بعد دقائق من صدور الأمر الملكي بتشكيل حكومة مصغرة لحل المشكلات المالية في البلد يوم الخميس الماضي، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالتفاعل والتعليق على هذا الخبر بجرأة وصراحة وشفافية منقطعة النظير، ومن موقع العارفين والمطلعين على بواطن الأمور، فهناك استحقاقات تنتظر طرفي المعادلة حكومة وشعباً في ظل تراجع خزينة المال وذلك يتأتى عبر حل شامل سياسي واقتصادي وأمني واجتماعي يقوم على الانفراج والانفتاح ويعتمد مبدأ التوزيع العادل للثروة المتراجعة وإدارتها باقتدار وحيوية وشفافية.
هذا يوم متوقع ولم يأتِ صدفة، وقد بدأت علاماته منذ بدأت أسعار النفط في الانخفاض شيئاً فشيئاً فظهر العجز في الموازنات وتصاعد الدين العام واستيقظنا على استحقاقات جديدة لم يعرفها المواطن قبلاً كرفع الدعم على اللحوم والمحروقات والكهرباء وزيادة الرسوم في شتى القطاعات.
ولا مناص من القول أن الأزمات الاقتصادية ذات أبعاد سياسية أيضاً، وهي تقتضي إدارة البلد من منظور مختلف والذهاب عميقاً إلى أوجه الاستنزاف المالي الحقيقية للموارد لا لتلافي العجز الحالي في الموازنة فحسب، ولكن من أجل الحلول المستدامة التي تنهض على التخطيط المستقبلي، والبحرين أنجزت الرؤية الاقتصادية 2030 منذ عام 2008 بهدف الانتقال من اقتصاد قائم على الثروة النفطية إلى اقتصاد منتج قادر على المنافسة عالمياً، ثم لماذا نضطر إلى الاستعانة بالخبراء في كل أزمة طارئة طالما أن لدينا استراتيجيات جاهزة منذ سنوات؟
جدير بالقول أن معالجة الملف السياسي جذرياً كفيلة بحلحة الأمور وذلك عوضاً عن دفع الأموال الطائلة على الدراسات الخارجية، والخبراء الأجانب الذين يحبذون استمرار الأزمة من أجل استمرار وظائفهم، فنحن نعيش أزمة تجاوز عمرها الأربع سنوات واستتبعت أزمات أمنية واقتصادية وحقوقية، في بلد صغير ومحدود المساحة والموارد وقد تجاوز تعدادنا المليون (تعد غزة والبحرين أكثر بلدان العالم ازدحاماً) ولدينا سجون ربما فوق طاقة البلد، وتقارير دورية سلبية عن حقوق الإنسان، في المقابل لدينا مؤسسات وأجهزة ومكاتب علاقات عامة ورحلات سفر مجانية تستنزف الكثير من المال ولا تغير من هذه الصورة كثيراً، ولا تدفع باتجاه حلحة الأمور، كذلك لدينا جهاز مختص بمراقبة المال العام، وقد أنجز 12 تقريراً للرقابة المالية والإدارية، لكن المساءلة والمحاسبة واستعادة المال المهدور لم تحقق شيئاً، تماماً كما لم تحقق شيئاً لجنة التحقيق البرلمانية في أملاك الدولة، وكنا موعودين بأربع مدن إسكانية ضخمة لحل المشكلة الإسكانية وتراكم الطلبات التي ناهزت الـ50 ألف طلب وانتهينا إلى إنجاز عدد محدود من الوحدات لا تلبي عُشر الحاجة الأصلية والمتصاعدة سنوياً.
ويقول كثير من صغار الموظفين الحكوميين إنهم يعيشون في ظل مناخ تقتير وتقشف شديد منذ سنوات، وإن جيوب الهدر و «الإنفاق السايب» الكبيرة تفصلها سنوياً تقارير الرقابة المالية والحكومة أدرى بها، في إشارة إلى مغبة تحمل صغار الموظفين المزيد من الأعباء.
الاقتصاد والسياسة متلازمان ومعلوم أن الفساد والهدر والعجز الإداري والسياسي أكبر مهددات الأمن والاستقرار، ونحن مقبلون على تحولات كبيرة ليس في أسعار النفط فقط بل في التغييرات البيئية والمناخية عالمياً ومحلياً، وفي القلاقل السياسية والحروب في الإقليم وانعكاساتها على العالم، إن على صحافتنا أن تتناول هذه الأزمة وتناقشها وتحللها مع المختصين وتشرك المواطنين الذين ستطالهم آثار مرحلة التقشف بوصفهم شركاء فيها. هذه ليست أزمة حكومة أو أزمة مال واقتصاد فحسب إنما أزمة مجتمع أيضاً.
إقرأ أيضا لـ "عصمت الموسوي"العدد 4763 - الإثنين 21 سبتمبر 2015م الموافق 07 ذي الحجة 1436هـ
مقال رائع
مقال رائع ولامس الجرح إلا أن الاذان صماء!
احم احم
الموضوع مو بهذا الشكل ولا بهذا التعقيد ؟ انا عندي اصدقاء....
اقترحت عليهم انسوي جمعية على اعتبار ان احنا نقدر انغير للافضل بدل هرطقات النواب وشعارات الوفاق ؟
فقالوا ليي ويش لينا بوجع الراس وصراع الوجهاء وتكفير رجال الدين ؟
اخيرا اذا هذا جواب ناس وهم يعرفون بكل صغيره وكبيره في البحرين وما تمر به المنطقة من ازمة اقتصادية دون معرفتهم باوضاع الشعوب الاجتماعية شنو تتوقعين جوابي
إذا انحلة أزمة المجتمع كلشي بهون
فالاتحاد قوة والتفرقة ضعف
طرفي المعادله
يشتركان في الحل اذا كانت المعادله صحيحه اما اذا غيب احد طرفيها فالحل بيدمن غيب الطرف الآخر ولا يمكن لغيره حلها.
بواحمد
شكرا استاذة عصمت المقال رائع