من أهم أسباب النجاح التركيز على الهدف والسعي إلى تحقيقه بشكل واضح، فتحديد الهدف وكتابته بتفاصيله يسهم في الوصول إليه على رغم كل ما قد يعترض الطريق من صعاب وعثرات وحواجز.
يروى أن أحد الرماة قام بإطلاق سهمه إلى هدف محدد مرتين من المكان نفسه وبالسرعة نفسها وبالسهم والقوس نفسيهما أمام جمهور غفير في يومين مختلفين، في المرة الأولى لم تكن هناك جائزة مرصودة للرامي الذي سيصيب الهدف، وفيها أصاب هدفه، أما في المرة الثانية فقد تم رصد جائزة ذهبية لمن يصيب الهدف، لكنه أخفق. فسئل أحد الحاضرين عن السبب وكان حكيماً فأجاب: في المرة الأولى كان الهدف هو غاية الرامي، وتركيزه كان منصبّاً عليه دون سواه، فاستجمع طاقته وتركيزه فأصابه، أما المرة الثانية فكانت الجائزة هي الهدف الثاني الذي زاحم الهدف الرئيسي، فتشتت انتباه الرامي وبددت طاقته، فأخفق في الوصول إليه.
من المهم عند محاولة الوصول إلى هدف أن يتحد العقل والقلب والوسيلة والإصرار لتصبح شيئاً واحداً يمكن من خلاله تحقيق المُنى، ومتى ما اجتمع هؤلاء الأربعة فإن الوصول إلى المبتغى لن يكون مستحيلاً مهما تكن الطريق محفوفة بالحواجز والصعاب.
التركيز على الهدف يكمن في جعله أمام الأعين دائماً، ويفضل أن يكتبه مبتغيه كتابة تفصيلية، ليعيش أجواء تحقيقه ويشعر بسعادة الوصول إليه ولو في الخيال، كي يسعى إليه بعقل واعٍ وبعقله اللاواعي.
أن يكون الهدف واضحاً، يعني ألا يتشتت المرء بين أكثر من هدف رئيسي، أن يضع أمامه هدفاً واحداً يسعى إليه، ومتى ما تحقق انتقل إلى غيره بقلب سعيد، وعقل مركز عليه، بعد أن نال مطلبه الأول. وأن يكون الهدف واضحاً يعني ألا نلتفت إلى المغريات التي قد تطفو على السطح أثناء رحلة تحقيقه؛ فالمشتتات كثيرة، والسلبيون من حولنا كثيرون، وما سنواجهه في الحياة أصعب بكثير مما نرسمه في الخيال دائماً.
ومن الضروري أن نعرف دائماً أن الوصول إلى الأهداف بحاجة إلى وسائل يجب ألا تتحول إلى أهدافٍ بحد ذاتها؛ إذ كثيراً مَّا تتحول وسائلنا إلى أهداف تُشتت ما نرنو إليه من أمور أكبر وأعمق وأهم.
هذه الوسائل هي مجرد أدوات قد تتغير بحسب أهميتها ودورها المنتظر منها، وقد نتخلى عن بعضها في منتصف الطريق حين لا تخدمنا بالشكل الصحيح، وحين تكون نتائج استخدامها أقل مما توقعنا، باعتبارها وسائل كانت مستخدمة لهدف أكبر.
وأخيراً، لكي نحقق هدفاً لابد أن يكون واضحاً أمامنا، غير مشوش، تستخدم لأجل الوصول إليه وسائل مناسبة، وأن يكون تركيزنا عليه لا على سواه.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4767 - الجمعة 25 سبتمبر 2015م الموافق 11 ذي الحجة 1436هـ