لا أدري لماذا تحضرني شخصيّة المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان كلما تعلّق الأمر بحدث أو خبر عن دولة الإمارات العربية المتحدة؟ والخبر منذ أيام قليلة مؤلم وحزين؛ حيث فقدت الأسرة الحاكمة بإمارة دبي الشيخ راشد بن محمد بن راشد آل مكتوم، ابن حاكم دبي، إثر أزمة قلبية عن عمر يناهز الـ34 عاماً. وإذ نتقدّم بالتعازي إلى دولة الإمارات الشقيقة في مصابها الجلل، فإننا لا نستطيع أن نكبح جماح الذكريات باستحضار شخصية الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات وذلك في سياق بحثنا عن الشخصيات العربية المعاصرة التي كانت لها أيادٍ بيضاء في إرساء السلم الاجتماعي وتعزيز فرص التسامح والسلام على المستوى الوطني أو الإقليمي أو العالمي، ونبذ العنف والإرهاب بمختلف أشكاله، ولاشكّ أنّ الشيخ زايد علامة مضيئة إلى الأبد في هذا المضمار.
إنّ كتابة فصل واحد من فصول سيرة حياة الشيخ زايد تحتاج جهداً وبحثاً واستقصاء، لذلك لا نعتبر هذا المقال سوى شذرات من سيرة حياته، وتحديداً من زاوية خدمته، في حياته وبعد مماته، للسلام والتسامح والعيش المشترك. ولعلّ ذلك ما يجعل هذه الشذرات المختارة من حياته تتقاطر على غير تسلسل زمني كما عهدته كتابات السيرة، وإنما تستدعيها مواقفه الإنسانية وأعماله العظيمة التي لا يمكن الإحاطة بها في هذه المساحة الصغيرة، ولكن نبقى في أمس الحاجة إليها على أيامنا هذه.
نادى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، بإقامة اتحاد بين إمارات الساحل الخليجي كي تكون قادرة على مواجهة التحديات الجديدة بعد الجلاء البريطاني، مؤكداً بذلك إيمانه الشديد بقيم التعايش والتكامل، فكان التحول المصيري في الثاني من ديسمبر/ كانون الأول سنة 1971 في تاريخ منطقة الخليج العربي بشكل خاصّ والمنطقة العربية بوجه عام، حيث نجح الشيخ زايد، بحنكته وحكمته السياسية في بناء توافق الآراء ومن خلال التشاور، من إقناع جيرانه بأن قوتهم المستقبلية إنما تكمن في وحدتهم، وتُوّجَت جهوده القيمة وجهود إخوانه حكام الإمارات بالإعلان عن ميلاد وطن المحبة والسلام والتسامح، وطن يتعايش فيه المواطنون والمقيمون من مختلف الأجناس والأديان في بيئة مثالية للعيش الكريم والسعادة للجميع.
وأمّا على المستوى العربي والإقليمي فيكفيك أن تتذكر موقفه عندما اندلعت حرب أكتوبر/ تشرين الأول العام 1973 بين مصر والعرب ضد الكيان الصهيوني وحلفائه؛ فقد أعلن الشيخ زايد تأييد دولة الإمارات لمصر ودعمها في هذه الحرب، واتخذ الشيخان زايد وفيصل، خادم الحرمين الشريفين، أجرأ قرار عربي في ذلك الحين وهو قطع البترول عن الغرب، وقال الشيخ زايد وقتها: «ليس المال أو النفط العربي أغلى من الدماء العربية». ولايزال هذا الموقف يدوّي في آذان الجميع: تستكّ منه مسامع الغرب، وينتشي به العرب كلما تذكروه.
ولقد آمن الشيخ زايد - رحمه الله - أن السلام هو الطريق لتحقيق التقدم والتنمية في دول العالم قاطبة، فكان له إسهام كبير في مجال تعزيز وتعميق أسس السلام في العالم منطلقاً من رؤية إنسانية للعلاقات الدولية، فكانت دعوته المتكررة إلى نبذ الحروب والصراعات المسلحة، والحرص على حل أي مشكلة مهما كانت درجة تعقيدها أو تشابكها بالطرق السلمية، حتّى وصفه وزير الثقافة الفرنسي السابق فريديريك ميتران: «إن الشيخ زايد - رحمه الله - كان مثالاً عالمياً لرجل السلام الذى يمتلك رؤية واقعية قائمة على أساس تعزيز روح التعايش السلمى من خلال ترقية المصالحة ونبذ الخلاف والنزاع وكذلك بتعزيز موقف دولة الإمارات العربية المتحدة في العالم ما جعل بلاده تحقق نجاحاً باهراً على صعيد الدبلوماسية الدولية».
