العدد 4765 - الأربعاء 23 سبتمبر 2015م الموافق 09 ذي الحجة 1436هـ

عيدكم مبارك

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

تحتفل الأمة الإسلامية اليوم بعيد الأضحى المبارك، العيد الذي علمنا منذ الصغر معنى التضحية والإيثار، ونحن نزرع أضاحينا (الحية بية) بأيدينا ونسقيها حتى تكبر، ومن ثم نلقيها في البحر والسعادة تغمرنا؛ لأن الأسماك ستجد وليمة كبرى في يوم العيد. تعلمنا التضحية بما صنعنا بأيدينا وما زرعنا ورعينا، وكنا نراها كل يوم تكبر أمام أعيننا ونتباهى، من منا استطاع أن يحسن رعايتها أكثر فأصبحت أجمل وأطول من أضاحي غيره، لنرميها في البحر الذي سيوصلها إلى أسماكه.

وتعلمنا الإيثار حين كنا نجمع (العيادي) ونوزع منها على إخوتنا وأصدقائنا وخصوصاً من لم يستطع الحصول على مبلغ كاف لشراء لعبة من دكان الحي، أو نعطيها لأهالينا بعد أن ينفد ما جهزوه من نقود لأطفال الجيران قبل أن يعلن أذان الظهر انتهاء وقت المعايدة.

كنا ننتظر العيد بشغف؛ كي نستطيع أخيراً شراء ما تمنينا طويلاً بنقود نحن جمعناها بعرقنا وتعبنا ونحن نمر ببيوت الحي بيتاً بيتاً بمتعة وبراءة طفولية نغني خلالها أهازيج العيد في طقوس جميلة لا يحلو العيد إلا بها، ثم نجلس على عتبة المنزل في منتصف النهار لنفرغ محتويات حقائبنا أو جيوبنا فلساً فلساً وعلامات الفخر تعلو وجوهنا كلما اضفنا ديناراً إلى المبلغ.

هذه الطقوس التراثية كانت جزءاً من ثقافة وتراث وعادات أسست بداخلنا معاني جميلة، وأضفت على ذاكرتنا ابتسامات وضحكات، بتنا نفتقدها كثيراً، ونحن نرى الأجيال الجديدة تهملها ولا ترغب في أدائها، بعكس فرحتنا بها.

كثيرٌ من الأطفال أصبحوا اليوم يشعرون بالملل ويتكاسلون عن أداء طقوس العيد هذه التي اشتهرت بها المنطقة، يتذرعون بحرارة الجو تارة والملل تارة أخرى، وتارات يعللون عدم رغبتهم بأداء هذه الطقوس بأن ما يجنونه من مال لا يساوي تعبهم، وأن بإمكانهم الحصول على أضعاف هذه المبالغ كل يوم.

الطفل اليوم بات أسيرًا لدلال أهله، وراحته التي وهبته إياها التكنولوجيا الحديثة، حتى بات لا يشعر بالسعادة وهو بعيداً عنها، ولا يمكنه أن يستشعر قيمة المال أو الجهد المبذول في مزاولة عادة تراثية جمالها في طقوسها لا في مردودها المادي.

نعرف تماماً أن لكل عصر جماله، ولكل وقت مميزاته، لكن هو الحنين الذي يجبرنا على تذكر هذه العادات والرغبة في المحافظة عليها؛ لأنها جزءٌ من تاريخ وتراث ووطن نعشقه، وزمن نتمنى لو أنه يعود ببساطته وجماله ومميزاته.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4765 - الأربعاء 23 سبتمبر 2015م الموافق 09 ذي الحجة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً