث آلامه على أقرب الناس إليه من الأهل أو الأصدقاء وربما لاعتقاده بأنهم السبب في آلامه وغفران زلاته.
وأصبح البعض كالدُمى تُحركها الحضارة الأنانية، وأضفت لمحدثنا بأنني قلقة جداً بعد قراءتي وبشهادة الأطباء النفسانيين عن آلامٍ وأعراض أمراض نفسية غريبة لم نكن نعرفها قبلاً من عدم الشعوربالسعادة أو الرضى وسرعة اليأس من الحياة والشعور بالوحدة والرغبة في العزلة والانطواء والعداء للآخر دون سبب، أو توارد الأفكار الغريبة والاحتباس والضيق الصدري بسبب الضغوط (stress) الحياتية وارتفاع لنسبة المرضى النفسانيين فضلاً عن زيادة الأمراض العضوية.
ثم تطرقنا إلى الأوضاع الاقتصادية والتي نرى بأن الفقر في ازدياد كل يوم، وانعدام العدالة الاجتماعية والبطالة والحروب العبثية وكل هذه المسميات تلعب دوراً كبيراً فيما آل إليه إنسان اليوم وتركيبته، وأنهينا مشوارنا بتأكيد ما نمر به هو مرحلة من أسوأ المراحل السياسية والحياتية لأمتنا وربما للعالم، واتفقنا جميعاً بمشاعرنا بالغربة والوحدة الشديدة والسواداوية لما يدور حولنا من أحداث مربكة ومخيفة، وتوجّسنا من الأيام القادمة، والتي أوضحت الرؤية للصورة، والتي هي وراء كل تلك الصراعات والأعراض النفسية التي بحثناها، فهل نعطيهم العُذر؟
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 4768 - السبت 26 سبتمبر 2015م الموافق 12 ذي الحجة 1436هـ
ثقافة سطحية
فعلا الثقافة المحصلة اذا جازت التسمية من وسائل التواصل سطحية غير ىاضحة المصدر او موثقة ومعتمدة وعميقة ثقافة مرتابة مترددة بسبب البعد عن الكتاب والانشغال بالجهاز على مدار الوقت وعدم التفرج على عمل سينمائي او مسرحي او ثقافي والاكتفاء بالتوافه والتسالي لذلك تصاب بدهشة في حواراتك مع البعض
السبب الرئيسي للمشاكل
سبب شقاءنا الرئيسي على مستوى الأفراد والمجتمعات حكاما ومحكومين هو البعد عن طريق الله سبحانه وتعالى
اي طريق ؟!
شكرا جزيلا للكاتبه سهيله على هذه المقاله التى وضعت النقاط على الحروف لزخم من القضايا المهمه المعاصره في مجتمعنا.
السبب الرئيسي للمشكلة
سبب المشاكل يا عزيزي هو الجهل .... معظم الناس تقرأ فقط حين تكون القراة هي الوسيلة الوحيدة ... طريق الله كل جماعة تدعي أن لديها الخارطة الوحيدة للوصول للكنز ... بينما الكنز الحقيقي هو الانسان نفسه .. لو بحث وقرأ ووجد نفسه في مجال من المجالات يوافق آماله وتطلعاته واستطاع ان يطور ي نفسه ويطور من مجال عمله