إننا وفي ظلّ الظروف الاستثنائية التي يشهدها العالم العربي خصوصاً، ومحيطه الإقليمي والعالمي عموماً، نظل في أمسّ الحاجة إلى استلهام فكر الراحل الشيخ زايد ومواقفه؛ إذ تعصف بالمنطقة العربية الاضطرابات والاحتقانات والحروب والتوترات الطائفية والعرقية ما يتطلب العودة إلى الاغتذاء من روح الشيخ زايد لتحقيق الاستقرار والأمن لمجتمعاتها. فالناظر إلى محطات مسيرته الزاخرة يجد أنّ مساعداته الإنسانية والخيرية السخية قد غطت شتى بقاع العالم وفي شتى المجالات التنموية وبناء المساجد وحفر الآبار وبناء المساكن وغيرها ولكنّها ركزت على مجال التعليم وذلك إيماناً منه - رحمه الله - بأن التعليم والتنمية هما اللبنة الأساسية في بناء المجتمعات والحفاظ عليها وخلق جيل معتدل يلتزم بمبادئ الدين الإسلامي المتسامح.
ومن مظاهر الاحتفاء بالشيخ زايد والاستفادة من تاريخه المجيد، بعد مماته، انعقاد أعمال مؤتمر «الشيخ زايد العالمي الثاني للسلام» تحت شعار «نهضة العالم من خلال السلام» أواخر العام 2014 بالهند. وقد أوصى المشاركون في المؤتمر بضرورة تبني تجربة حكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، ومبادئه والاستفادة منها في دعم شعوب العالم الفقيرة والمحتاجة، بصرف النظر عن الدِّين والعرق واللغة والجنس، انطلاقاً من مبادئ التسامح والحوار والعيش المشترك التي زرعها في أبناء وطنه؛ فقد نادى بالتسامح والحوار بدل الإقصاء، ودعا إلى التعايش السلمي والتنمية والتقدم والمساواة والعدالة مقابل الاحتراب الطائفي والديني والعرقي.
إنّ المجال لا يسع لاستعراض الأعمال الجليلة والمواقف العظيمة للشيخ زايد، لكن المجال هنا كافٍ للتذكير به، كلما ذُكرت الإمارات العربية المتحدة، والتأكيد على الحاجة الملحة إلى استحضار فلسفته السياسية والتنموية ونظرته الثاقبة ودعواته إلى السلام والتسامح والبناء بالأفعال قبل الأقوال.
إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"العدد 4763 - الإثنين 21 سبتمبر 2015م الموافق 07 ذي الحجة 1436هـ
رجل فطرته وبساطته بنت بلد يشار له بالبنان !!.
تستغرب من رجل بفطرته عمر الأرض والإنسان لم يكن الأمر يتوجب الشهادات العليا لبناء بلد وان كان لا غنى عن ذلك !! .
الشيخ زايد كان يراهن على اتكاله على الله وعزيمته الصلبة ونظرته الشفافة للأمور ولم يغفل الاستعانة بأهل العلم والمعرفة والتجربة .
مساء الخير
الله يرحمه برحمته راحوا الطيبين راحوا الرجال كلمه حق نعم لم يفرط بقطر أو بلد عربي قط مهما اختلفت وتعقدت الأمور والآن نراه السلطان قابوس بن سعيد الله يحفظه ويطول في عمره الرجل الحكيم المثالي نفس النفس ونفس المنهج لا نفظ ولا قصور ولا تكبر وعظمه المصلح التقئ المتسامح الحكيم المنصور بأذن الله تعالى
قول وموقف عظيم
وقال الشيخ زايد وقتها: «ليس المال أو النفط العربي أغلى من الدماء العربية». ولايزال هذا الموقف يدوّي في آذان الجميع: تستكّ منه مسامع الغرب، وينتشي به العرب كلما تذكروه.
أعلام في التسامح والسلام: الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حكيم العرب
إنّ المجال لا يسع لاستعراض الأعمال الجليلة والمواقف العظيمة للشيخ زايد، لكن المجال هنا كافٍ للتذكير به، كلما ذُكرت الإمارات العربية المتحدة، والتأكيد على الحاجة الملحة إلى استحضار فلسفته السياسية والتنموية ونظرته الثاقبة ودعواته إلى السلام والتسامح والبناء بالأفعال قبل الأقوال.
حكمة
حبّذا لو ساق لنا الكاتب بعضا من أقوال الحكيم و شذرات من فلسفته السياسية لنزيد علماً ببلاغته و فصاحته .