أنهت السوق العقارية المحلية الربع الثالث من العام الجاري على انخفاض في إجمالي قيمة صفقاتها بنسبة 18.0 في المائة، لتستقر عند 372.9 مليار ريال، مقارنة بنحو 455.0 مليار ريال لنفس الفترة من العام الماضي، ولتصل خسارة سيولة السوق العقارية إلى أكثر من 82.1 مليار ريال خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "الاقتصادية" السعودية اليوم الثلثاء (22 سبتمبر / أيلول 2015).
وتوزعت خسارة سيولة السوق العقارية خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري حسب القطاعين السكني والتجاري، بنسبة 17.3 في المائة للقطاع السكني الذي استقر عند 245.4 مليار ريال، مقارنة بأكثر من 296.8 مليار ريال لنفس الفترة من العام الماضي، وللقطاع التجاري بنسبة أكبر وصلت إلى 19.4 في المائة، ليستقر عند 127.5 مليار ريال، مقارنة بنحو 158.2 مليار ريال لنفس الفترة من العام الماضي.
وسجلت أعداد مبيعات العقارات للقطاع السكني انخفاضا بنسبة 8.0 في المائة طوال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، لتستقر عند 266.5 ألف عقار مبيع، مقارنة بأكثر من 289.4 ألف عقار مبيع للفترة نفسها من العام الماضي. وجاء أكبر الانخفاضات المقارنة حسب أنواع العقارات على حساب الفلل السكنية، التي انخفضت خلال الفترة بنحو 53.0 في المائة، مستقرة عند 1768 فيلا سكنية مبيعة، مقارنة بنحو 3754 فيلا سكنية مبيعة عن الفترة نفسها من العام الماضي، تلاها في نسبة الانخفاض العمائر السكنية بنسبة 51.3 في المائة، فالأراضي الزراعية بنسبة انخفاض 41.2 في المائة، وأخيرا قطع الأراضي السكنية بنسبة انخفاض بلغت 11.0 في المائة، فيما سجلت مبيعات البيوت والشقق السكنية ارتفاعات معاكسة عن نفس الفترة، بلغتا حسب الترتيب 68.3 في المائة ونسبة 10.8 في المائة على التوالي.
أداء السوق العقارية خلال الأشهر التسعة الأولى من 2015
تعكس كل تلك التطورات السائدة على السوق العقارية، حجم التأثر الكبير بعديد من العوامل المسيطرة على أدائها طوال الفترة الأخيرة، لعل من أبرزها العوامل التالية:
(1) التراجع الكبير الذي طرأ على أسعار النفط بنسب وصلت إلى 60 في المائة خلال أقل من عام، وهو المتغير الثقيل الوزن بالنسبة إلى تدفقات السيولة على الاقتصاد الوطني، عبر الإيرادات النفطية، وارتباط مستوى الإنفاق الحكومي وتأثر مستوياته بالتغيرات الطارئة على الأسعار.
(2) بدء التطبيق الفعلي لأنظمة التمويل العقاري من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي منذ التاسع من تشرين الثاني (نوفمبر) 2014، ومن أهم بنودها اشتراط ألا تتجاوز قيمة التمويل 70 في المائة من إجمالي قيمة العقار الممول (يتحمل المشتري دفع 30 في المائة)، وهو الشرط الأساسي لحماية القطاع المصرفي المحلي من مخاطر التذبذبات المحتملة على أسعار الأصول العقارية باختلاف أنواعها، التي بدأت تتساقط عن مستوياتها المرتفعة سعريا التي وصلت إلى ذروتها مع منتصف عام 2014.
(3) إعلان موافقة مجلس الوزراء على توصية مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بإقرار الرسوم على الأراضي البيضاء في تاريخ 23 آذار (مارس) 2015، التي يستهدف مشروعها الرئيس تفكيك تكتلات الاحتكار الكبيرة الحجم على الأراضي داخل المدن والمحافظات، والحد من المضاربة المحمومة على المساحات المحدودة من الأراضي القابلة للبيع والشراء، التي أفضت طوال العقد الزمني الماضي إلى ارتفاع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة، خلفت وراءها آثارا سلبية على الأداء الاقتصادي الكلي، وتسببت في ارتفاع معدلات التضخم، أدى إلى زيادة أعباء تكلفة المعيشة على الأفراد من مواطنين ومقيمين على حد سواء، هذا عدا تأثيره السلبي في رفع تكلفة التشغيل والإنتاج.
(4) بدء المالية الحكومية في الاقتراض الداخلي لتمويل عجز الميزانية، وهو الأمر الذي لا يشكل عبئا في الوقت الراهن على الميزانية الحكومية قياسا على تدني الدين العام الحكومي، بقدر ما إنه سيكون منافسا قويا على السيولة المحلية المتراكمة لدى القطاع المصرفي، سيحد كثيرا من مرونة إقراض القطاع الخاص مقارنة بالأعوام الماضية.
