نعى أساتذة «القلافة» في مملكة البحرين، حرفتهم التي تقترب شيئاً فشيئاً من لحظة الاندثار، على رغم امتدادها العريق كصناعة للسفن القديمة، تعود إلى آلاف السنوات وترتبط بحضارة دلمون.
وخلال اللقاء مع «الوسط» بموقع «القلاليف» في المحرق، والذي ضم أساتذة المهنة، تقدمهم كل من محمد نجيب التيتون، ومحمد إسماعيل، إلى جانب عدد من «القلاليف» وهم عبدالله نور، وسيدهادي العبار، تحدث الجميع من المحرق والنعيم بلسان واحد، وطالبوا هيئة البحرين للثقافة والآثار بالتدخل العاجل لإنقاذ الحرفة، يبدأ بتخصيص موقع رسمي لمزاولي الحرفة ومنحهم الدعم المالي والمعنوي اللازم.
ويركز «القلافة»، مطلبهم الخاص بالموقع، في الأرض الكائنة بالمحرق والمطلة على بحرها، مؤكدين أهليتها التامة لذلك؛ نظراً إلى مجاورتها البحر، كما تطرقوا إلى مشروع طريق اللؤلؤ للهيئة، وقالوا: «خاطبنا مسئولي الهيئة، وأعلمناهم بأن اكتمال المشروع مرهون بوجود السفن القديمة الناقلة للؤلؤ».
يبدأ أحد أبرز أساتذة الحرفة في البحرين، محمد نجيب التيتون، الحديث محاولاً التغلب على كل مشاعر القنوط «ليست المرة الأولى التي نشكو فيها حال حرفة القلافة لجميع الجهات الرسمية المعنية، ففي كل مرة ننتهي للاشيء، لكننا هنا لنوجه الإنذار الأخير: الحرفة التي يعود تاريخها إلى 2500 سنة، ستندثر قريباً، وعلى المسئولين تدارك الأمر قبل فوات الأوان».
حديث التيتون الذي غالبه الألم، أظهر أسىً على الحال الصعب الذي انتهت إليه الحرف الشعبية في البحرين، وقال «كقلاليف، لنا الريادة خليجيّاً، بل نحن من علَّم دول الخليج هذه الحرفة، عدا عمان، لنصل إلى اليوم الذي بات الحال فيه معكوساً، إذ نرى ازدهارها في قطر والكويت والإمارات، واحتضارها هنا في البحرين».
وأضاف «من يرحل من القلاليف، لن يأتي غيره، فللحرفة المنقولة عن الأجداد والآباء أسرارها التي لا يمكن معرفتها إلا عن طريق أساتذتها».
وتابع «كل الدول تحافظ على تراثها إلا البحرين، فالكويت قبل 20 سنة، تبقَّى لديها 4 أساتذة في حرفة القلافة، وحين زارهم وزير التجارة الكويتي أمر بتكريمهم عبر تكفل الدولة برعايتهم وبأجورهم».
ولا تتجاوز أعداد أساتذة «القلافة»، اليوم، أصابع اليد الواحدة، تشرَّب جميعهم حب الحرفة منذ الصغر، عشقوها، وظلوا أوفياء لها لأكثر من نصف قرن من الزمان.
وبحسب حديث «القلاّفة»، فإن بداية تراجع حال الحرفة التي أكسبت ممتهنيها عزّاً يغادر هذه الأيام، تركزت في مطلع التسعينات، تحديداً بعد ظهور السفن المصنعة من «الفايبر كلاس»، وتزامن ذلك مع ضعف الاهتمام الرسمي تحديداً في تنقلنا من مكان إلى آخر، ما أدى إلى تراجع أعداد الأيدي العاملة الراغبة في العمل في هذه الحرفة.
على ذلك يعلق التيتون: «في كل مرة يتم نقلنا من موقع إلى آخر، حتى بات حال الحرفة غير مستقر، وغير قادر على اجتذاب الأيدي العاملة إليها، فموقعنا على سبيل المثال في منطقة النعيم تم إغلاقه، كما أن لوازم الصناعة اليوم قليلة، بما فيها الخشب الذي كنا نجلبه من الهند قبل المنع».
أما القلاف محمد إسماعيل، الذي امتهن «القلافة» منذ صغره، فيقول: «في السبعينات والثمانينات كانت البحرين مركزاً لصناعة السفن بالنسبة إلى بقية دول الخليج، بما في ذلك عمان على رغم شهرتها بصناعة السفن، وكذلك الكويت ذات التاريخ الحافل بصناعة «الأبوام» (جمع بوم).
