اعتبر وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس الأحد أن الدعم العسكري الروسي للنظام السوري يهدد بتوجه عدد أكبر من المقاتلين إلى سوريا وبضرب أي فرصة لتسوية النزاع ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة الشرق الأوسط اليوم الإثنين (21 سبتمبر / أيلول 2015).
وصرح كيري للصحافيين أثناء زيارة لبرلين بأن وزير الخارجية الألماني فرانك - فالتر شتاينماير وأنا «متوافقان على أن دعم روسيا أو أي بلد آخر المستمر للنظام، يهدد باجتذاب مزيد من المتطرفين وبتعزيز موقع (الرئيس السوري بشار) الأسد، وبقطع الطريق على حل النزاع».
وفي إطار تبرير التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا نفى نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد وجود قتال أرضي سوري - روسي «حتى هذه اللحظة»، لكنه أكد أن «أمن سوريا مرتبط بالأمن الروسي ثقافيًا وتاريخيًا ومصيريًا»، وأن «سوريا وروسيا مرتبطتان جغرافيًا ومصيريًا بعلاقة متجذرة في ضمير الشعبين».
ويأتي حديث المقداد التلفزيوني، ضمن حملة إعلامية بدأها وزير الخارجية وليد المعلم قبل عدة أيام لترويج وتبرير الوجود العسكري الروسي في سوريا. وقال المقداد إن «بعض الدول الغربية والعربية ظنت أن سياسة تغيير الأنظمة بات ممكنًا بسبب امتلاكهم للمال وشرائهم لذوي النفوس الضعيفة»، مؤكدًا أن الحرب على بلاده قد شُنّت بسبب «مواقفها تجاه الشعب الفلسطيني والمقاومة»، ومشددًا على أنه «لن يتم التخلي عن أي ذرة تراب في سوريا وسنعود كما كنا بهمة الشعب والجيش والرئيس السوري بشار الأسد».
بالتوازي مع تصريحات مسؤولي النظام حول إرسال روسيا لقواتها إلى الساحل السوري والشروع بإعادة تهيئة مدرج طيران بمطار حميميم العسكري في ريف اللاذقية، تقوم حسابات تابعة وأخرى موالية للنظام ببث تقارير عن أهمية التدخل العسكري الروسي في إنهاء الحرب بسوريا. وكتبت صفحة (دمشق الآن) بما يشبه زف البشرى للسوريين بانتهاء الحرب في سوريا، وقالت إنها تأمل أن يكون النبأ صحيحًا: «حول بدء العمليات العسكرية الروسية في سوريا خلال ساعات، والذي سيقلب موازين القوى 180 درجة لصالح بقاء النظام». هذا، بينما ينظر الشارع السوري إلى دخول القوات الروسية إلى سوريا بكثير من الاستغراب، لتنافي ذلك مع الثوابت التي دأب النظام السوري على الحديث عنها فيما يخص السيادة الوطنية.
وتبدي فاطمة، وهي مدرسة لغة وتصف نفسها مواطنة من الأغلبية السورية التي ملت الحرب، استنكارها قائلة: «لم تبق دولة في العالم لم تتدخل في الشأن السوري وفي صب الزيت على نار الحرب، إلا أن أحدًا لا يفكر جديًا بفرض حل، أي حل كان، لوضع حد لشلال الدم. ثم تخرج حكومتنا العاجزة حتى تأمين المياه للسكان، لتحدثنا عن السيادة!!». وتتابع بمرارة «لم يبق لنا سوى أن يقسموا بلادنا أمام أعيننا الساحل للروس ودمشق والمنطقة الوسطى لإيران والشمال لتركيا والأكراد، وباقي المناطق لتنظيم داعش، والشعب السوري تتقاسمه دول اللجوء».
أما أبو محمد وهو من الموالين للنظام، فقد بات مقتنعًا أن «سوريا اختفت والموجود الآن أجزاء منها ستتولى إيران وروسيا حمايتها لحماية من تبقى من السوريين فيها». إلا أن شابًا من الساحل متطوع في الدفاع الوطني بدمشق، أبدى اطمئنانه للتدخل الروسي، «لضرورة التوازن مع الوجود الإيراني». ويقول إن الإيرانيين وحزب الله متشددان دينيًا، بينما الروس منفتحون ومدنيون». كما يتحدث بثقة عن جبروت وقوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كقيادي عالمي «لا يعرف المزاح»، ويقول إنه إذا تعهد بإنهاء الحرب في سوريا والقضاء على «داعش»، فهو «يقول ويفعل. وليس كقوات التحالف التي لا تزال تلعب بالوقت الضائع».
وبالإضافة للترويج للتدخل العسكري الروسي، راحت وسائل إعلامية محلية محسوبة على النظام تروج لتحرك صيني عسكري باتجاه سوريا. وتداولت تلك الوسائل تقريرًا لوكالة «آكي» تضمن معلومات نقلتها عن مصادر مقربة من ميليشيا «حزب الله» اللبناني، قال إن «هناك تحركًا صينيًا عسكريًا على خط الأزمة السورية»، مشيرة أن هذا التحرك يتزامن مع آخر ما تقوم به روسيا في سوريا. ووفق المصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء، فإن هذا التحرك «ليس هامشيًا»، وأشارت إلى أنه سيتضح خلال فترة قريبة.
ورأى معارضون سوريون في تلك التسريبات، نشوء تحالف عسكري دولي بقيادة روسيا مناوئ للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية يقوم بتنفيذ عمليات عسكرية جوية في سوريا والعراق ضد تنظيم داعش، وأن التحالف الذي تتزعمه روسيا يدعم بقاء نظام الأسد في سوريا حماية لمصالحه. وتأتي هذه التسريبات متوافقة مع إرسال روسيا خلال الأسبوعين الأخيرين أسلحة متطورة وجنودًا وخبراء من الجيش الروسي إلى منطقة الساحل السوري، حيث توجد قاعدة عسكرية روسية في طرطوس وصل إليها مؤخرًا مقاتلون من موسكو. كما تم البدء بتجهيز قاعدة جوية متقدمة في مطار اللاذقية، وإنشاء مبان تتسع للمئات وإقامة برج مراقبة.
وتعقيبا على تلك الأنباء وإبداء الغرب تخوفه من التحرك الروسي، قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم في مقابلة خاصة مع قناة روسيا اليوم، إن هناك «شيئًا جديدًا يفوق تزويد روسيا لسوريا بالسلاح، وهو المشاركة في مكافحة (داعش) وجبهة النصرة، وهذا شيء أساسي».
ونوه بأن «هذا الشيء سيقلب الطاولة على من تآمر ضد سوريا.. هذا الشيء يكشف أنه لا يوجد للولايات المتحدة وتحالفها استراتيجية واضحة في مكافحة (داعش)، بدليل أنهم فهموا الرسالة الروسية، وأرادوا أن ينسقوا ويتعاونوا مع روسيا الاتحادية».