الفساد آفة يعاني منها العالم في جميع جوانب الحياة، ولكنه في النواحي المالية والإدارية يزداد بل ويكون غولاً يحتاج إلى قرارات صعبة ومحاربة حقيقية في دول العالم الثالث الذي يعاني الكثير جراء الأزمات التي يكون سببها الرئيسي الفساد.

في أي بلد أو أي مؤسسة أو حتى برادة أو أصغر منها فإنه لا يمكن لها أن تنطلق نحو النمو الحقيقي الذي يمكنه أن يواجه الأزمات دون أن يكون العمل فيها وفق قانون يعتمد الاشتراطات اللازمة لمحاربة الفساد، وأولها وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، لأن الفساد يبدأ بتعيين الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب.

والفساد يتضح أكثر عند الأزمات المالية، ويكون تأثيره أكبر بكثير من أوقات الوفرة المالية. وهذه القاعدة لا يمكن أن تختلف من مكان لآخر.

إن أي عملية للتنمية أو محاولة لسد العجز في أي موازنة والحال هو حالنا في البحرين دون أن تقوم السلطات المعنية بوقف الفساد فسيكون كمن «يحاول أن يملأ قارورة ماء وهي مثقوبة، فإذا كان الماء المسكوب بكميات كبيرة جداً فإن ملاحظة هذا الأمر تكون أقل من حالة كون الماء المتدفق قليلاً»، ولأننا وطوال الفترات الماضية ورغم تدفق الوفرة المالية جراء أسعار النفط أمكننا ملاحظة وجود الفساد بشكل أثر ويؤثر في جميع الملفات الخدمية وغير الخدمية فما بالك بانحسار الوفرة المالية وإقبال السنوات العجاف.

لا إصلاح دون وقف الفساد، ولا تنمية دون وقف الفساد، ولا يمكن الحديث عن تقشف حقيقي دون محاربة الفساد ووقفه، ولا يمكن إقناع الناس دون وقف الفساد، ولا يمكن إدارة أزمة تراجع أسعار النفط دون وقف الفساد، ولا يمكن حل المشكلات الخدمية دون وقف الفساد، والقائمة تطول.

لذلك كله، فإننا نصل إلى نتيجة حتمية بأنه لا يمكن مواجهة انخفاض أسعار النفط ومواجهة المشكلات كافة سواء الاقتصادية والاجتماعية وقبلهما السياسية دون محاربة الفساد، ومحاربة الفساد تتطلب إصلاحاً شاملاً قائماً على العدالة في كل شيء وأولها توزيع الثروة.