وأضاف «طلبتني دولة قطر رسميّاً، للعمل كمشرف على صناعة السفن القديمة، لكني رفضت، والسبب حاجة صناعة «المحمل» إلى التركيز والمتابعة طوال مدة صناعته، حتى يأخذ تفكير القلاف ليل نهار»، لافتاً إلى أن صناعة «المحمل» في السابق تستغرق 3 أشهر فقط، لكنها اليوم تتطلب على أيدي العمالة الآسيوية، والتي يصعب عليهم فهم أسرار الحرفة، عاماً كاملاً.
وفيما يتعلق بالوعود الرسمية الخاصة بتحديد موقع لـ «القلافة»، قال إسماعيل: «على فترات مختلفة، كانت هنالك وعود وجهود، من بينها تخصيص موقع لحرفيي الصناعات القديمة في عراد بالقرب من المدرسة، ووعود بتخصيص موقع عند قلعة البحرين، كمنطقة تراثية، لكن كل ذلك ظل حبراً على ورق، وقبل شهر جاءنا مندوب البلدية ولا تفاصيل توضح سبب الزيارة، في ظل مطالب بضرورة تبليط الشارع الواصل إلى مواقع عملنا».
ولا يتفق سيدهادي العبار، مع من يرى منطقية اندثار الصناعات القديمة، حيث يقول: «ليس صحيحاً الإشارة إلى أن صناعة السفن القديمة لم تعد مناسبة لهذا الزمن، والدليل على ذلك ازدهارها في بعض دول الخليج، من بينها قطر التي تعمل على استقطاب القلاليف والحدادة، وتقدم رعاية للصناعة التي تمثل عنصر جذب للسياح الأجانب الراغبين أساساً في التعرف على تاريخ بلداننا وتراثها».
وينتقد «القلاليف»، اهتمام هيئة البحرين للثقافة والآثار بالمهرجانات وصرف الأموال الطائلة عليها، في الوقت الذي تواجه فيه مطالب حماية الحرف الشعبية بالإهمال، على حد قولهم.
عن ذلك، يقول القلاف عبدالله نور: إن «جهات رسمية عديدة زارتنا هنا في الموقع، ومن الجميع كانت المحصلة صفر، والذريعة هي تداخل عملنا مع اختصاصات هذه الجهات والوزارات بما في ذلك هيئة البحرين للثقافة والآثار، وزارة التجارة والصناعة، ووزارة الأشغال وشئون البلديات والتخطيط العمراني»، مشيراً إلى أن «ضعف الصلاحيات عقبة أخرى تواجه من يتعاطف معنا ويسعى إلى تلبية الحد الأدنى من مطالبنا».
وأضاف «في كل عام يذهب البحرينيون إلى المشاركة في مهرجان قطر السنوي للسفن القديمة، وجاءنا مندوبو الهيئة للحيلولة دون مشاركتنا في المهرجان على أن يتم دعمنا وحتى اليوم لا نتيجة تذكر».
ويحمّل «القلاليف»، هيئة البحرين للثقافة والآثار مسئولية تبني مشروع إنقاذ حرفتهم، والذي تتشابك في تنفيذه جهات رسمية متعددة، بما فيها هيئة صندوق العمل (تمكين) التي واجهت طلبات دعم القلاليف والحدادة، بالرفض دون إيضاح الأسباب.
ويصنع «القلافة» 13 نوعاً من السفن القديمة، وسط مطالبات بضرورة إنشاء متحف وصناعة سفينة باسم البحرين على غرار ما أنجزته بعض دول الخليج.
العدد 4768 - السبت 26 سبتمبر 2015م الموافق 12 ذي الحجة 1436هـ
بحريني اصلي
اذا حافظوا على هذي المهنه بيترسخ تاريخ البحرين، بس خطه السلطة محو اي تاريخ يثبت عراقة و اصالة هذا الشعب
الهدف ان تندثر الصناعة
ومن ثم يضعون نماذج في المتاحف يتفاخرون بها و يتحسرون عليها !!! لانكم مو من جماعتهم ، جان نظموا ليكم مهرجانات و عطوكم مرقع للحرفه
خسارة على مهنة الأجداد
الغرب انبهروا لقدرة القلاليف على صنع السفن بكل مهارة بدون خرائط و للأسف لا يوجد اهتمام بالحرفة و التراث