بالنظر إلى تلك التطورات والعوامل الأكثر سيطرة على اتجاهات السوق العقارية خلال الفترة الراهنة وفي المستقبل المنظور، يتوقع مع استمرار تأثير تلك العوامل، بل ودخول العامل الثالث (الرسوم على الأراضي البيضاء) موضع التطبيق قريبا، أن يتزايد تأثر أداء السوق العقارية بتلك العوامل، وأن تستمر مستويات الأسعار السوقية في تسجيل انخفاضات أكبر مما سجلته حتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري (سيتم إيضاحها في الجزء الأخير من التقرير)، وهو السيناريو الذي سبق الحديث حوله بكثير من التفصيل عبر هذا التقرير العقاري الأسبوعي.
تكمن أهمية قراءة تلك التطورات وقياس درجة تأثرها بالعوامل المسيطرة على أداء السوق العقارية بصورة مستمرة، في تقديم أهم محددات اتخاذ قرارات الأفراد بالشراء أو البيع، والوصول إلى مستويات أفضل من حيث المعلوماتية، مقارنة بحالة غياب البيانات والمؤشرات التي طغت على أداء السوق العقارية طوال أعوام مضت، تم ملء فراغها بكثير من الشائعات والتوصيات المعلومة الأهداف، التي لم تكن تخدم سوى المستفيدين حصرا من ديمومة حياة التشوهات الكبيرة في السوق، في الوقت ذاته لم يكن يدفع الثمن باهظا سوى الأفراد.
السوق العقارية تسير في الوقت الراهن نحو مزيد من عدالة الأسعار، ونحو مزيد من الشفافية التي يؤمل انعكاس إيجابياتها على تحسين الأداء الاقتصادي الكلي، وعلى خفض تكلفة المعيشة على الأفراد، إضافة إلى خفض تكلفة الإنتاج والتشغيل، وحينما تسجل الأسعار المتضخمة للأصول العقارية مزيدا من الانخفاض عاما بعد عام، وتعود إلى مستوياتها العادلة، حتى إن وصلت نسب التراجع السعرية إلى أكثر 50.0 في المائة وصولا إلى 75.0 في المائة، فإنه يعد أمرا إيجابيا سيعزز من الاستقرار الاقتصادي والمالي والاجتماعي، بعيدا عن مزاعم المدافعين عن تفاقم الأزمة العقارية والإسكانية، الذين انحصرت في حساباتهم فقط عوائد تلك الارتفاعات القياسية للأسعار، وكل ذلك تحقق على حساب مقدرات الاقتصاد الوطني والمجتمع.
تغيرات مستويات أسعار الأصول العقارية
نتيجة لتلك التطورات السابقة أعلاه، سجلت أسعار الأصول العقارية نسبا متفاوتة من الانخفاضات للربع الثاني على التوالي، ووصلت نسبة الانخفاض في المتوسط العام لأسعار المساكن خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري إلى 16.8 في المائة، مقارنة بمستوياتها التي كانت عليها لنفس الفترة من العام الماضي. فيما سجل المتوسط العام لأسعار قطع الأراضي السكنية انخفاضا أكبر، وصلت نسبته إلى 18.4 في المائة لنفس الفترة المقارنة، وجاءت نسبة الانخفاض الأكبر على حساب الأراضي الزراعية خلال الفترة نفسها، التي سجلت نسبة انخفاض وصلت إلى نحو 37.0 في المائة، وهو ما يعكس قوة تأثير طابع المضاربات في السوق العقارية في ذلك النوع من الأصول العقارية.
يتوقع مع دخول السوق العقارية الربع الرابع من العام الجاري، وتحت استمرار سيطرة العوامل الرئيسة المتحكمة في أداء السوق خلال الفترة الراهنة، وتوقعات إعلان مجلس الوزراء آليات فرض الرسوم على الأراضي البيضاء خلال الربع الأخير، أن تزداد الضغوط بصورة أكبر على أداء السوق، وتحديدا على مستويات الأسعار السوقية، وهو الجانب الأهم بالنسبة إلى الأفراد وأطراف السوق العقارية. وكما تظهره المؤشرات الاقتصادية والمالية المرتبطة بتلك العوامل المسيطرة على أداء السوق، لا يُرى أي تغيير منظور في اتجاهاتها، بقدر ما أنها تتجه إلى الاستمرار والتوسع في مساراتها الراهنة، وبقدر ما أنها استطاعت التأثير بتلك الصورة الراهنة في أداء السوق العقارية مع أول عام لها، فلا شك أن تأثيرها مع استمرار أوضاعها، ومع دخول العامل الثالث (الرسوم على الأراضي) مرحلة التطبيق، أن حالة تأثيرها في السوق العقارية ستكون أكثر قوة وأوسع انتشارا، وهو ما يجب معرفته والتأكد منه بالنسبة إلى الأفراد، كونهم الطرف الأكثر استفادة مما يجري على أرض الواقع الآن، وفي المستقبل المنظور.
ومتى
تنخفض اسعار الاراضي في البحرين