غداة لقائه مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، دعا البابا فرنسيس المشرعين الأميركيين أمس الخميس (24 سبتمبر/ أيلول 2015) خلال خطاب في الكونغرس إلى تحمل مسئولياتهم العالمية في مواجهة مخاطر تغير المناخ ورفض المهاجرين ومبيعات الأسلحة.
وحضر هذا الخطاب الذي استمر 55 دقيقة، والأول لحبر أعظم في الكونغرس، أكثر من 500 نائب وعضو في مجلس الشيوخ، بالإضافة إلى قضاة من المحكمة العليا وأعضاء من الإدارة الأميركية، بينهم نائب الرئيس جو بايدن. وقاطع الحضور البابا مراراً بالتصفيق.
ودان البابا فرنسيس «الأصولية سواء كانت دينية أو من أي نوع آخر»، محذراً من «المبالغة في التبسيط الذي يرى فقط الخير أو الشر، أو الأخيار والأشرار».
وأضاف أن «العالم المعاصر، بجروحه المفتوحة، يتطلب منا أن نواجه كل أشكال الاستقطاب».
وكانت نبرة الخطاب تصالحية، واضعة مجلسي الكونغرس في مصاف الأهمية نفسها.
ودعا البابا فرنسيس أيضاً إلى «القضاء على الأشكال الجديدة للعبودية»، والتعامل مع «أزمة لاجئين لا سابق لها منذ الحرب العالمية الثانية». كما دعا إلى «إلغاء عقوبة الإعدام بشكل تام» في العالم.
وبعدما أثنى على الكونغرس واصفاً إياه بـ «دار الرجال الشجعان» في بداية كلمته، استذكر الحبر الأعظم مشاهير الأميركيين، من أمثال إبراهام لينكولن، ومارتن لوثر كينغ، قائلاً: إن «أميركا لاتزال بالنسبة إلى كثيرين أرض الأحلام». واختتم البابا كلمته بـ «بارككم الله»، حيث 90 في المئة من المشرعين مسيحيون.
وكان استقبال الجمهوريين، الذين يشكلون غالبية في الكونغرس، مهذباً، ولم يظهروا معارضتهم إلا نادراً، حيث رفضوا على سبيل المثال التصفيق لحديث البابا بشأن موضوع البيئة. لكنهم رحبوا بشدة بمروره على قضية العائلة، «المهددة»، وحماية الحياة «في كل مرحلة» في إشارة إلى الإجهاض.
وقال البابا: «لا أستطيع أن أخفي قلقي على العائلة المهددة أكثر من أي وقت مضى من الداخل والخارج».
ووصل البابا إلى الكونغرس في نحو الساعة (14:00) بتوقيت غرينتش، وألقى خطابه بلغة انجليزية صعبة، طغت عليها اللكنة الأرجنتينية.
واقتصاديا، أكد أن «الصالح العام يشمل الأرض»، مشدداً على أن للولايات المتحدة والكونغرس ذي الغالبية الجمهورية «دوراً مهمّاً» في مواجهة تغير المناخ.
وقال: «لقد حان الوقت لاتخاذ إجراءات واستراتيجيات شجاعة». موضحاً البابا أنه يؤيد السعي إلى حل التوترات الدولية، في إشارة إلى كوبا وإيران.
كما طلب إيجاد سبل لوضع حد لتجارة «الأسلحة الفتاكة التي تباع لأولئك الذين يخططون لإلحاق معاناة لا توصف» بالشعوب.
وبعد ذلك، توجه البابا إلى شرفة الكابيتول لإلقاء التحية على حشد من 50 ألف شخص تجمعوا أمام المبنى لاغتنام الفرصة الأخيرة لرؤيته قبل مغادرته إلى نيويورك.
وقال البابا مبتسمًا حيث بدا عليه التأثر للترحيب الحار: «إن أهم الأشخاص هم الأطفال! اسأل الله أن يباركهم. أن يبارك هذا الشعب، أن يبارك كل إنسان، ويبارك العائلات. وأنا أيضا اطلب منكم أن تدعوا لي. وإذا كان أحدكم غير مؤمن، فاطلب منه التمنيات الطيبة».
العدد 4766 - الخميس 24 سبتمبر 2015م الموافق 10 ذي الحجة 1436هـ